قرية القصر بالوادى الجديد : قرية ينحنى لها تاريخ مصر

كوكب المنى أغسطس 12, 2022 أغسطس 12, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 قرية القصر بالوادى الجديد : قرية ينحنى لها تاريخ مصر



نادراً ما نجد مكان يحتفظ بعبق التاريخ، وشموخه الجغرافي والثقافي والتراثي والحضاري بقدر ما نراه في قرية القصر.. “عروس الداخلة” كما يطلق عليها.. ومن يزور قرية القصر يشعر كما لو أنه في المدينة الفاضلة التي يتخيلها الشعراء، لأن زائر مدينة القصر يجد فيها كل ما يشتهيه من جمال وهدوء وشاعرية وبيئة نظيفة خالية من التلوث وهواء نقي خالي من التلوث وآبار استشفائية وأهلها الكرام. وتتمتع قرية القصر الأثرية بأنها مازالت تحتفظ بآثار فريدة ينحني لها التاريخ.

متحف الدكتورة علية:

وقد نالت #قرية_القصر بتراثها العريق إعجاب الكثير من زائريها من الشخصيات العامة، لدرجة أن اثنين من علماء الأنثروبيولوجي، أستاذ دكتور وزوجته بجامعة المنيا اشتروا منزلاً قديم وأقاموا فيها متحف أنثروبولوجي يطلق عليه “متحف الدكتورة علية”، ويتميز هذا المتحف بمعروضات قديمة تعتبر شاهداً على ثقافة قرية القصر وتراثها وعاداتهم القديمة، وكذلك عائلاتهم العريقة وشيوخهم وعمدهم على مر التاريخ، وطرق تقسيم حصة المياه في زراعاتهم وأوانيهم وأثاثهم ومفروشاتهم القديمة.


قرية القصر الاسلامية متحف مفتوح:

وتقع قرية القصر على بعد 32 كم شمال مدينة موط العاصمة الإدارية لمركز ومدينة الداخلة، ويحدها من الشمال تل مرتفع ومن الشرق بئر لعين الحامية الجاف ومن الجنوب مسجد نصر الدين ومن الغرب مقام الشيخ حمام وفي طرفه الشمالي ضريح الشيخ أبو بكر. وسميت بهذا الاسم لوجود بقايا قصر روماني قديم تحت أطلال هذه القرية، وقد استغلت بعض أحجار هذا القصر في بناء واجهات المنازل القديمة.

ويرجع تاريخ بناء القصر إلي القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، وامتد العمران بها حتي العصر العثماني. وللمدينة تخطيط هندسي رائع حيث تم تقسيمها إلى دروب وأحياء وحارات يغلق كل حارة باب كبير. وللقرية عشر بوابات تغلق على عشر حارات ليلاً خوفاً من غارات القبائل المعادية .

وتمتلك قرية القصر الإسلامية جميع مقومات الحسن والجمال والهدوء والنقاء فهي نموذج فريد من العمارة الإسلامية رائعة الجمال، حيث كانت أول قرية بالواحات تستقبل القبائل الإسلامية عام 50 هجرية بعد الفتح الإسلامي لمصر وشهدت القرية ازدهاراً لاحقاً خلال العصر الأيوبي، فأنتشرت بها المباني التاريخية التي لا تزال شواهدها باقية من قصور أثرية ومآذن ومساجد قديمة.

كما يوجد بها طاحونة ومبنى محكمة تاريخية. وأجمل ما يميز القصر إنها عبارة عن متحف مفتوح للتاريخ المصري على مدى عصوره الفرعونية والرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية ولا تزال أثارها شاهد عيان على عظمة الإنسان المصري عبر التاريخ.


ضمن قائمة التراث العالمي:

واشتهرت القرية في ذلك الوقت بالعديد من الحرف، سميت على إسمها بعض الحارات والدروب كحارة النجارين والحدادين وصناع الفخار.. ولا تزال بعض تلك الحرف باقية حتى الآن وأهمها صناعة الأواني الفخارية بمنطقة الفاخورة.

وأهم ما يميز الحارات منازلها المتلاصقة التي تعبر عن روح الأسرة الواحدة، ويتميز كل منزل بوجود أعتاب خشبية أعلى الأبواب تم تنفيذها بالحفر البارز وكذلك الحفر الغائر وهذه الأعتاب الخشبية مزخرفة بزخارف كتابية مدون عليها تاريخ إنشاء المنزل واسم صاحبه وآيات قرآنية وأدعية وعبارات للترحيب بالزائرين واسم صانع العتب أو النجار.

ولأهمية هذه القرية من الناحية الأثرية والفنية والمعمارية، تم تسجيلها بالكامل بشوارعها ودروبها ومنازلها بما فيها من آثار ضمن الآثار الإسلامية والقبطية النادرة، وبدأت وزارة الآثار حالياً في إتخاذ الإجراءات التنفيذية لإدراج قرية “القصر الإسلامية” على قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو لما تملكه من عناصر أثرية فريدة على مستوى العالم.

وعلى بعد خطوات من الحارات القديمة توجد مئذنة خشبية مكونة من ثلاث طوابق بإرتفاع 21 ترجع إلى العصر الأيوبي ولا تزال تلك المئذنة محتفظة بمعالمها المعمارية، كما توجد بها أعتاب خشبية منقوش عليها آيات قرآنية. 

ومن أشهر الآثار التي تتميز بها القرية هي مبنى المحكمة وترجع إلى العصر الأيوبي،وبها كانت تقام المحاكمات ضد المخالفين ويوقع عليهم العقاب. كما يوجد بها مبنى المدرسة التي ترجع إلى العصور الإسلامية.

وتتميز منازل قرية القصر القديمة التي بنيت من الطوب اللبن أثناء العصرين الأيوبي والعثماني، بالدقة والنظام والارتفاع والتصميم المعماري الفريد الذي يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة داخل القصر إلى 12 درجة مئوية مقارنة بمن حولها من قرى، وتتميز قرية القصر بوجود نظام رائع للتهوية بحيث يدخل الهواء الرطب إلى البيوت ويطرد الهواء الساخن خاصة أن الشوارع والأزقة ضيقة مما يساهم في برودة الجو صيفاً وحماية السكان من العواصف الرملية.

وتوجد بقرية القصر مكان يطلق عليه إسم الفاخورة وهى أقدم مكان لصناعة الفخار بالواحات وهى مهنة توارثها الأبناء من الأجداد، وأهم ما تقوم بصناعته من الصناعات القديمة والتى تعتبر تراث القلة و الزير والبلاص والزلعة وأبراج الحمام وأواني الطهي وأدوات الزينة .

وتتميز القرية بتصنيع المنتجات الخوصية بشكل وأسلوب مختلف عن بقية القرى المصرية حيث يعتمد المنتج الخوصي على تقوية قوامه بإدخال هيكل من خام عرجون البلح بعد تطويعه بالماء ثم تضفر عليه فلقات الخوص بصورة رأسية لتكسية الهيكل وربطه، وتزدهر في المنطقة صناعات السعف والجريد القائمة على منتجات النخيل الذي تنتشر زراعته بها إضافة إلى صناعة السجاد والكليم اليدوي.


واحة للإستشفاء:

والقصر ليست قرية تاريخية فحسب بل هي واحة للاستشفاء والعلاج من الأمراض الجلدية والروماتيزم خاصة أنها تشتهر بالعيون الكبريتية والمعدنية التي تمتاز بتركيبها الكيمائي الفريد الذي يضعها في مرتبة أعظم العيون الكبريتية والمعدنية في العالم.. علاوة على توافر الطمي في برك هذه العيون بما له من خواص علاجية تشفي العديد من أمراض الجهاز الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية وعلاج المفاصل والأعصاب والروماتيزم، وأشهرها بئر الجبل الذي تحول إلى مقصد سياحي عالمي وتصل درجة الحرارة به إلى 45 درجة مئوية، ولا ينفصل سكان القرية عن هذا المناخ فهم يحتفظون حتى الآن بتقاليد وعادات ذات طابع مميز فضلاً عن فنون شعبية وتلقائية .

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/