ما هي خريطة الإدريسي

لقد كان هناك الكثير من الخرائط التي تم رسمها قبل مئات الأعوام من وضع تطبيقات الملاحة الرقمية الخرائط العالم ية بين أيدينا، إذ كان الناس يعتمدون على ما تم من أبحاث وأعمال العلماء ورسامي الخرائط من أجل توضيح العالم، وقد كان من أشهر هؤلاء الرسامين ممن صنعوا خريطة العالم مبكرًا الجغرافي والرحالة (الإدريسي)، الذي رسم الإدريسي العالم مقلوبًا رأسًا على عقب، وقد كان هذا شيئًا غريبًا في ذلك الوقت ، وفي كتاب الإدريسي يتحدث عن رحلة شخص حرص على اجتياز مناطق العالم، وقد كانت خريطته واحدة من أعظم أعمال الجغرافيا ورسم الخرائط في العصور الوسطى.

من هو الإدريسي

لقد اشتهر اسم الإدريسي نظرًا للخريطة التي رسمها للعالم في الماضي، ومن الجدير بالذكر أنه هو العالم الجغرافي والرحالة والباحث العربي المسلم “أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الشريف الإدريسي”، وعلى الرغم من أن حياة الإدريسي لا يُعرف عنها الكثير من المعلومات، ولكن هناك احتمال بأنه قد وُلد في مدينة سبتة في المغرب، حوالي عام 1100 ميلاديًا، وقد التحق الإدريسي بإحدى الجامعات في قرطبة بإسبانيا وسافر عبر شمال إفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ​​في أوروبا وإسبانيا.

وفي عام 1145 ميلاديًا، عمل الإدريسي كمستشار للملك (روجر الثاني) الذي كان ملك صقلية في هذا الوقت، إذ قام الملك باستئجار العالم والجغرافي الإدريسي من أجل إنشاء خريطة حديثة للعالم، ومن ثم قام الإدريسي بإرسال مسافرين وجغرافيين حول العالم لجمع المعلومات لتلك الخريطة وغيرها من الخرائط. 

هل حددت خريطة الإدريسي موقع يأجوج ومأجوج

نعم لقد حددت خريطة الادريسي موقع يأجوج ومأجوج، إذ رسم فيها الإدريسي العالم مقلوبًا رأسًا على عقب في تلك الخريطة الكبيرة التي تم مصادفتها في مكتب عراقي في دولة الكويت، قبل فترة قصيرة من الغزو الأمريكي للبلاد، وقد أظهرت الربع الأكثر كثافةً بالسكان في العالم، وهو الجزء الشمالي من نصف الكرة الشرقي، مع أفريقيا تلتف على طول الجزء العلوي، وإيطاليا والتي كان يبدو أنها تصب أوروبا على القاع، وبعض الجزر القليلة على اليسار تُشكل جزر الهند الشرقية، كما أن الخريطة حددت تمايل باللغة العربية لكل الأماكن المألوفة لنا، مثل دمشق وروما، إلى جانب “أرض الوقواق” الغامضة التي تقع قريبًا مما يُعرف في الوقت الحالي باسم (موزمبيق)، وبوابات يأجوج ومأجوج في أسفل اليسار في سيبيريا البعيدة، وقد كانت خريطة الإدريسي هي سرّة لك العالم، إذ أن الخرائط الأمريكية القديمة المخزية الآن قد وضعت واشنطن العاصمة في مكان ما بين بغداد ومكة، وهذا بالطبع خطأ، وقد قالت واحدة من الملصقات أن تلك نسخة قامت هيئة المسح الجيولوجي العراقية بطابعتها في عام 1956 م، من mappa mundi التي صنعها الجغرافي المغربي أبو عبد الله بن إدريسي عام 1154 م.

كلام الإدريسي عن موقع يأجوج ومأجوج

لقد تحدث الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) عن الرحلة التي تم فيها معرفة موقع يأجوج ومأجوج، وبالتالي وضعها الإدريسي في خريطته، وفي التالي ما قاله العالم والجغرافي العظيم الإدريسي:

“إن الواثق باللّه لما رأى في المنام أن السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوحًا، أحضر سلامًا الترجمان الذي كان يتكلم ثلاثين لســــانًا، وقال له اذهب وانظر إلى هذا السد وجئني بخبره وحاله، وما هو عليه، ثم أمر له بأصحاب يسيرون معه وعددهم ستين رجلًا ووصله بـ 5000 دينار وأعطاه ديته عشرة آلاف درهم، وأمر لكل واحد من أصحابه بخمسين ألف درهم ومؤونة سنة و 100 بغل تحمل الماء والزاد، وأمر للرجال باللبابيد وهي أكسية من صوف وشعر.

وحمل سلام رسالة من الخليفة إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية بتفليس، وكتب صاحب أرمينية توصية لهم إلى صاحب السرير، وذلك كتب لهم إلى صـاحب اللان، وهكذا إلى فيلا شاه وطرخان ملك الخزر، الذي وجه معهم خمسة أدلاء ساروا معهم خمسة وعشرين يومًا حتى انتهوا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة، “فسرنا فيها عشرة أيام، ثم وصلنا إلى مدن خراب فسرنا فيها عشرين يوماً وسألنا عن خبرها فقيل لنا هي المدن التي خربها يأجوج ومأجوج، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي في شعبة منه السد، وفي تلك الحصون قوم يتكلمون العربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن ولهم كتاتيب ومساجد، وبين كل حصن وآخر فرسخان، ثم صرنا إلى مدينة يقال لها (إيكة) لها أبواب من حديد وفيها مزارع وهي التي كان ينزلها ذو القرنين بعسكره، بينـها وبين السد مسيرة ثلاثة أيام، ثم صرنا إلى جبل عال، عليه حصن، والسد الذي بناه ذو القرنين هو فج بين جبلين عرضه مائتي ذراع، وهو الطريق الذي يخرجون منه، فيتفرقون في الأرض، فحفر أساسه ثلاثين ذراعًا وبناه بالحديد والنحاس، ثم رفع عضادتين مما يلي الجبل من جنبتي الفج عرض كل منهما خمسة وعشرين ذراعًا في سمك خمسين ذراعًا، وكله بناء بلبن مغيب في نحاس، وعلى العضادتين عتبة عليا من حديد طولها 120 ذراعًا، وفوقها بناء بذلك اللبن الحديد إلى رأس الجبل وارتفاعه مد البصر”.

“فيكون البناء فوق العتبة 60 ذراعًا وفوق ذلك شرف من حديد، في كل شرفة قرنتان تنثني كل واحدة على الأخرى، طول كل شرفة خمسة أذرع في أربعة، وعليه سبع وثلاثون شرفة، وباب من حديد بمصراعين معلقين عرض كل مصراع 50 ذراعًا في 75 ذراعًا في ثخن خمسة أذرع، وقائمتان في دوارة على قدر العتبة، لا يدخل من الباب ولا الجبل ريح، وعلى الباب قفــل طوله سبعة أذرع في غلظ باع في الاسـتدارة، والقفل لا يحتضنه رجلان وارتفاع القفل من الأرض 25 ذراعًا، وفوق القفل بخمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وقفيزاه كل واحد ذراعان وعلى الغلق مفتاح معلق طوله ذراع ونصف، وله 21سنًا من الأسنان واستدارة المفتاح أربعة أشبار معلق في سلسلة ملحومة بالباب طولها ثمانية أذرع في أربعة أشـــبار، والحلقة التي فيــها السلسلة مثل المنجنيـق، وعتبة الباب عرضها عشرة أذرع في بسط 100 ذراع، ومع الباب حصنان يُكوِّن كل منهــما مائتي ذراع.

“وفي أحد الحصنين آلة البناء التي بُني بها السد، من قدور الحديد ومغارف حديد، وهناك بقية من اللبن الذي التصق ببعضه بسبب الصدأ، ورئيس تلك الحصون يركب في كل يومي إثنين وخميس، وهم يتوارثون ذلك الباب كما يتوارث الخلفاء الخلافة، يقرع الباب قرعًا له دوي، والهدف منه أن يسمعه مَن وراء الباب فيعلموا أن هناك حفظة وأن الباب مازال سليمًا، وعلى مصراع الباب الأيمن مكتوب فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقًا، والجبل من الخارج ليس له مـتن ولا سفح، ولا عليه نبات ولا حشيش ولا غير ذلك، وهو جبل مسطح، متسع، قـائم أملس أبيض”.