هدي شعراوي رائدة الدفاع عن حقوق المرأة

كوكب الجغرافيا أغسطس 31, 2020 أغسطس 31, 2020
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A
هدي شعراوي رائدة الدفاع عن حقوق المرأة


هدي شعراوي رائدة الدفاع عن حقوق المرأة

دافعت عن حقوق المراة طوال حياتها و حينما تعرضت لاول اختبار وقفت في صف الرجل ضد المرأة فقط لانه ابنها .. فلتاخذ المراة حقوقها كاملة مادام ذلك بعيدا عن عتبة بيتي ؟!!

الحكاية بدات عندما أقامت هدى شعراوي حفلاً كبيراً في "سرايتها" بعد اختلافها مع سعد زغلول وقتذاك، وفي الحفل شاهد محمَّد شعراوي، ابن هدى شعراوي المطربة "فاطمة سري" (التي أحيت الحفل)، فأعجب بها ووقع حبها في قلبه، فراح يلاحقها من حفل إلى حفل، ومن مكان إلى مكان، وهي معرضة عنه، ممَّا أشعل حبها في قلبه، وبدأت قصة الحب تتطور، ثم أشارت إحدى المجلات إلى هذه القصة على صفحاتها، فانزعجت المطربة، لكن الباشا لم ينزعج، وقال لها: أريد أن تعرف الدنيا كلها أني أحبك!
وعندما علم طليق المطربة بالقصة ثار عليها وحرمها من ولديها، ففكر محمد شعراوي في الانسحاب بعد ما تورَّطت معه وثارت من حولهما الشبهات، فكتب لها شيكاً بمبلغ كبير ثمناً للوقت الذي أمضاه معها، فما كان منها إلا أن مزَّقت الشيك وداسته بأقدامها وتركته وهي ثائرة غاضبة، فلحق بها محمَّد شعراوي واعتذر لها عن سوء تصرفه وعرض عليها الزواج بشكل عرفي، فاعترضت المطربة وقالت إنَّها تريد عقداً شرعياً، فطلب منها أن تمهله حتى يسترضي والدته.
في هذه الأثناء كانت المطربة قد شعرت بدبيب الحمل وقررت إجهاض نفسها، وعندما أخبرها الطبيب بأنَّ هذا الإجراء خطر على حياتها، تمسك شعراوي بها وبالجنين، وكتب الإقرار التالي بخط يده،

إقـرار
أقرُّ أنا الموقع على هذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، ويقيم بالمنزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر، أنني تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم "سيد بيك المرواني" المشهورة باسم "فاطمة سري" من تاريخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أفرنكية، وعاشرتها معاشرة الأزواج، وما زلت معاشراً لها إلى الآن، وقد حملت مني مستكناً في بطنها الآن، فإذا انفصل فهذا ابني، وهذا إقرار مني بذلك. 
وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعاً وقانوناً، وهذا الإقرار حجة عليَّ تطبيقاً للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية، وإن كان عقد زواجي بها لم يعتبر، إلا أنَّه صحيح شرعي مستوف لجميع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعاً .
محمد علي شعراوي
القاهرة في 15 يونيو 1925م 

وعلمت هدى شعراوي بزواج ابنها الوحيد من المطربة، فثارت ثورة عارمة واتهمت ابنها بأنَّه يحاول قتلها بهذا الزواج، وحاولت الضغط على المطربة بما لها من نفوذ وعلاقات واسعة، بالتهديد بتلفيق ملف سري في شرطة الآداب يتهمها بالدعارة، لكن المطربة تحدتهم وقالت إنها ستطلق بنفسها الرصاص على أي وزير داخلية يقوم بهذا التزوير!
واشتعلت المعركة بين هدى شعراوي وابنها وزوجته المطربة، فقرر ابنها السفر إلى أوربا وطلب من زوجته اللحاق به، فكان يتنقَّل من مدينة إلى مدينة، ومن بلد إلى بلد تاركاً ـ لزوجته - في كل مدينة وفي كل بلد رسالة مفادها أن الحقي بي، لكنها برغم حرصها على اللحاق به لم تعثر عليه في أي مكان ذهبت إليه، ويبدو أنَّه كان يتهرَّب منها، فعادت المطربة إلى مصر ومعها طفلتها "ليلى" التي أخفتها عن العيون خوفاً عليها،
وبعد مدة عاد شعراوي ليسأل عنها وعن ابنته ويسألها أيضاً عن الإقرار،
فسألته: هل يهمك الحصول على هذه الورقة؟
فقال: بهذا تثبتين إخلاصك لي إلى الأبد،
فمدَّت يدها تحت الحشية التي كان يجلسان عليها وأخرجت الورقة وسلمتها له، بعد أن قامت بتصويرها "زنكوغراف" صورة مطابقة للأصل، ولم يتبين شعراوي أنَّها صورة، فالخط خطه ولون الحبر نفسه، وكانت هذه نصيحة محاميها.
وخرج شعراوي بعد ما طمأنها بأنَّه سيحتفظ بالورقة في مكان آمن لتكون دليلاً ترثه ابنته به، ثم احتضن الصغيرة، وقبل الزوجة وخرج وهو يقول إنَّه سيعود صباح اليوم التالي، ولم يعد أبداً! 
اتصلت به المطربة هاتفياً، فأنكر نفسه، فعاودت الاتصال، فوجدته وقد انهال عليها سباً وشتماً، وأغلق في وجهها الخط! 

رسالة إلى محررة المرأة
بعدما يأست المطربة فاطمة سري من شعراوي باشا كتبت الخطاب التالي إلى والدته السيدة هدى شعراوي زعيمة النهضة النسائية في مصر، فقالت: 
سيدتي:
سلاماً وبعد، إنَّ اعتقادي بك وبعدلك، ودفاعك عن حق المرأة، يدفعني كل ذلك إلى التقدم إليك طالبة الإنصاف، وبذلك تقدمين للعالم برهاناً على صدق دفاعك عن حق المرأة، ويمكنك حقيقة أن تسيري على رأس النساء مطالبة بحقوقهن، ولو كان الأمر قاصراً عليَّ لما أحرجت مركزك، لعل أنَّك أم تخافين على ولدك العزيز أن تلعب به أيدي النساء وتخافين على مستقبله من عشرتهن، وعلى سمعته من أن يقال أنَّه تزوَّج امرأة كانت فيما مضى من الزمان تغني على المسارح، ولك حق إن عجزتِ عن تقديم ذلك البرهان الصارم على نفسك؛ لأنَّه يصيب من عظمتك وجاهك وشرف عائلتك، كما تظنون يا معشر الأغنياء، ولكن هناك طفلة مسكينة هي ابنتي وحفيدتك، إنَّ نجلك العزيز، والله يعلم، وهو يعلم، ومن يلقي عليها نظرة واحدة يعلم ويتحقق من أنَّها لم تدنس ولادتها بدم آخر، والله شهيد، طالبت بحق هذه الطفلة المعترف بها ابنك كتابياً، قبل أن يتحوَّل عني وينكرها وينكرني، فلم أجد من يسمع لندائي، وما مطالبتي بحقها وحقي كزوجة طامعة في مالكم، كلا! والله فقد عشت قبل معرفتي بابنك، وكنت منزهة محبوبة كممثلة تكسب كثيراً، وربما أكثر ممَّا كان يعطيه لي ابنك، وكنت متمتعة بالحرية المطلقة، وأنت أدرى بلذة الحرية المطلقة التي تدافعين عنها، ثم عرفت ابنك فاضطرني أن أترك عملي وأنزوي في بيتي، فأطعته غير طامعة بأكثر ممَّا كان يجود به، وما كنت لأطمع أن أتزوَّج منه، ولا أن ألد منه ولداً، ولكن هذه غلطة واسأليه عنها أمامي، وهو الذي يتحمَّل مسؤوليتها، فقد كنت أدفع عن نفسي مسألة الحمل مراراً وتكراراً، حتى وقع ما لم يكن في حسابي، هذه هي الحقيقة الواقعة وانتهى الأمر. 
والآن يتملَّص ولدك من كل شيء، ولا يريد الاعتراف بشيء، وقد شهد بنفسه من حيث لا يدري بتوسيطه كثيرين في الأمر، وما كنت في حاجة لوساطة، ولو كان تقدَّم إليَّ طالباً فك قيده لفعلت، وكانت المسألة انتهت في السر، ولم يعلم بها أحد، فعرض عليَّ في الأول قدراً من المال بواسطة علي بك سعد الدين (سكرتير عام وزارة الأشغال)، وبواسطة الهلباوي بك (المحامي الكبير) وغيرهم ممَّن حضروا إليَّ ظانين أنني طامعة في مالهم، وأنَّه في إمكاني إنكار نسب ابنتي إذا أغروني! ولكنني أخاف إلهاً عادلاً بأنَّه سيحاسبني يوماً عن حقوقها ـ إن لم تحاسبني هي عليها ـ فلم يجد محمد مني قبولاً للمال، وعندما وجد مني امتناعاً عن إنكار نسب ابنته سكت عني تماماً، فوسطت "فهيم أفندي باخوم" محاميه، فاجتهد في إقناعه بصحَّة حقوقي وعقودي واعترافه بابنته، وتوسَّط في أن ينهي المسألة على حل يرضي الطرفين، فلم يقبل نجلك نصيحته بالمرة، وكان جوابه أن ألجأ برفع دعوى عليه ومقاضاته، وهو يعلم تماماً أنَّ نتيجة الدعوى ستكون في صالحي، فلا أدري ماذا يفيده التشهير في مسألة كهذه سيعلم بها الخاص والعام، وسنكون أنا وانتم مضغة في الأفواه، وأنت أدرى بجونا المصري وتشنيعه، خصوصاً في مسألة كهذه، وهذا ما يضطرني إلى أن أرجع إليك قبل أن أبدأ أية خطوة قضائية ضده، وليس رجوعي هذا عن خوف أو عجز، فبرهاني قوي ومستنداتي لا تقبل الشك وكلها لصالحي، ولكن خوفاً على شرفكم وسمعتكم وسمعتي، ولو أنني كما تظنون لا أبالي، فربما كانت مبالاتي في المحافظة على سمعتي وشرفي أكثر من غيري في حالتي الحاضرة، فهل توافقين يا سيدتي على رأي ولدك في إنهاء المسألة أمام المحاكم؟ أنتظر منك التروي في الأمر، والردّ عليَّ في ظرف أسبوع؛ لأنني قد مللتُ كثرة المتداخلين في الأمر.. ودمت للمخلصة فاطمة سري. 

صدى الرسالة
ما كادت هدى شعراوي تنتهي من قراءة رسالة المطربة حتى ثارت ثائرتها، واعتبرتها إعلاناً لحرب، واعتبرتها إنذاراً نهائياً مدته أسبوع واحد، فنست كل مبادئها للتحرير، وخاضت معارك عنيفة ضد المطربةو استخدمت كل ما تملكه من نفوذ، وبعد سنوات من المرافعات والضغوط والتدخلات، إذا بالمحكمة الشرعية تحكم بأنَّ "ليلى" هي ابنة محمد شعراوي، وفي الحال خضعت هدى شعراوي لحكم القضاء .

المصدر : كتاب مسائل شخصية للصحفي المشهور مصطفي امين .

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/