محمد رمضان العرجه يكتب / هوميروس وملحمته بين الأسطورة والحقيقة

كوكب الجغرافيا أبريل 10, 2020 أبريل 10, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

محمد رمضان العرجه يكتب / هوميروس وملحمته بين الأسطورة والحقيقة 


كتب : محمد رمضان العرجة
عند سلوكنا أسلوب ومنهج علماء الآثار والمؤرخين، نجد أن التاريخ اليوناني يبدأ كما تبدأ دراسة أى تاريخ لأى أمة، فمصر مثلا كنا لا نعلم عن تاريخها القديم شيئا، حتى كشفت الآثار عن الأثر الذى يبدأ به التاريخ المصري القديم، وهو لوحة الملك مينا (نعرمر)، ومن هنا بدأ التاريخ المصري، كذلك بلاد اليونان لم نعرف متى بدأ تاريخها، وهل كان لها تاريخ وحضارة قديمًا؟ كل هذه الأمور شغلت الدوائر العلمية سنوات طويلة، إلى أن اكتشفت هذه الدوائر العلمية قلب التاريخ اليوناني، وأعادت من جديد هذه الحوادث، وهذا الحدث هو اكتشاف ملحمة الإلياذة والأوديسا، التى نُسبت الى مؤلفها هوميروس، وقد أزاح هذا الحدث الستار عن حضارة اليونان القديمة، وعن طلائع التاريخ اليوناني، فلا يسعنا القول إن هذا الاكتشاف جعل البعض يقول إنها مبدأ التاريخ والحضارة الهللينية، فمنذ القرن السابع قبل الميلاد بدأنا نسمع كلمة Hellas، التى أطلقت على بلاد اليونان، ومؤلف هذه الإلياذة كما ذكرنا هو الشاعر هوميروس، وأمام هذا الشاعر نجد انفسنا مكتوفى الأيدى، ومعلوماتنا عنه بسيطة جدًا ، فلا نعرف متى عاش وأين ولد ومن هو والده، وهل كان شخصية حقيقية أم درب من الخيال؟
والذى زاد الأمر تعقيدا أن هذه الملحمة الشعرية الحماسية من النوع الموضوعى، فنجد الشاعر لا يكشف فيها عن ذاته، وإنما يذكر أمجاد أمة وبطولاتها، ويعدد انتصاراتها العظيمة، وهنا لا مكان لأحاسيس الشاعر ومشاعره الذاتية، بل اقتصر فيها على ذكر البطولات والانتصارات والأمجاد والهزائم، ومن هنا أصبحنا جميعًا في حيرة من هذا الشاعر العظيم الذي تنازعت على انتسابه لها كل المدن اليونانية حتى يكون لها شرف هذا الانتساب.
لكننا بالنظر إلى المصادر الأخرى نجد أن مؤرخًا مثل هيرودت الذي عاش فى القرن الخامس قبل الميلاد، والذي يعد هو العصر الذهبى للحضارة اليونانية، ذكر أن هوميروس قد عاش قبله بأربعة قرون، أى فى القرن التاسع قبل الميلاد، ولكن المؤرخ هيرودت، الذي لا نختلف علي قيمته كمؤرخ ومصدرًا مهمًا نعتمد عليه، يجب أن نعرض رواياته التاريخية للنقد ونتأكد من صحتها ومقارنتها بالمصادر الآخرى.
ونتيجة للغموض الذي اكتنف الإلياذة ومؤلفها طُرحت عدة تساؤلات من بينها هل كانت الإلياذة من عمل رجل واحد أم أن مَن نظمها مجموعة من الشعراء؟
على أى حال لا نستطيع أن ننكر أن الإلياذة تعتبر سجلا وافيًا عبر عن الحضارة الهللينية، ويمكن أن نعتبرها بداية التاريخ اليوناني بل مصدرًا يمكن اللجوء إليه عند التعرض لفترة ماقبل التاريخ اليوناني، وموضوع الإلياذة يدور حول قصة من قصص الحرب، وهى الحرب التى قامت بين بلاد اليونان ومدينة طروادة، التى كانت تنافس المدن اليونانية فى ذلك الوقت، ولقد كان السبب المباشر لها هو حادث اختطاف الأميرة (هيللينا)، واستمر الأخيون (كما يذكرهم هوميروس وهم اليونانيون) يحاربون أمام أسوار طروادة عشر سنين، وفى السنة الأخيرة وقع نزاع بين أجاممنون وأخيليس، وقتل الامير الطروادى هكتور وفى النهاية سقطت مدينة برياموس (طروادة) بالحيلة والخديعة (حصان طروادة) حيث اختبأ الجنود فى حصان خشبى، إلى أن اطمأن الطرواديون وتحققوا من الفوز، فباغتهم الآخيون على حين غفلة ونالوا منهم ودمروا المدينة.
وعلى أى حال فهذه الملحمة تصور الانتصارات والبطولات ولا تقتصر على ذلك فقط بل تصور اشتراك الآلهة المختلفة فى الحرب، وكيف كان التأثير الديني كبير فى حياة الإغريق، وهذه الملحمة الحماسية اعتبرها الكثيرون أسطورة، وجاء أحد النقاد قائلا: إنه لم يولد الشخص الذي يمتلك كل هذ الخيال الواسع، بل يرجع ذلك إلى أن هناك حقيقة واقعة بالفعل وهي حدوث تلك المعارك والحوادث، وهذا الناقد هو شليمان الألمانى الأصل والأمريكى الجنسية، الذي طرح على نفسه سؤالا، وهو لماذا لاتكون هذه الحرب حقيقة تاريخية؟ وبالفعل مكث على إثبات تلك الحقيقة، ولجأ إلى المؤلفات الأثرية وبعد رحلة بحث طويلة أثبت صدق اعتقاده بعدما نال من سخرية الحكومات فى ذلك الوقت، وتوصل بالفعل إلى حقيقة هذه الحرب العظيمة وإلى مكان حدوثها، وارتفع شأنه واستطاع أن يبهر العالم، ويعد شليمان من واضعى اللبنات الأولى فى علم الآثار، واستطاع أن يثبت للجميع ان إلياذة هوميروس هى حقيقة واقعة عبرت عن حضارة عظيمة وشعب عريق، فليس من العجب إذًا أن يعتبرها اليونانيون سجلًا وافيًا لتاريخهم العريق .
وأصبحت الإلياذة والأوديسا موسوعة تاريخية يرجع إليهما الكُتاب والمؤرخون فى الكشف عن معالم الحضارة اليونانية؛ فهى سجل حافل وطويل عبر عن طبيعة الشخصية اليونانية، وكيف تطورت، لدرجة جعلت الشعوب الأخرى مثل الرومان تفخر بنسبهم إلى اليونانيين، كما سنرى بعد ذلك عند التعرض لإنيادة فرجيليوس .
لقد كان يطلق على اليونانيين اسم الآخيين، ومن حيث التسمية التاريخية لليونانيين فقد أطلق عليهم الرومان اسم الإغريق، حيث إن الرومان كانوا يطلقون اسم الجراكيين على السكان المجاورين لهم، وقد ظهرت كلمة إغريق فى القرن السادس والسابع قبل الميلاد، أما كلمة يوناني فهى تحريف لكلمة أيونيين، وهذا يوضح لنا أهمية أيونيا والساحل الآيونى فى التاريخ اليوناني .
ولقد مرت الحضارة اليونانية فى ثلاث أطوار وهى
1- الفترة القديمة: ونستطيع أن نطلق عليها الحضارة الهيلادية، والتى وجدت فى القرن السابع قبل الميلاد، وهذه الحضارة هى التى تنعكس فى الياذة هوميروس، ومن المدن التى تمثلها مدينة موكيناى، وكان القائد أجاممنون الذي تزعم حروب طروادة هو أمير موكيناى .
2- الفترة الوسيطة: وتسمى بالحضارة الهللينية والتى استمرت حتى القرن الرابع قبل الميلاد .
3- الفترة الأخيرة: وهى تمثل عصر الإسكندر الأكبر والتى يطلق عليها الحضارة الهللينستية والتى امتزجت فيها الحضارة اليونانية بالحضارات الشرقية فى ذلك الوقت .
وكل هذه تقسيمات واصطلاحات نستطيع أن نميز فيها بين عصور التاريخ اليوناني وملامح الحضارة اليونانية فى كل عصر، والتى كانت مرجعاً لباقى الحضارات الآخرى وخاصة الرومان كما ذكرنا من قبل، فحضارة اليونان استطاعت أن تفرض نفسها فى العالم القديم، ولكن هل بالفعل كانت حضارة نشأت من نفسها؟ أم أنها تأثرت بالحضارات الأخرى الى أن وصلت الى أوج ازدهارها؟


1- الفترة القديمة: ونستطيع أن نطلق عليها الحضارة الهيلادية، والتى وجدت فى القرن السابع قبل الميلاد، وهذه الحضارة هى التى تنعكس فى الياذة هوميروس، ومن المدن التى تمثلها مدينة موكيناى، وكان القائد أجاممنون الذي تزعم حروب طروادة هو أمير موكيناى .
2- الفترة الوسيطة: وتسمى بالحضارة الهللينية والتى استمرت حتى القرن الرابع قبل الميلاد .
3- الفترة الأخيرة: وهى تمثل عصر الإسكندر الأكبر والتى يطلق عليها الحضارة الهللينستية والتى امتزجت فيها الحضارة اليونانية بالحضارات الشرقية فى ذلك الوقت .
وكل هذه تقسيمات واصطلاحات نستطيع أن نميز فيها بين عصور التاريخ اليوناني وملامح الحضارة اليونانية فى كل عصر، والتى كانت مرجعاً لباقى الحضارات الآخرى وخاصة الرومان كما ذكرنا من قبل، فحضارة اليونان استطاعت أن تفرض نفسها فى العالم القديم، ولكن هل بالفعل كانت حضارة نشأت من نفسها؟ أم أنها تأثرت بالحضارات الأخرى الى أن وصلت الى أوج ازدهارها؟

جميع الحقوق محفوظة 
د.محمد رمضان العرجه

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/