أثر التغيرات المورفولوجية في النسيج الحضري على خصائصه التركيبية :دراسة عن منطقة أسواق الموصل القديمة

كوكب الجغرافيا سبتمبر 25, 2019 سبتمبر 25, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

أثر التغيرات المورفولوجية

في النسيج الحضري على خصائصه التركيبية
دراسة عن منطقة أسواق الموصل القديمة



ممتاز حازم الديوجي 

أستاذ مساعد

حسين سلمان عبد االله 

مدرس 

أياد وليد جلال 

مساعد مهندس 

قسم الهندسة المعمارية / كلية الهندسة / جامعة الموصل


المستخلص: 

  نمت المراكز الحضرية وتوسعت بشكل تدريجي وقد رافقت هذا النمو عمليات تجديد لأجزاء عديدة من هذه المراكز على مر الزمن. في العصور الماضية كانت الظروف والاحتياجات تتطور بشكل ضئيل وبطئ والمدن غالباً ما كانت تتغير بفعل الكوارث الطبيعية أو الحروب.

  أدى قيام الثورة الصناعية وما تلاها من تحولات تقنية مهمة في وسائل النقل إلى التأثير بشكل لا يقبل الجدل على المراكز الحضرية التاريخية وحيث عانت الكثير من التغيرات الشكلية المتمثلة بفتح الشوارع لمرور المركبات وبشكل مقحم وبدرجات متفاوتة من التعاطف مع خصائص هذه المراكز.

  ينطلق البحث من فرضية عامة مفادها أن الخصائص التركيبية للمراكز الحضرية القديمة وبضمنها التنظيم الفضائي قد تعرضت للتغيير بتأثير التغيرات الشكلية المتمثلة باختراق الشوارع لأجزاء هذا النسيج التقليدي. وبالتالي فإن الحاجة تكمن في ضرورة وجود تصور واضح ودقيق للتغير في خصائص التنظيم الفضائي للمراكز الحضرية والتاريخية والناجم عن هذه التغيرات الشكلية.هذا يستلزم بدوره تحديد وتوصيف خصائص هذا التنظيم الفضائي قبل حدوث هذه التغيرات وبعد حدوثها. 

  تم اختيار منطقة المركز التجاري القديم لمدينة الموصل كحالة دراسية . سوف يتم اعتماد منهجية قواعد تركيب الفضاء لأجل تحديد وتوصيف خصائص التنظيم الفضائي لهذه المنطقة قبل حدوث هذه التغيرات وبعد حدوثها وعبر ثلاثة مراحل زمنية اتسمت كل منها بتغيرات مورفولوجية معينة مع الاستعانة بالخرائط التوثيقية الخاصة بمنطقة الدراسة. 

الكلمات الدالة: النسيج الحضري, التنظيم الفضائي, مدينة الموصل, التغيرات المورفولوجية 

The Effect of Morphological Changes in Urban Fabric on its Syntactical Properties -A Case Study in Mosul Old Suq

Abstract:


 Urban centers had been grew and expanded gradually with a little renewal of their parts . In the past, this process was very slowly due to limited development in needs. Most renewal works occurred as a response to destruction caused by natural disasters or wars. This was true until the industrial revolution which was accompanied with a dramatic changes in transportation systems and the necessity to erect wide streets in most historic centers. In many cases ,these works did not take in consideration the importance of spatial attributes of such centers .

   Assuming that syntactical properties of any urban fabric – including the spatial organization - are related to its morphological attributes. This research tries to explore the impact of morphological changes in historic urban fabric ,which are represented mainly by the erection of streets , on its spatial organization. Such aim requires the determination of spatial organization attributes different periods depending on morphological changes in the fabric. 

  The old commercial center in Mosul – The Old Suq – is selected as a case study . Space syntax approach will be applied to determine the spatial organization attributes of this center in three sequential periods characterized by extreme morphological changes. 

Key words: Urban fabric, Spatial organization, Mosul city, Morphological Changes.

١ - المقدمة : 

١-١ توطئة 

  نمت المراكز الحضرية وتوسعت بشكل تدريجي وقد رافقت هذا النمو عمليات تجديد لأجزاء عديدة من هذه المراكز على مر الزمن في العصور الماضية كانت الظروف والاحتياجات تتطور بشكل ضئيل وبطيء والمدن غالباً ما كانت تتغير بفعل الكوارث الطبيعية أو الحروب.

   أدى قيام الثورة الصناعية وما تلاها من تحولات تقنية مهمة في وسائل النقل إلى التأثير بشكل لا يقبل الجدل على المراكز الحضرية التاريخية وتغيرت الكثير من معالمها وخصائصها ومن ضمنها التنظيم القضائي لهذه المراكز٠ هذا التأثير تمثل بفتح الشوارع لمرور المركبات وبشكل مقحم وبدرجات متفاوتة من التعاطف مع خصائص هذه المراكز

١-٢ مشكلة البحث: 

  إن الحاجة تكمن في ضرورة وجود تصور واضح ودقيق للتغير في خصائص التنظيم الفضائي للمراكز الحضرية والتاريخية والناجم عن التغيرات المورفولوجية المتمثلة باختراق الشوارع للنسيج الحضري التقليدي لهذه المراكز .هذا يستلزم بدوره تحديد وتوصيف خصائص هذا التنظيم الفضائي قبل فتح هذه الشوارع وبعد فتحها وقد تم اختيار منطقة المركز التجاري القديم لمدينة الموصل كحالة دراسية . 

١-٣ هدف البحث 

  يهدف البحث إلى تحديد التغير في خصائص التنظيم الفضائي للمراكز الحضرية التاريخية والنجم عن اختراق الشوارع لنسيجها الحضري التقليدي متخذا من المركز التجاري القديم لمدينة الموصل حالة دراسية .

٢ – الإطار النظري : 

٢-١ مفهوم المورفولوجية الحضرية : 

  إن مصطلح المورفولوجية Morphology ومن خلال اتفاق معظم الآراء يمكن تعريفه على أما . انه العلم الذي يختص بدراسة الشكل والهيأة مفهوم المورفولوجية الحضرية Urban Morphology فهو عبارة عن النسيج البنائي للمدن صغيرة أو كبيرة كانت ، وتشمل المخطط، الشكل، الوظيفة، والطرق التي بموجبها تتم دراسة هذا النسيج والتي تعبر عن أشكال المدن عبر المراحل التاريخية . ومن أوائل من تناول مفهوم المورفولوجية الحضرية هو ابن خلدون الذي أشار إلى أن المورفولوجية الحضرية هي ظواهر تتعلق ببنية المجتمع، وهي تحاول دراسة الظواهر التي تتصل بالسكان وأصول المدنيات وتوزيعهم على المساحة التي تشغلها والنظم التي تسير عليها المجتمعات في هجرة أفرادها وكثافتهم وتخلخلهم والمسائل التي تتعلق بتخطيط القرى والمدن، وقيام الأمصار والشروط التي تتعلق بمواقعها والوظائف التي تؤديها، وكذلك تعرض ابن خلدون إلى مقومات النظرية المورفولوجية التي تؤمن بتزاوج الإنسان ووحدة الفضاء، كما ربط بين الوظيفة والشكل بصورة واضحة، مؤكدا العلاقة الجدلية بين الاثنين (ابن خلدون ,١٩٦٠:١٦٠) وقد عرفه Carter بأنه دراسة الهيكل الحضري الداخلي للمدينة (General Structure)، وقد ربطه بثلاثة متغيرات هي الخطة أو المخطط (Plan) ،والنسيج الحضري (Urban Fabric)،  واستعمالات الأرض (Land use) ، إذ تتفاعل هذه المتغيرات فيما بينها لتنتج أشكالا ونماذج عديدة ومتنوعة لهيأة البيئة الحضرية، وأن ما يعطي للمدينة شكلها وخصوصيتها هو طبيعة العلاقة بين هذه المتغيرات (Carter,1982:236). 

  إن قواعد التنظيم الداخلة في إنتاج الشـكل الحضري مـن عنصـريه الأساسـيين (الكتلـة والفضاء) هي المؤثرة فـي اخـتلاف البيئـات الحضرية عن بعضها، وأن هذه القواعـد تـرتبط بمفهوم مورفولوجيـة الفضـاء الحضـري، وأن تحليلها ضروري لإمكانية المقارنة من خلاله بين الخصائص التنظيمية للأنظمـة المختلفـة وتهـتم معظم الدراسات المورفولوجية في دراسة العلاقة بين الكتل والفضاءات المحيطـة بهـا، ودراسـة تعريف الفضاء من خلال تقاطع وتراكب السطوح والجدران المحددة له، وكذلك دراسـة العناصـر المكونة للتنظيمات الفضائية، بوصـفها مـؤثرات ومنبهات حسية (33:1983,Steadman). وتعبر المورفولوجية الحضرية للمدينة عـن مظهرهـا، وهو الكل المرئي فيها بأبعاده الثقافيـة للمجتمـع الذي يعيش فيه الإنسان، ومن خلال ذلـك تعـد بمثابة مرآة لماضي المجتمع وأوضاعه المعاصرة .

  ويشير Hillier إلى أن مورفولوجية الفضاء تعني المجموعة الكاملة للعلاقات المتزامنة ضمن البيئة الشمولية لذلك الفضاء وبذلك فإن الدراسات المورفولوجية للهيكل الحضري للمدينة تعتبـر أن الخصائص التنظيمية تمثل منطلقا لتفسير التفاعل الاجتماعي الذي يجـري داخلها ، وهـي بـذلك تسهم في فهمها ككائن حي من خلال فهم تفاعل الوظيفة مع الشكل ، ومن ثم تفسير المدينة كإقليم مميزة وظيفيا وشكليا، وتسهم في إعطـــاء كل مدينة خصوصيتها (Hillier n,1984:50). 

  ومما سبق يمكن القول أن المورفولوجيـة الحضرية للمدينة، تعنـى بدراسـة الخصـائص التنظيمية لهيكلها الفضائي، وإنها تستند إلى قواعد يتشكل على أساسها الهيكل الفضائي الحضـري، ويلعب المجتمع بما يحمـل مـن قـيم وعـادات وحاجات وخصائص، الدور الكبير في صـياغتها من حيث مدى تأثيره وتأثره بالهيكـل العمرانـي للبيئة الحضرية ، ومـن ثـم صـياغة الشـكل الحضري لتلك البيئة بما يتناسب وذلـك التـأثير والتأثر. 




٥ – ٣ مناقشة نتائج الدراسة العملية: 

أولا : بالنسبة للمرحلة المورفولوجية الأولى تركزت الفضاءات ذات السيطرة الموضعية العالية في قلب المنطقة بالدرجة الأولى وفي أطرافها المرتبطة بالمدينة( الجامع الكبير والقلعة الداخلية ) بدرجة اقل , أما الفضاءات ذات التكامل العالي فتركزت بشكل واضح في قلب المنطقة وبالنتيجة فان نواة السيطرة الشمولية القوية وقعت في قلب منطقة السوق كم في الشكل (٢٠) وهذه الحالة تقترن بكون منطقة القلب خلال هذه المرحلة كانت الأعلى قيمة سواء من حيث معروضها السلعي أو قيمة الأرض وبدل الإيجار, مع ملاحظة انخفاض قيمة مؤشر الوضوحية خلال هذه المرحلة . 

ثانيا : بالنسبة للمرحلة المورفولوجية الثانية حدثت تغيرات طفيفة ولكنها محسوسة وحيث ظهرت انوية سيطرة موضعية جديدة ضمن فضاءات الشوارع التي فتحت خلال هذه الفترة مع احتفاظ أجزاء من منطقة القلب بسيطرتها الموضعية العالية وكذلك احتفظت معظم أجزاء منطقة القلب بتكاملها العالي إضافة إلى الشوارع المستحدثة وهذه تزامنت مع التعادل النسبي لكلا النواتين من الجانب الاقتصادي حيث احتفظت منطقة القلب بقيمتها وكذلك حظيت الشوارع المستحدثة بقيمة عالية سواء من حيث طبيعة معروضاتها أو سعر الأرض أو بدل الإيجار ومن الجدير بالملاحظة هنا تحول فضاء المنطقة المحاذية للسور إلى نواة سيطرة وتكامل عاليين وبالتالي شكلت قسما من نواة السيطرة الشمولية القوية وحيث بدأت بوادر الانتعاش التجاري ضمن هذا المحور وبشكل واضح بعد إزالة السور. أما نواة السيطرة الشمولية الضعيفة فتوزعت على محاور داخلية ثانوية وعلى المحور الذي يربط المنطقة بالجزء الجنوبي من المدينة والذي كان عبارة عن مساحات مفتوحة ومقابر خلال تلك الفترة . مع ملاحظة الارتفاع الكبير في قيمة مؤشر الوضوحية مقرنة بالمرحلة الأولى . 

ثالثا : بالنسبة للمرحلة المورفولوجية الثالثة حدثت تغيرات جذرية تمثلت بفقدان منطقة القلب لدورها كنواة للسيطرة الشمولية القوية بل أن الأمر تجاوز ذلك بتحول كثير من فضاءاتها إلى نواة السيطرة الشمولية الضعيفة . نواة السيطرة الشمولية القوية تركزت هنا وبشكل واضح في شارع غازي (الثورة) بينما فقد شارع نينوى في جزئه المحاذي لمنطقة الأسواق دوره كنواة للسيطرة الشمولية القوية وهذه الحالة مترافقة مع طبيعة النشاط الاقتصادي في كلا الشارعين وحيث وبإجراء دراسة استكشافية بسيطة لطبيعة هذا النشاط تمت ملاحظة تركز تجارة السلع الثمينة والمعمرة في شارع غازي في حين تركزت تجارة المواد الغذائية والبيع بالجملة في شارع نينوى مع ما يتبع ذلك من تغير بدلات الإيجار وقيمة الأرض . يلاحظ أيضا ارتفاع قيمة مؤشر الوضوحية مقارنة بالمرحلة السابقة . 

٦ – الاستنتاجات والتوصيات : 

٦ - ١ الاستنتاجات:

١- أدت التحولات التقنية في وسائل النقل إلى التأثير بشكل واضح على المراكز الحضرية التاريخية وبضمنها المركز التجاري القديم في مدينة الموصل وتغيرت الكثير من معالمها وذلك بفتح الشوارع لمرور المركبات وبشكل مقحم وبدرجات متفاوتة من التعاطف مع خصائص هذه المراكز مسببة فقدانها لأجزاء من نسيجها التقليدي. 

٢- أن المركز التجاري القديم لمدينة الموصل يبرز كحالة متميزة تخرج عن نطاق التعميم الشائع حول تركيب المدينة الإسلامية واتخاذ المسجد الجامع كنواة أساسية للنمو مما يمنح هذا المركز خصوصية معينة. 

٣- أثرت التغيرات المورفولوجية التي طرأت على المركز التجاري القديم لمدينة الموصل على خصائصه التركيبية متمثلة بخصائص بنية النظام الفضائي وباعتماد منهجية قواعد تركيب الفضاء لقياس هذه الخصائص وعبر مراحل زمنية للتغير المورفولوجي تميزت كل منها بتبدلات واضحة وحيث تمت عمليات فتح شوارع جديدة وإزالة أجزاء من النسيج التقليدي وهنا يمكن إجمال التغير في خصائص بنية النظام الفضائي بتبدل موقع نواة السيطرة الشمولية القوية وبشكل تدريجي حيث كانت هذه النواة متركزة وخلال المرحلة المورفولوجية الأولى في منطقة قلب السوق وانتقلت تدريجيا ومع التغيرات المتتابعة والمتمثلة بفتح الشوارع إلى مناطق حافات السوق وضمن فضاءات الشوارع المستحدثة لتتركز في المرحلة المورفولوجية الثالثة في شارع غازي ( الثورة) تاركة منطقة قلب السوق بشكل شبه كلي باستثناء محور واحد بل وتعدى الأمر هذه الحالة إلى تركز نواة السيطرة الشمولية الضعيفة في منطقة قلب السوق مع ما رافق هذا التغير في الخصائص التركيبية من تغيرات في طبيعة البنية التجارية والاقتصادية وقيمة الأرض في منطقة المركز القديم . : 

٦ - ٢ التوصيات:

    يوصي البحث بضرورة اعتماد التحليلات العلمية مثل منهجية تركيب الفضاء لدراسة التأثيرات المحتملة لأي تغير مورفولوجي والذي ينجم عن مشاريع التطوير قبل الشروع به بغية المحافظة على خصائص المراكز الحضرية التاريخية . 

















المصادر: 

١- ابن خلدون , عبد الرحمن، مقدمة ابن خلدون، نشر وتحقيق د. علي عبد الواحد ، ط٢، لجنة البيان المعرفي، ١٩٦٠ . 

٢- توحلة , احمد يعرب , المشهد الحضري لأسواق المدينة الإسلامية , أطروحة دكتوراه , المعهد العالي للتخطيط الحضري والإقليمي , جامعة بغداد , ٢٠٠٨ . 

٣- جعفر , عصام عبد الأمير , تطوير المنطقة التجارية في مركز الرصافة القديمة , رسالة ماجستير , قسم الهندسة المعمارية , جامعة بغداد , ١٩٨٦. 

٤- الجميل , علي حيدر سعد , النعمان , رائد سالم ,اثر الشوارع المخترقة في تغير التنظيم الفضائي لمدينة الموصل القديمة , مجلة هندسة الرافدين , المجلد ١٥ , العدد ٣ ,كلية الهندسة , جامعة الموصل ,٢٠٠٧. 

٥ - الديوجي , سعيد , الموصل مدينة أبي تمام وابن الأثير , مجلة العربي , العدد ٢٨,آذار ١٩٦١ , الكويت


التحميل اضغط                هنا


للقراءة والتحميل اضغط    هنا

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/