أحمد بن فضلان (1 من 5)- كتابات ا.د. عاطف معتمد

كوكب المنى يناير 30, 2022 يناير 30, 2022
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

 أحمد بن فضلان (1 من 5)- كتابات ا.د. عاطف معتمد



قبل ست سنوات أخذت الصورة المرفقة لجدارية في المتحف الوطني بمدينة بولجار على نهر الفولجا في البلاد العريقة التي تسمى "تترستان" والتي خاضت حروبا شرسة مع روسيا قبل 5 قرون كي لا تصبح جزء منها بسبب تمايز عقيدة وقومية شعوبها عن عقيدة وقومية "الروس" الزاحفين عليهم من الغرب.


الجدارية رسمت في وقت حديث للغاية، ربما قبل زيارتي بعشر سنوات على الأكثر، ولكنها توثق لحدث شهير وقع قبل نحو ألف سنة.

إذا نظرت إلى الجدارية (التي يجلس أمامها التتري الأصيل "مراد" الذي كان دليلي في تلك البلاد) ستجد رجلا ممشوقا يرتدي رداء أبيض اللون يقرأ رسالة طويلة، وهذا هو السفير والرحالة "أحمد بن فضلان" الذي أرسله الخليفة العباسي المقتدر بالله في عام 921 ميلادية استجابة لرسالة من ملك بلاد البولجار الذي طلب تعريف قومه بالإسلام رغبة في الدخول فيه.


الطريف والمدهش أن الخليفة العباسي آنذاك لم يكن يستطيع أن يتحكم في الأراضي الخاضعة رسميا لسلطة الخلافة في بغداد، حتى أنه لم يمنح تمويلا لسفارة ابن فضلان وطلب منه أن يأخذ ميزانية الرحلة في طريق سفره إلى تلك البلاد من أموال متأخرة من الإمارات الخاضعة لسلطة الخلافة.

اقرأ: الحلقة الثالثة عن احمد بن فضلان

كانت الخلافة الإسلامية في فترة ضعف آنذاك ورفضت الأقاليم أن تمنح ابن فضلان أموالها المتأخرة لبغداد وكادت السفارة أن تفشل نهائيا حيث تعثر عدد من أعضاء الرحلة أو تخلفوا لعدم وجود  تمويل يكفي للسفر إلى تلك البلاد البعيدة في الشمال.

وصل ابن فضلان إلى بلاد البولجار وقِبل ملكها وشعبها الإسلام وصاروا من دون أي معارك شعوبا تدين بالإسلام بل كانوا يعرفون عن الإسلام ما أدهش ابن فضلان.


لكن هذه الشعوب تميزت بميزة مهمة للغاية، وهي أنها جمعت مع هوية الدين هوية قومية مخالفة لبقية الشعوب المجاورة لها وهو ما أعطاها خصوصية كبيرة في خريطة العالم الإسلامي، تلك الخصوصية التي تقوم على تزاوج الدين مع القومية، وهي خصوصية بالغة الشدة والأثر. 


في أربع حلقات مقبلة سأعرض – استجابة لاقتراح بعض القراء – الأبعاد الجغرافية لرحلة بن فضلان وستكون مناسبة لمعرفة بعض المعلومات والأفكار عن الإسلام خارج الحدود المركزية للعالم الإسلامي، وعلاقة ذلك بروسيا والشرق الأوروبي.

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/