من هذه الأرض وليست فيها!

كوكب المنى يناير 06, 2022 يناير 06, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 من هذه الأرض وليست فيها!


نقلا عن .. ا.د. عاطف معتمد

يندرج العنوان السابق تحت فئة "التلاعب بالكلمات" وهي طريقة كانت شائعة وما تزال لقدح عقل القارئ للتركيز في مسألة ما. 

كانت هذه الطريقة سابقة بقرون على تلوين الكلمات في النص أو وضع خط تحتها أو ابرازها بسمك أكبر أو غير ذلك من أساليب شحذ العقل وشد الانتباه لجزء بعينه من الأفكار دون غيره.


دعنا نجرب هذا العنوان على موضوع "بردية تورين" التي ينطبق عليها القول "من هذه الأرض وليست فيها".

نحن نتحدث عن بردية مصرية تم العثور عليها في البر الغربي بالأقصر في منطقة تسمى "دير المدينة".


الدير يقصد به دير مسيحي أقيم في عصر حديث نسبيا حين لجأ إليه الرهبان من المسيحيين المصريين فرارا من اضطهاد الرومان الوثنيين. أما "المدينة" فهو وصف لمستعمرة سكنية أقدم بكثير من الدير عاشت فيها أجيال متتابعة من العمال والحرفيين والصناع والرسامين والحدادين والنحاسين وصاغة المجوهرات وغيرهم من الحرفيين المهرة النابغين و"الصنايعية" الأذكياء، كل ذلك قبل نحو 3500 سنة على الأقل.


يقع "دير المدينة" في البر الغربي للأقصر، وكما ترى فإن الاسم يجمع معا في مكان واحد عدة فترات من تاريخ مصر: القديم والروماني والقبطي.


في عهد محمد علي باشا لم يكن علم الآثار قد تأسس ولم يكن مسمى "حفائر" و"تنقيبات" أثرية قد ظهر على أسس علمية. كان المعروف وقتها مسمى "اللقى" الأثرية بمعنى أن أحدهم عثر على لقية أو غنيمة أثرية يعرضها للبيع.


من بين اللقى الأثرية بردية خطيرة لم يعرف محتواها بالطبع أهل منطقة الأقصر فباعوها بثمن بخس لمغامر وتاجر آثار فرنسي من أصل إيطالي اسمه "برناردينو دروڤيتي" وكان أحد المقربين من قصر الباشا محمد علي. 


قام دروڤيتي، الذي شغل منصب القنصل العام لفرنسا في مصر، ببيع هذه البردية ومئات غيرها من "اللقى" المصرية لملوك وأمراء أوروبا وتأسس متحف عظيم اسمه "المتحف المصري" في مدينة تورينو في إيطاليا.


تعد البردية أول وأقدم خريطة طبوغرافية وجيولوجية وتعدينية في العالم. وتعرض لكيفية الوصول إلى مناجم الذهب في الصحراء الشرقية. 


ورغم أن البردية مصرية  "من هذه الأرض" وكان يجب أن تسمى "بردية دير المدينة" إلا أنها "ليست فيها" ولا تحمل حتى اسم بلادنا بل تحمل اسم المتحف الذي نقلت إليه وهو متحف "تورينو" في شمال إيطاليا. 


ورغم أن البردية مصرية إلا أننا لم نشارك -  بسبب تأخرنا العلمي – في فك رموز هذه البردية ونشر أبحاث عنها ودراستها او التعلم منها.


قبل أكثر من عام مضى حاولت تقريب الفكرة لطلابي في الجامعة فأعددت لهم حلقتين فيديو عن البردية وقصتها الكاملة.

يمكن مشاهدة الحلقتين ومدة كل منهما ربع ساعة في الرابطين التاليين: 

حلقة 1

https://youtu.be/KXeg4rvNg4k

 

حلقة 2

https://youtu.be/P0vu9NBP3AI

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/