الموارد المائية في إقليم الساحل والجبال الساحلية السورية (دراسة في الهيدرولوجيا التطبيقية)

كوكب المنى فبراير 24, 2023 فبراير 24, 2023
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 الموارد المائية في إقليم الساحل والجبال الساحلية السورية
(دراسة في الهيدرولوجيا التطبيقية)


فواز الموسى

قسم الجغرافية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة حلب

عبد الكريم حليمة

قسم الجغرافية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة تشرين


مجلة بحوث جامعة حلب - سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية والتربوية - العدد 66 - لعام 2009 - ص ص 1 - 21:

الملخص

تناول البحث الموارد المائية في إقليم الساحل والجبال الساحلية في سورية من منظور جغرافي، من خلال دراسة واقع الموارد المائية في الإقليم وواقع استثمارها في المجالات المختلفة، ودورها في عملية التنمية وسبل تخطيطها وإدارتها، وقد خلص البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات.

ومن أهم النتائج: أن مياه الإقليم تكفي الحاجة المائية حتى عام 2015 وفق الاستثمار الحالي والحاجة المائية المتزايدة بزيادة عدد سكان الإقليم، وفي حال استثمار الموارد الطبيعية في الإقليم في الزراعة والصناعة والسياحة فإنه يتوجب تأمين موارد مائية إضافية من خارج الإقليم.

ومن هنا تأتي أهمية استخدام الطرق العلمية الحديثة في الري وترشيد استخدامات المياه المختلفة وتقترح الدراسة إقامة شبكات مائية وربط القرى والمزارع بشبكات مياه للشرب من الينابيع وأهمها نبع السن لتجنب شح المياه في القرى وخاصة في فصل الصيف.

1- موجبات البحث وأهميته:

إن حاجة الإنسان للمياه دفعته للاستقرار بقربها، فبنى حضاراته عند ضفاف الأنهار، وربط كياناته الاقتصادية الأولى بها، وتطور تفكيره الاقتصادي من تشكيلة اقتصادية إلى أخرى بواسطتها، وعزّها فكانت منفذاً له في صراعه من أجل

الكلمات المفتاحية: إقليم الساحل، الجبال الساحلية، موارد المياه، هطل، جريان، التنمية

البقاء والاستمرار، إلى ما نشهده اليوم من دور لها في كل مسألة، وقضية صغيرة كانت أم كبيرة، فالمياه هي الركن الأساس لعملية التنمية، ويرتبط مؤشر التنمية في أي مجتمع وأي مكان بمؤشرات استهلاك المياه واستخداماتها، وعليه فإن توفير المياه هي الركيزة الأولى لخطط التنمية كافة، اقتصادية كانت أم اجتماعية وقيام مراكز عمرانية "التنمية الريفية" لا تقتصر على النشاط الزراعي فحسب فهي تتعداه إلى نشاطات أخرى [1]. فالماء هو سر بقاء الإنسان واستمراره على سطح هذا الكوكب، قوله تعالى:  بسم الله الرحمن الرحيم "أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاًُ ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أولا يؤمنون" صدق الله العظيم [2].

تعاني المنطقة العربية شبه الجافة من القلة في هذه الثروة الطبيعية، ويزداد الطلب على هذه الثروة - أمام الزيادة السكانية وعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم - وتكبر الحاجة إليها؛ وبذلك أصبحت مجال تجاذب وصراع في المنطقة، ومع الكيان الصهيوني خاصةً. فعلى الأمة العربية أن تنتبه إلى أهمية الحفاظ على هذه الثروة، وإعداد الدراسات العلمية في تخطيطها وتنظيمها، واستثمارها الاستثمار الأمثل، علماً أن الغرب قد أعد الدراسات العلمية العديدة عن ثروتنا المائية وغيرها، وهذه الدراسات غير محجوبة عن الكيان الصهيوني، فهو يتمكن من وضعها في خدمة قضاياه الاستعمارية الاستيطانية متى شاء.

مشكلة المياه على المستوى التنموي ليست مشكلة ندرة أو قلة، أو حتى مشكلة طبيعية، لكن جوهر المشكلة يكمن في القدرة العلمية والمهارة التقنية على إدارة الموارد المائية المتاحة، وتخطيطها وتنظيمها بمهارة علمية عالية، لتوظيفها في تنمية المجال والوسط البيئي الحيوي، على أن تكون الحصيلة والفائدة في حدها الأقصى والأمثل. وتظهر في حوض الساحل مشاكل متعددة ناجمة عن إدارة الموارد المائية إدارة  غير علمية، كالغدق الناجم عن كثرة الري، ومشكلة التملح بفعل الري السيحي غير المنظم، ومشاكل أخرى.

2- الواقع الجغرافي وحدود البحث وموضوعه: مصور رقم (1)

إقليم الساحل السوري واحد من الأقاليم المائية الأساسية، المعتمدة من قبل هيئة تخطيط الدولة، كما أوردها الصفدي في خريطته للأحواض المائية السورية. ويمتد الإقليم بين دائرتي العرض (31َ,34ْ-57َ,35ْ) شمال دائرة الاستواء، وخطي الطول (43َ,35ْ-26َ،36ْ) شرق غرينتش [3] فهو في نطاق المناخ المتوسطي المعتدل العذب، ويشغل بالتالي مساحة 5086 كم2، موزعة على رقعتي اللاذقية وطرطوس، وأجزاء من محافظات حمص وحماه وإدلب.

يوضح موضوع البحث حجم الوارد المائي في الحوض، وطبيعته، وتوزعه زماناً ومكاناً، كما يبين الكمية المستهلكة منه حالياً، وآفاق استثمار الكمية المتبقية، وأثرها في عملية التنمية الريفية المستدامة، مع الأخذ بالاعتبار موارد الإقليم الطبيعية الأخرى. وبتنوع بنية الإقليم المورفولوجية تتباين عناصره المناخية وتتنوع، ويجر ذلك إلى تنوع في الحياة النباتية على الشاطئ، وفي السهل وعلى الهضبة والجبال، ويسهم هذا التنوع البنيوي والمناخي والنباتي في تنوع النشاطات البشرية أيضاً في حال توافرت المياه. 

3- أدوات البحث وفرضياته ومنهجه: 

اعتمدت الدراسة على البحث الميداني، وهذا يتطلب دقة الملاحظة في الكشف عن الظاهرة الجغرافية المركبة بعد اختيار الموضوع [4]، للتمكن من وضع فرضيات منسجمة مع الحالة القائمة، واعتماد مبدأ السببية [5] في تفسير هذه الظاهرة وفي جانب آخر من البحث مكتبي ومخبري، لوضع الفرضيات موضع الاختبار والتجريب وقد استخدمنا في ذلك أدوات أساسة بسيطة في البحث منها :

- التقرير المائي لعام 2005 الصادر عن وزارة الري في الجمهورية العربية السورية، يحتوي على الواقع المائي في حوضي بردى والأعوج والساحل السوري، المستند إلى بيانات مديرية الأرصاد الجوية عن الفترة 1991 - 2003.

- بيانات الدورة المناخية (1960-1995) مصدرها مديرية الأرصاد الجوية والمناخ بدمشق وهي تشمل عناصر مناخية متعددة .

- مصورات وأشكال وجداول وصور تظهر حالة الثروة المائية في الإقليم، غالبيتها من وضع الباحث.

- استخدام تقنيات الحاسوب. منها برامج  (Photo Shop,word,excel).

وتتحدد فرضيات البحث باحتمال وجود فائض مائي فصلي في الإقليم، على الرغم من حالة الجفاف التي يعاني منها في فصل الصيف، ويمكن تخطيط هذه الموارد لتجنب حاجة المياه بتوفيرها في مثل هذه الأوقات من السنة، والمنهج المتبع في معالجة هذا الموضوع، هو المنهج العلمي في البحث الجغرافي، ولجأنا للوسائل الكمية في تحديد حجم الظاهرة، وعلاقتها بالظاهرات البيئية الأخرى، كما استخدمنا التحليل والتركيب والموازنة، حتى خلصنا إلى جملة من النتائج والقضايا، ووضعنا المقترحات والحلول لها. وتم ذلك وفق آلية الميزان المائي الاقتصادي [6]. وبهذا تمكّنا من وضع مقدمات أولية لتخطيط الموارد المائية في إقليم الساحل السوري، الذي بلغت فيه الكثافة السكانية في محافظة اللاذقية 383 نسمة/كم2، وفي محافظة طرطوس 376 نسمة/كم2 [7]، وهي أعلى الكثافات السكانية في القطر العربي السوري، إذ إن حاجة الموارد المائية فيه تدفع إلى تخطيطها وإدارتها إدارةً علمية تتفق والنشاطات البشرية في الإقليم.

موارد الإقليم المائية:

       يتوضع الإقليم في الزاوية الشمالية الغربية من الجمهورية العربية السورية، فهو عرضة للمنخفضات الجوية القادمة عن حوض المتوسط، وتزداد هطولاته الإعصارية "السيكلونية" الفصلية مع ارتفاع الرياح المحملة بالرطوبة – أمطار تضريسية - على سفوح السلاسل الجبلية الساحلية، إذ تحمل الرياح الغربية والجنوبية الغربية أمطاراً تسقطها شتاءً. في حين تسقط الرياح الشمالية الغربية بعض الثلوج فوق القمم الجبلية. حيث تشكل السلاسل الجبلية الممتدة شمالاً - جنوباً، وأحياناً شمال شرق – جنوب غرب، حاجزاً طبيعياً في وجه المنخفضات الجوية، وتتلقى سفوحها الغربية كميات متباينة من الهطل وفق التباين المورفولوجي – سهل، هضبة، جبل - في الإقليم، ويجري قسم من هذا الهطل في أودية سيلية قصيرة المجرى، تنحدر من خط تقسيم المياه بين حوضي العاصي والساحل شرقي الإقليم، حيث تتجه غرباً منحدرة على السفوح، عابرة الهضاب فالسهول الساحلية، لتصب على الشاطىء الشرقي للمتوسط مشكلة الشبكة الهيدرولوجية في الإقليم. وغالباً ما تكون جرياناتها شتوية، إذ إن الإقليم فصلي الهطل، فهو يقع في نطاق المناخ المتوسطي العذب [8] .



المصدر: تقرير الموارد المائية لعام 2005

مصور رقم 1 يوضح موقع الإقليم في الجمهورية العربية السورية

1- حجم الهطل وكمياته:

تم حساب ثخانة عمود الهطل فوق سطح الإقليم - البالغة مساحته 5086 كم2- بطريقة مضلعات Thiessen فكانت 1087 ملم  التي تم الاعتماد فيها على 18 محطة رصد مناخية، موزعة في الإقليم كشبكة رصد وفق واقعه المورفولوجي. والدراسة تشمل دورة مناخية ممتدة من عام 1960 وحتى 1995، فكان حجم كمية الهطل 5529 مليون م3، كما هي واضحة في الجدول رقم (1)، بينما أشار تقرير الموارد المائية لوزارة الري  لعام 2005، أن ثخانة عمود الهطل 960 ملم [9]، وبالتالي فحجم الهطل في الإقليم 4880 مليون م3، ويعود الفرق بين الدراستين في حجم الكمية إلى أن تقرير الموارد المائية اعتمد الفترة من 1991-2003 فقط، وفيها تظهر عملية تراجع الهطل عن الفترة المذكورة سابقاً، ولا تشكل هذه الفترة دورة  مناخية كاملة .

2- زمان ومكان الهطل فو ق الإقليم: 

 

نظام الهطل في الإقليم المبحوث متوسطي فصلي، وتتباين كمياته بين فصول السنة وشهورها، وبين سنة وأخرى، ويوضح الجدول التالي هذا التباين المرتبط بطبيعة الإقليم التضريسية.

فمن خلال الجدول 2 نلاحظ، أن نسبة 52% من كمية الهطل السنوية تسقط شتاءً في الإقليم، وتتجاوز هذه النسبة 57% في المنطقة السهلية منه، ونسبة 25% في فصل الربيع، و21% في الخريف، و2% قي الصيف. ونلاحظ من الجدول ارتفاع نسبة الهطل في فصل الربيع فوق المناطق الجبلية عنها في المناطق الهضبية والسهلية؛ بينما تتساوى نسبة الهطل ربيعاً وخريفاً فوق المناطق السهلية. وتتباين كميات الهطل بين سنة وأخرى، ويوضح الانحراف المعياري مقدار هذا التباين البالغ ± 211.6 [10].

وتزداد كميات الهطل بشكلٍ عام كلما اتجهنا شرقاً في الإقليم، بسبب عامل الارتفاع، التي تضاف فيها كميات الهطل التضريسي على كميات الهطل السيكلوني. وإن كميات الهطل فوق المناطق الهضبية أكبر منها في المنطقة السهلية من الإقليم، وهذا ما يشير له جدول متوسطات الهطل رقم (3). إذ يلاحظ فيه أن متوسطات الهطل السهلية تقل عن الهضبية والجبلية. ويوضح معامل الارتباط بين الهطل وعامل الارتفاع في الإقليم، شدة تأثير عامل الارتفاع على زيادة كمية الأمطار، إذ بلغ هذا المعامل 0.896 [10]. لهذا كله تتلقى المناطق السهلية في الإقليم أمطاراً أقل وفي موسمٍ محددٍ. ولأسباب هيدرولوجية واقتصادية ومورفولوجية وجيولوجية، اقتضى بناء سدودٍ على خوانق الأودية النهرية، وعند دخول الأنهار المنطقة السهلية أحياناً، وذلك لاستخدامها في فصل الصيف وقت الحاجة في الري وغيره.

جدول رقم (1) يوضح كمية الهطل فوق المحطات وفق مضلع تيسن لمصور مقياسه 1/200000



جدول رقم (2) يوضح فصلية الأمطار% من كمية الهطل السنوي عن الفترة 1960-1995

القطاع التضريسي

محطة الرصد

ارتفاع عن سطح البحر m

الشتاء

ك1.ك2.شباط

الربيع

آذار.نيسان.آيار

الصيف

حزيران.تموز.آب

الخريف أيلول.ت1.ت2.

سهلي

طرطوس

5

57

21

1

21

هضبي

الحفة

335

47

25

2

26

جبلي

صلنفة

1100

51

29

3

17

المتوسط الحسابي

 

 

52

25

2

21

 

جدول رقم (3)


3- مشكلة تذبذب معدلات الهطل السنوية وتراجعها [11]: 

تتذبذب معدلات الهطل السنوية في الإقليم، فتأتي مرتفعة في بعض السنوات ومنخفضة في بعضها الآخر، ومن خلال حساب الانحراف المعياري لكميات الهطل خلال دورة مناخية امتدت من عام 1960 إلى 1995، تبين أن هذه الكميات تتراوح زيادة ونقصاناً ± 211.6 / ملم، وبالتالي فقد تصل الفروقات في الهطل إلى 425 ملم/ سنوياً، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تخطيط الموارد المائية في الإقليم، ويبين الشكل التالي تذبذب متوسطات كمية الهطل في محطة صلنفة المناخية، وتراجعها عن الفترة القديمة، كما يوضح الخط البياني للمتوسط المتحرك لكل خمس سنوات عن نفس الدورة هذا التراجع.

وقد بلغ تراجع متوسط كمية الهطل في السنوات الخمس الأخيرة من الدورة المناخية 1960-1995 نحو 15.8 % [10] من معدلات الدورة كاملةً. ويعزو البعض سبب هذا التراجع في كمية الهطل إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض (فعل الدفيئة)، وإلى قطع الغابات [12]  واحتراقها. هذا ويشير تقرير الموارد المائية لوزارة الري لعام 2005 إلى تذبذب وتغير المعدل الوسطي السنوي للأمطار في حوض الساحل، لكن عن فترة قصيرة تمتد من 1991- 2003، كما هو واضح في الشكل البياني التالي: 

المصدر : مديرية الري العامة لحوض الساحل

شكل بياني رقم (2) يوضح تذبذب الهطل وتراجعه أحياناً في حوض الساحل السوري

يوضح الخط البياني في الشكل السابق تراجع كمية الهطل بين عامي 1991-2000، هذا لو استثنينا عام 1994 فقط من الفترة، إذ ارتفعت فيه كميات الأمطار عن بقية سنوات الفترة المذكورة، عدا سنة 2003 التي كان منسوب الهطل فيها أعلى منسوب في الفترة المذكورة. 

4- الجريانات :

تقدر وزارة الري نسبة التبخر الحقيقي في الإقليم 12% من كمية الهطل، وبالتالي يقدر حجم الجريانات في الإقليم نحو 4314 مليون /م3. بينما تصل كمية التبخر النتح الممكن إلى أكثر من 50% حسب علاقة إيفانوف:

(100 - A)  E = 0.0018(25+T)2)

وهي وسيلة تقدير كمية الفائض المائي (الهطل الفعال) البالغة 2578.7 مليون/م3 [10]، ويكاد يكون هو الحجم الحقيقي للجريانات. الذي يتوزع بين جريانات سطحية وأخرى جوفية، وهذا يقارب حجم كمية المياه المتاح استخدامها سنوياً في الإقليم، وكما أوردها تقرير الموارد المائية لعام 2005، إذ قدرها بـ 2458 مليون/م3 [9] في العام.

تصرٍّف الشبكة النهرية هطولات الحوض كجريانات سطحية، وتماثلها شبكة تحت سطحية تصرٍّف الجريانات الجوفية، وتتفاوت في الإقليم بين مكان وآخر. والجريانات السطحية فصلية في بعض أنهار الساحل السوري لارتباطها بمواعيد الهطل وزمانها. وتؤثر في الجريانات عوامل عديدة منها:

- الشدات المطرية Intensity وتركزها، مع الإشارة إلى أن أية كمية هطل تقل عن 5 ملم لا تشكل جريانات سطحية كانت أم جوفية [13].

- طبوغرافية الإقليم وبنيته الجيولوجية والتكتونية

- درجة نفاذية الترب والغطاء النباتي في الإقليم

آ- الجريانات السطحية: نظراً لصعوبة تقدير كمية الجريانات السطحية والجوفية، لجأنا لرأي ثورنثويت [14]، وفي تقديرها بالقياس على إقليم رطب وشبه رطب، وذي بنية كلسية مشابهة لإقليم الساحل السوري، فكان الجريانان مقسومان بنسبة 50%  لكل منهما. وعليه فالجريانات السطحية التي تعبر الأودية إلى البحر تقدر نحو 1290 ميلون/م3 سنوياً تقريباً. وطالما أن هذه الكمية موسمية الجريان، فقد لجأت الدولة إلى حجزها في أوديتها النهرية بواسطة السدود السطحية الركامية، التي بلغ عددها في الحوض كسدود مستثمرة 18 ثمانية عشر سداً، تبلغ طاقتها التخزينية القصوى 543.92 مليون/م3  [15]. من المياه، لاستخدامها في الري وسواه أثناء فصل الجفاف. مع الإشارة إلى إن الهطل فوق السهل الساحلي أمام جسم السدود خارج حوض تغذية بحيراتها، فهي مياه مهدورة، وتترك بغية الحفاظ على البيئة النهرية الحيوية في السهل الساحلي، وقد قدر تقرير حوض الساحل حجمها بـ 50 مليون /م3 كجريانات سطحية في السهل. وتغذية الإقليم مطرية وقليل من الثلج، ولا تعبره أنهار من خارجه. وأهم أنهاره الكبير الشمالي، والكبير الجنوبي، وأنهار السن والحصين والصنوبر، وهي أنهار دائمة الجريان، والأنهار الأخرى تجف صيفاً.



ب- الجريانات الجوفية : حددت الدراسات الجيولوجية، أن الصخور الكلسية والدولوميتية المتكشفة على قمم الجبال الساحلية السورية تعود إلى الجوراسي، بينما الصخور الكلسية المتوضعة على السفوح الغربية للجبال تعود للكريتاسي، وتتفاوت ثخانة هذه التشكيلات بين منطقة وأخرى، إذ تتكشف التشكيلات الأحدث كلما اتجهنا غرباً نحو ساحل البحر، وعليه فتشكيلات الزمن الثالث (الباليوجين) - ذات الصخور الكلسية المارنية - تأتي عقب تشكيلات الكريتاسي، ويليها تشكيلات النيوجين، وهي صخور كلسية حوارية، بينما تنتشر تشكيلات الزمن الرابع الرسوبية الفيضية في المناطق السهلية. وتتفاوت نفاذية هذه التشكيلات، فهي مرتفعة في الجوراسي فتصل إلى 65%، وهنا يميل الموقف لصالح الجريان الجوفي. (تم الحساب باستخدام علاقة دارسي (t j B) = a ، إذ a = كمية الرافد الجوفي، t = درجة النفاذية،  j= الغرانيت الهيدروليكي لمجرى الماء الجوفي،B  = عرض صدر المجرى الجوفي) يتسرب قسم من الهطل في شقوق وكهوف وفجوات كارستية، داخل التركيبة الجوراسية والكريتاسية الجيولوجيتين، وبعض من تشكيلات الزمن الثالث الجيرية، مشكلة نطاقات تجميع للمياه الجوفيه كجداري صلنفة [16]، ثم تتسرب داخل الفوالق، والقسمات الخطية، والشبكة الكارستية تحت السطحية في السلاسل الجبلية والهضاب، وتشكل هذه الفوالق بدورها قنوات تصريف لهذه المياه الجوفية، وغالباً ما تنبثق هذه المياه من الكهوف والفجوات تلك على شكل عيون وينابيع، عندما يعترضها انكسار كنبع السن الفوكلوزي، أو تصل عملية الحت في أودية الأنهار إلى الطبقة الحاملة للمياه الجوفية. وقسم من هذه المياه الجوفية يأخذ طريقه عبر الفوالق إلى انبثاقات مائية تحت سطح مياه البحر كنبع الباصية جنوب بانياس، وفي موقعي البسيط وجنوب مدينة طرطوس.

يمكن استثمار المياه الجوفية في الإقليم عن طريق الينابيع والآبار، لكن الاستثمار المياه الجوفية عن طريق الآبار محاذير يجب تجنبها، ومنها على وجه الخصوص انخفاض منسوب المياه الجوفية، وما ينجم عنها من مشاكل، كالتملح الذي حصل في سهل دمسرخو شمال اللاذقية سابقاً، نتيجة دخول مياه البحر للسهل لتحل مكان المياه الجوفية، لانخفاض منسوب الأخيرة نتيجة استجرارها بكميات أكبر من واردها المائي.

قدّر تقرير الموارد المائية أن إجمالي الجريان الجوفي المتاح استخدامه هو 1044 مليون/م3 [9]، يستخدم منه حالياً نحو 478 مليون/م3، يضاف لهذه الكمية41 مليون/م3- مقدرة وفق علاقة دارسي متسربة من حوض العاصي إلى هضبة طرطوس. وهناك قسم خارج حدود القدرة على الاستثمار يغذي المياه الجوفية الباطنية، وكميات أخرى مهدورة في البحر يجب التخطيط لاستثمارها حيث الحاجة داخل الإقليم أو خارجه.

تحميل البحث


    mega.nz/file



شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/