تنظيم انتظار السيارات وأثره على مشكلات المرور بالكويت د. إبراهيم الدسوقي

كوكب الجغرافيا سبتمبر 25, 2019 سبتمبر 25, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

تنظيم انتظار السيارات وأثره على 

مشكلات المرور بالكويت

د. إبراهيم الدسوقي 




دراسات الخليج والجزيرة العربية - العدد 14 -   جامعة الكويت - مجلس النشر العلمي  أبريل  1978 -  ص ص 11- 36

من أهم الاختراعات التي توصل إليها الإنسان هو السيارة والمركبات عامة ، ذلك الاختراع الذي يحقق للإنسان والبشرية العديد من المزايا والتقدم الرقي ، وبمقتضاه اصبح الزمن عاملا أساسيا في حياة البشر ، فقد حققت المركبات للإنسان السرعة التي ينشدها وأزالت عنه صعوبات جمة ، ووفرت عليه قدرا هائلا من الوقت . لذلك فقد اتسم عصرنا الحالي بالسرعة وأصبح الزمن يقاس فيه بالثواني . 

وفي البداية كانت سرعة السيارات قليلة لا تتجاوز البضعة كيلو مترات في الساعة ومع مرور الزمن والمضي في الاكتشافات والاختراعات ازدادت سرعة السيارة زيادة كبيرة وتضاعفت سرعتها مرات ومرات ، وصحب ذلك ازدياد متقدم في أهمية الوقت الذي توفره السيارات على مستخدميها . 

ولكن ، ومع مرور الزمن أيضا ازدادت أعداد السيارات زيادة لم تكن متوقعة ، ولهذا فقد صحب بعض المشكلات والصعوبات ، منها ما تعلق بتلك الحوادث والإصابات الناتجة عن تسييرها بالطرقات العامة ومنها ما ترتب على البطء والارتباك في تسييرها وتدفقها . 

من هذه المشكلات أيضا أن الأماكن التي تعد لتوقف وانتظار هذه السيارات لم تعد في بعض المناطق كافية لتلك الأعداد الهائلة من السيارات القاصرة والتي ترغب في التوقف والانتظار بعض الوقت . ومما يجسم هذه المشكلة الأخيرة ويزيد من تفاقمها ، أنها لا تظهر إلا في الأماكن الحساسية ذات الأهمية الاقتصادية والتجارية والاجتماعية بحيث تكون ضرورة الانتظار بها أمرا ملحا . 

وبالنظر إلى هذه المشكلة الأخيرة ، فقد بدأت الميزة التي تقدمها السيارات تتراجع وتتقهقر بعد أن بلغت ذروتها ، ففي الوقت الذي يصل فيه الإنسان إلى مقصده في سرعة وزمن مناسب ، قد يجد صعوبة في التوقف أو الانتظار ويحاول مرة ومرات ، ويبحث هنا وهناك عن مكان يأوي فيه سيارته ، ولا شك أن كل ذلك يشكل وقتا ضائعا عليه وعلى التقدم والنمو الاجتماعي بصفة عامة ، وهذا يحد إلى قدر كبير ما تقدمه السيارة من فوائد ومزايا ، وقد يضطر إلى مخالفة القواعد والأنظمة بالانتظار بطريقة غير قانونية أو بطريقة غير منظمة ، فيترتب على ذلك تعرضه للمساءلة وتعرضه للخطورة ، بل انه في حالات عديدة قد تجد صعوبة مطلقة في الانتظار . 

من هنا ظهرت مشكلة انتظار السيارات وفرضت نفسها وأصبحت ظاهرة ملموسة لدى مستخدمي السيارات في بعض المناطق ذات الضغط الكبير في الحركة والانتقال . 

ونظرا لما تعانيه بعض المناطق بالكويت من مشكلة الانتظار ، شأنها في ذلك شأن كثير من الدول المتقدمة ، فقد رأينا تخصيص هذا البحث في محاولة لدراسة مشكلة تنظيم انتظار السيارات بالكويت . 

منهج البحث : 

كما ذكرنا لا تقتصر مشكلات المرور على مشكلة انتظار السيارات ، بل توجد إلى جانبها بعض المشكلات الخاصة الأخرى على درجة من الأهمية والخطورة ، وهي تلك الخاصة بحوادث وإصابات المرور من ناحية ، والإبطاء في حركة المرور وإعاقة تدفقها من ناحية أخرى . ولما كان لمشكلة الانتظار وتنظيمه أثر كبير على سائر مشكلات المرور ، فقد وجدنا ضرورة البدء بإلقاء الضوء على تلك المشكلات والمسائل المتعددة التي ترتب على تسيير السيارات في الوقت الحالي الذي يتصف باتساع رقعة العمران والتقدم الاجتماعي والصناعي بدولة الكويت ، بجانب الازدياد الكبير والمطرد في إعداد السيارات التي تسير على طرقاتها وذلك في الفصل الأول من هذا البحث . 

أما الفصل الثاني فسنخصصه في محاولة لتصوير حقيقة مشكلة الانتظار بالكويت وإظهار مدة ما وصلت إليه من تعقد وصعوبة ومحاولة تلمس الأسباب المؤدية إلى تلك المشكلة . وذلك تمهيدا لوضع الحلول والمقترحات التي تساهم في حل مشكلة انتظار السيارات بالكويت موضوع الفصل الثالث من البحث . وبذلك يكون منهج بحثنا في خطوطه العريضة على الوجه الأتي : 

الفصل الأول : مشكلات المرور بصفة عامة وأثر تنظيم انتظار السيارات عليها . 

الفصل الثاني : مشكلة انتظار السيارات بالكويت . 

الفصل الثالث : طرق علاج مشكلة انتظار السيارات بالكويت . 

الفصل الأول 

مشكلات المرور واثر التنظيم انتظار السيارات عليها 

نبدأ هذا الفصل بإلقاء الضوء على المسائل والمشكلات المتعددة التي تترتب على تسيير السيارات في الطرق العامة ، وسيكون عرضنا لها عرضا عاما مجردا ، وبإيجاز تام أنها ليست مقصودة لذاتها ، بل لمجرد إيضاح أثر تنظيم انتظار السيارات على حلها والتخفيف منها . لذلك كانت نقطة البحث الثانية هي بإيضاح أثر تنظيم انتظار السيارات على هذه المشكلات ومدى مساهمتها في حلها أو التخفيف من حدتها . 

أولا : مشكلات المرور 

يقصد بمشكلات المرور عدم قدرة الأفراد – مشاة أو سائقين – على الانتقال من مكان لأخر بالسرعة المناسبة أو دون التعرض لمخاطر الحوادث والإصابات وتلوث البيئة ، مما يعود بضرر بالغ على الاقتصاد القومي في مجالات متعددة . 

فمشكلات المرور ، كغيرها من المشكلات ، تعبر عن حاجة الأفراد لسلعة أو خدمة معينة ، يرون من الضرورة إشباعها ، ولكن طريق الإشباع تعترضه بعض العقبات أو الصعوبات التي يتعين تذليلها . 

والحاجة ، بالنسبة للمرور ، تمكن في رغبة الأفراد في تحقيق الانتقال الآمن والسريع من مكان لآخر ، ورغبة الأفراد هذه لا تقف عند حد الانتقال المجرد ، وإنما يتعين أن يكون هذا الانتقال بصورة آمنة وسريعة ، وهذان المطلبان الأخيران ، هما اللذان يولدان مشكلات المرور بكافة مظاهرها وصورها ، فكل منهما مضاد ، في تحقيقه للأخر . ذلك أن الانتقال السريع محفوف بالمخاطر وعدم الأمان والسلامة ، وإذا جرى العمل على إسراع حركة المرور دون دراسة علمية فنية مسبقة ، فإنه يؤدي بالضرورة إلى المساس بسلامة وأمن مستعملي الطريق ، ومن الناحية الأخرى فإنه إذا جرى العمل على الحرص على سلامة وأمن مستعملي الطريق دون تخطيط علمي فإن ذلك سوف يؤدي إلى إبطاء حركة المرور . 

وصور مشكلات المرور متعددة ومتنوعة بتعدد وتنوع أسباب هذه المشكلات ، ولكن هذه الصور مهما تعددت وتنوعت فإن لها مظاهر تدل عليها يمكن حصرها في طائفتين أو مجموعتين . 

الأولى : هي حوادث وإصابات المرور . 

الثانية : هي البطء في حركة المرور . 

وذلك بجانب بعض المشكلات الفرعية وتلوث البيئة نتيجة تلوث الهواء بعوادم السيارات التي تسبب كثيرا من الأمراض الخطيرة وكذا ما يصدر عن مختلف المركبات من إزعاج ناجم عن استخدام آلات التنبيه . 

أ- حوادث المرور : 

تعد حوادث المرور ، واتجاه معدلاتها نحو التزايد ، ناقوس الخطر الذي ينبه إلى وجود مشكلات المرور بدرجة تشمل خطرا داهما على المجتمع وأفراده ، ذلك بأنه كثيرا ما يذهب ضحية لها أحد الأبرياء ، كما أن أثرها لا يقتصر على المضرور وحده ، وإنما يمتد إلى عائلته ، ولهذا فقد سميت " الحوادث الاجتماعية " (1) خاصة وأنها بصورتها الحالية جديدة على المجتمعات الحديثة ، ولم تظهر إلا نتيجة لتقدم وتطور الحياة والعلم في المجتمع ولخدمته . 

ولقد أثبتت الدراسات الإحصائية في البلاد المختلفة ، ارتفاع نسبة حوادث السيارات ، والمرور بصفة عامة ، بدرجة ملحوظة ، بحيث أصبحت تشكل في ذاتها ، مشكلة جسيمة لا يستهان بها ، ولا تقتصر خطورتها على الازدياد المطرد والمخيف في إعدادها ونسبها ، وإنما أيضا فيما يترتب عليها من نتائج سيئة وغير مرغوبة . 

فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية ( اليونسكو ) في فبراير سنة 1969 في العدد الخاص من مجلتها الشهرية " عالم الصحة " أن حوادث المرور أصبحت تشكل وباء عالميا ، وإنه في كل دقيقة ونصف أحد الأبرياء من سكان العالم نتيجة هذه الحوادث ، كما أثبتت الإحصاءات التي أعلنتها رئيس اللجنة الاقتصادية في أوروبا في مؤتمر المرور الدولي المنعقد في فينيا سنة 1968 ، أن ضحايا حوادث المرور في العالم خلال سنة 1967 كل أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل وما يزيد على سبعة ملايين ونصف جريح ، وأعلن في ألمانيا الغربية أن عدد المصابين من حوادث السيارات بلغ هذا العام مائة ألف مصاب بجانب تسعة عشر ألف قتيل . 

وفي الكويت ، على وجه الخصوص ، أوردت البيانات الإحصائية ارتفاعا كبيرا في أعداد ونسب الحوادث الناتجة عن حركة السيارات ، فقد زادت أعداد هذه الحوادث في عام 1974 بالمقارنة مع عام 1965 بنسبة 77% كما زاد عدد المصابين في نفس الفترة الزمنية بنسبة 85% حيث بلغ عددهم في عام 1974 ( 12348) مصابا مقابل ( 1745) مصابا فقط في عام 1965 . 

كما أوضحت هذه البيانات أن الأضرار الناتجة عن حوادث الوفاة والإصابات الجسيمة بالكويت تعد من أعلى المعدلات في العالم . 

وتؤكد الدراسات الإحصائية أن حوادث المرور التي تشكل واحدة من أمس المشكلات التي تواجه المجتمعات الحديثة ، تزداد بصورة عامة بازدياد عدد كيلو مترات السفر ، وزيادة السكان ، وزيادة عدد المركبات ، واتساع شبكة الطرق . 

وفي دراسة أجراها بعض المختصين في جامعة الكويت . استنادا إلى بيانات وإحصاءات تطور هذه الحوادث أمكن إعداد تقديرات مبدئية عن حوادث السيارات المتوقعة خلال الفترة من عام 1975 إلى عام 1980 وعن الخسائر في الأرواح والإصابات المتوقعة نتيجة لهذه الحوادث ، ولعل أهم ما تشير إليه هذه الدراسة التنبوئية ما يلي : - 

1- أن حوادث السيارات يمكن أن تصل إلى 20 ألف حادث في عام 1980 . 

2- أن عدد الوفيات نتيجة الحوادث السيارات يمكن أن تصل إلى 400 ألف قتيل بحلول عام 1980 . 

ولكل ما تقدم ، فقد تحرك المسئولون ، على المستوى المحلي ، والعربي والعالمي من أجل مواجهة مشكلات المرور بصفة عامة وحوادث المرور باعتبارها أسس مظاهر المشكلات بصفة خاصة . 

والذي يهمنا أن ننوه في هذا الصدد ، أن دراسة حوادث المرور ومعدلاتها ، يجب أن تعتمد على إحصاءات دقيقة لا تغفل بلاغا يرد إلى مخفر من مخافر الشرطة ، ولا تقف عند تحديد الأسباب المباشرة للحادث بمعنى تحديد الطرف المخطئ ، وإنما تبحث وراء تلك الأسباب عن الدوافع والعوامل التي ساعدت على ارتكاب الخطأ ، حتى تكون هذه الإحصاءات معبرة بصدق عن حجم المشكلة ومداها وأبعادها ومتضمنة في ثناياها أسبابها ، ومن ثم يسهل تحديد طرق علاجها . 

(ب) بطء حركة المرور : 

المظهر الثاني من المظاهر الدالة على مشكلات المرور هو بطء حركة المرور ، وقياس سرعة حركة المرور يقوم على دراسات ميدانية وإحصاءات ومعادلات رياضية في حساب تدفق تيارات المرور بالشوارع والطرق وقدرة هذه الطرق على استيعابها وتصرفها على النحو الذي سيرد تفصيلا فيما بعد . 

ولا تقل الأضرار التي تنجم عن بطء حركة المرور وتعطيل السيارات بالطرق العامة في خطورتها وأهميتها عن حوادث المرور السابق التعرض لها ، ولعل أهم ما يترتب على بطء حركة المرور من مساؤي وأضرار يظهر من الناحية الاقتصادية والصحية والنفسية . 

فمن الوجهة الاقتصادية ، أسفرت دراسة إحصائية للعائد الاقتصادي لسرعة مركبات النقل العام بالعاصمة البريطانية " لندن " أن زيادة سرعة مركبة النقل العام في المدينة لندن من 20 ميلا في الساعة إلى 21 ميلا في الساعة سوف يسفر عن وفر مقداره 29.5 مليون جنية سنويا ، فضلا عما يؤدي إليه من خفض درجة توتر المواطنين لما يلاقونه من عذاب ومشقة في الانتقال من وإلى مقر أعمالهم ، مما سيعود بأثر طيب – دون شك – على العمل والإنتاج . 

كما يظهر أيضا ما يترتب على تعطيل حركة المرور بالطرقات العامة من أثار ضارة ، إذ أمكن تقدير عدد الساعات الضائعة من راكبة المركبات المختلفة في رحلاتهم اليومية ، بحيث يمكن القول أن الزمن الذي يستغرق لقطع مسافة معينة كثيرا ما يتضاعف في ساعات الذروة وهي وقت ذهاب العاملين لأعمالهم وعودتهم منها ، وهذا التعطيل والوقت الضائع يمتد إلى الغالبية العظمى من الأفراد سواء في ذلك مستعملي المركبات الخاصة أو العامة . 

ولذلك تهتم الدول في الوقت الحالي بدراسة الواجهة الاقتصادية لمشكلة المرور ودرجة تداخلها وتفاعلها مع مشكلات النقل ، والتي يظهر عائدها الاقتصادي في شقين : الأول مباشر ، يمكن تقديره وحسابه ، وهو الذي يتمثل في الوفر الزمني العائد على مستعملي الطرق والسيارات نتيجة لسرعة وسهولة الحركة والتنقال وتقليل الحوادث . والثاني : غير مباشر يتمثل في النمو الاقتصادي والاجتماعي والصحي للمجتمع بصفة عامة . 

وعلى سبيل المثال وجد الباحثون البريطانيون في عام 1965 ، أنهم يخسرون في السنة الواحدة ما يعادل 100 مليون سيارة ساعة في التوقف عند تقاطع الشوارع ، كذلك درست بلدية سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية مشكلة المرور فيها فوجدت أن إزالة الأحياء ونقلها إلى خارج المدن لتتمكن من إقامة طرق جديدة تناسب حركة المرور سيكلفها 1800 مليون جينة ، بدلا من ذلك قررت صرف 270 مليون جينة فقط – أي نسبة 15% من تكاليف إزالة ونقل الأحياء – على تحسين الخدمة بشركات النقل العام للركاب ، بحيث يقل اعتماد الناس على السيارات الخاصة ، وبذلك يقل عددها وعدد الكيلو مترات التي تقطعها يوميا مما يمكن من الحد من مشكلات سيرها بالطرق العامة . 

وفي بحث ميداني أجرى بدولة الكويت عام 1976 بشارع الهلالي في الفترة من الساعة العاشرة إلى الحادية عشر صباحا ، ثبت أن العطل والوقت الضائع في الكيلو مترا الواحد يساوي 202.5 ثانية للسيارة الواحدة ، ولما كان عدد السيارات التي مرت بمكان الحادث في الساعة المحددة 1865 سيارة فقد بلغ العطل والوقت لجميع السيارات المارة 377661 ثانية ( 1865 × 202.5 ) أي حوالي 105 ساعة لكل كيلو متر من الطريق . 

وهكذا يظهر بوضوح أن إمكانية الحركة والانتقال في سرعة ويسر ، تعد عاملا أساسيا للتقدم الاقتصادي لما لها تأثير عظيم الشأن في زيادة الإنتاج ودفع عجلة الاقتصاد القومي نحو التقدم والنمو . 

وبجانب ما سبق ، فأننا لا نغفل – بطبيعة الحال – الحالة النفسية والصحية لقائدي المركبات عند ازدياد ضغط المرور وتعثر تدفقه ، وما يترتب على ذلك من توتر في الأعصاب واندفاع نحو الخطأ المؤدي حتما إلى الحوادث بما لها من أثار ونتائج متعددة سبق التعرض لها . 

وأمام هذا البطء المستمر والمتزايد لحركة المرور فقد أولتها جميع البلدان اهتماما خاصا وأفردت لها العديد من الدراسات والبحوث . فسعة الطرق ثابتة مستقرة ، بينما إعداد السيارات والمركبات التي تستخدمها في تزايد مطرد ، ومفاد ذلك استعجال المشكلة وتعقدها أكثر مستقبلا ، والحل هنا ولو أنه واضح وبسيط في فكرته ، إلا أن تنفيذه وطريق تحقيقه ليس دائما بالأمر اليسير فهو ينحصر في زيادة طاقة شبكة الطرق على استيعاب وتصريف تيارات المرور المتدفقة إما بتوسيع الطرق القائمة فعلا وتحسين كفاءتها أن كان ثمة ما يحتاج إلى ذلك ، وإما بإنشاء طرق جديدة وبديلة تمكن من تحقيق سيولة ويسردون إزعاج لقائدي السيارات . 

وأمام تعذر الوسيلة الأولى في غالبية الأحيان ، فإن الاتجاه يكون دائما إلى إنشاء وسق المزيد من الطرق سواء في ذلك السطحية أو السفلية " الإنفاق " أو العلوية " المونويل " ، وأن كان يعوق هذه الوسيلة الثانية ما تتكلفه من نفقات باهظة ، ورغم ذلك فقد أقدمت عليها العديد من الدول باعتبارها وسيلة حتمية لحل مشكلات المرور . 

ثانيا : أثر تنظيم السيارات على مشكلات المرور 

تعرضنا في دراستنا السابقة لأهم ما يترتب على تسير السيارات في الوقت الحالي من مشكلات وعلينا الآن تبيان أثر انتظام السيارات على هذه المشكلات ذلك الأثر الذي يمكن إيجازه في أن تنظيم انتظار السيارات بالطريقة المناسبة يؤدي إلى عدم إعاقة المرور بتسهيل تدفقه وذلك يعني أن تنظيم انتظار السيارات يساعد على إعاقة المرور وتسهيل تدفقه وذلك يعني أن تنظيم انتظار السيارات يساعد على حل مشكلة البطء في حركة المرور وهذا يؤثر بدوره في التقليل من حوادث المرور إذ أن جزءا من هذه الحوادث يرجع إلى ارتباك وبطء حركة المرور . 

لذلك يمكننا القول أن : 

- تنظيم انتظار السيارات يساعد على تسهيل وسيولة حركة المرور . 

- سيولة حركة المرور تساهم في تقليل حوادث المرور . وإيضاح ذلك كالأتي : 

1- تنظيم انتظار السيارات يساعد على سيولة حركة المرور : 

في المناطق التي لا يكون انتظار السيارات فيها منظما تنظيما يكفل لكل من يرغب الانتظار أن يجد المكان المناسب لإيقاف سيارته بسهولة مع الأمان الكافي : نلحظ في هذه المناطق ارتباكا في حركة المرور وبطء في تدفقها وعائقا أمام سيولتها ، ذلك أن قائد السيارة الذي لا يجد مكانا لإيقاف وانتظار سيارته سيجد نفسه أمام أحد حلين : 

الحل الأول : أن يحاول مرة ومرات لإيجاد مكان لانتظار سيارته بالذهاب والعودة حول المكان الذي يبغيه . 

الحل الثاني : أن يوقف سيارته بالمخالفة للقواعد المنظمة للانتظار ، أما بإيقافها صف ثان بمكان الانتظار وأما بإيقافها بمكان ممنوع فيه الانتظار كلية . 

فإذا اختار قائد السيارة الحل الأول بمحاولته إيجاد مكان لانتظار سيارته ، فإنه سيجول بالمنطقة جيئة وعودة شاغلا للطريق معطلا السيارات التي خلفه معرقلا لحركة المرور ، ويظهر ذلك بصفة خاصة إذا ما لاحظنا أن قائد السيارة في هذه الحالة يقود سيارته على سرعة قليلة حتى يتمكن من رؤية المكان المنشود ، كما أن ذهنه غالبا ما يكون مشغولا بالتفكير في كيفية إيجاد المكان الملائم للانتظار . ولا شك أن كل ذلك يزيد من خطورة المشكلة . 

وإذا ما نفذ صبر قائد السيارة وأثر إيقافها بمكان لا يجوز الوقوف فيه فإنه يكون بذلك قد زاد الأمر تعقيدا إذ أن وقوف السيارة وانتظارها بهذه الكيفية يؤدي إلى اقتطاع جزء من الطريق المخصص لمرور السيارات وهذا يؤدي إلى اختناق حركة المرور والبطء في تدفقها . وترتب النتيجة سواء كان الانتظار في مكان ممنوع فيه الانتظار بصفة مطلقة أم في مكان ينظم فيه الانتظار بكيفية معينة لم تراع من قائد السيارة بأن كان الانتظار يتم أفقيا ( بأن تكون السيارة محاذية للرصيف والطريق ) ولكن القائد السيارة أوقفها راسيا أي بغرض الطريق عموديا على الرصيف . ففي كل هذه الحالات يكون هناك اقتطاع من عرض الطريق المخصص لمرور السيارة وليس لانتظارها . 

وهذا بجانب ما يترتب على الانتظار غير المنظم من إعاقة لحركة المرور وبطء تدفقه عند مغادرته قائد السيارة للمكان . 

وهكذا يتضح لنا أن حسن تنظيم الانتظار يؤدي إلى الإسراع في حركة المرور ، وسوء تنظيمه يؤدي إلى البطء في حركته واختناقه هذا مع مراعاة أن حسن تنظيم وانتظار السيارات نعني به إمكان إيجاد المكان المطلوب لإيقاف السيارة به وانتظارها بسهولة ، أي ضمان هذا المكان أما سوء تنظيم السيارات ، فهو عكس ذلك أي عدم وجود الأماكن الكافية لانتظار السيارات . 

2- سيولة الحركة المرور التي تساهم في تقليل حوادث المرور : 

هناك عدد من حوادث المرور يجد سببه المباشر في عدم تنظيم حركة المرور ، فإذا ما قضينا على السبب زالت النتيجة . 

فالإبطاء في حركة المرور في منطقة معينة بسبب عدم تنظيم الانتظار وضيق المكان المخصص لمرور السيارات نتيجة اقتطاع جزء من الطريق للانتظار غير المنظم ، قد يؤدي إلى وقوع حوادث المرور بسبب اندفاع قائدي السيارات في سرعات رهيبة بمجرد خروجهم من منطقة التزاحم لمحاولة تعويض ما ضاع من وقتهم في الاختناق . وهذه السرعة هي أهم عوامل المؤدية إلى حوادث المرور . نضيف إلى ذلك الحالة النفسية التي يكون عليها قائد السيارة وعدم تحكمه في أعصابه في حالة تعطله في الطريق خاصة إذا كان مرتبطا بموعد أو بعمل . 

لذلك فقد قيل أن أهم ما يترتب على ازدحم المرور واكتظاظ الشوارع بالسيارات هو تزايد حوادث المرور ، والتأخير والإرهاق النفسي والجسماني ، وكلها تعبر عن الثمن الذي يدفعه كل منا ، ويدفعه المجتمع نتيجة لهذا الازدحام . بينما لا يتزايد معدل حوادث المرور مع كثافة المرور بنفس السرعة التي يتزايد بها زمن التأخير إلا أننا يجب أن نتوقع أنه كلما زادت كثافة المرور وقصرت المسافة التي تفصل السيارة عن بعضها البعض على الطريق كلما زاد معدل حوادث المرور وهناك بعض الدلائل القوية على أن ذلك المعدل يتزايد فعلا مع كثافة المرور . ففي دراسة عملية على طريق ولاية كاليفورنيا السريعة التي ينفصل فيها اتجاها المرور انفصلا تاما عن طريق مساحة كبيرة من الأرض بينهما ، وجد أن الزيادة الحدية في عدد الحوادث التي تنتج عن زيادة معينة في حجم المرور تعادل مرة ونصف المعدل العادي لهذه الحوادث . وهذه العلاقة واضحة أيضا في دولة الكويت . فلقد أرتفع عدد السيارات الخاصة من 45143 سيارة في نهاية عام 1964 إلى 164895 سيارة في نهاية عام 1974 وصاحب ذلك زيادة في عدد حوادث المرور من 6043 حادثة إلى 11627 حادثة في خلال نفس الفترة (2) . 

الفصل الثاني 

مشكلة انتظار السيارات بالكويت 

سنقوم في هذا الفصل بدراسة تحليلية واقعية لمشكلة انتظار السيارات بالكويت ، في محاولة لتصوير المشكلة وإيضاح أبعادها ومداها ومناطق ظهورها وتفاقمها . تعقب ذلك بتحديد الأسباب المؤدية إلى ظهور مشكلة الانتظار وإيضاح العوامل التي أدت إلى تفاقمها . 

تصوير مشكلة الانتظار 

تعني مشكلة انتظار السيارات ضرورة توفير المكان الملائم لانتظارها ، على أن يكون قريبا قدر الإمكان كم أماكن تواجد أصحابها أو من مقاصدهم . 

ومشكلة الانتظار لا تظهر خطورتها وتفاقم جسامتها إلا في أماكن وسط المدينة والأماكن المماثلة ذات الصفة التجارية حيث تتكدس المحال التجارية والشركات والمصالح الحكومية وبالتالي تكثر حركة الأفراد والتنقل والانتقال باستعمال السيارات . 

والذي يؤدي إلى ظهور مشكلة الانتظار بمظهرها الخطير ، العديد من العوامل منها الآتي : 

- أن منظمة وسط المدينة لها طبيعة خاصة فشوارعها ليست بالاتساع الكافي لاستيعاب كافة السيارات المنتظرة حيث أنها عادة ذات طابع تخطيطي قديم . 

- أن الفئات التي تعمل في هذه المناطق غالبا ما تقتني السيارات حتى تتمكن من مباشرة أعمالها وتضطر إلى الانتظار بسيارتها نددا طويلة الأمر الذي لا يتيح لبقية الأفراد المكان المناسب للانتظار بسيارتهم . 

- الأعداد الضخمة من الأفراد الذين يفدون إلى هذه المناطق بسياراتهم وما يترتب عليه من ازدياد عدد السيارات التي تفد إلى هذه المناطق مع الجمهور من ذوي الحاجات . 

ومن هنا ظهرت المشكلة حيث يضطر البعض لانتظار بسياراتهم في أماكن مخالفة لما تقتضي به قواعد المرور كما يضطر البعض الآخر إلى ترك سياراتهم في إمكان بعيدة نسيبا مما يحملهم مشقة بالغة . 

وفي الكويت بصفة خاصة ، تظهر بوضوح مشكلة انتظار السيارات ويعاني منها كل من مستخدمي السيارات ورجال المرور على السواء نظرا للأعداد المتزايدة في السيارات والمركبات بمختلف أنواعها بجانب ضيق وعجز الأماكن المخصصة للانتظار لخدمة هذه السيارات . 

وعلى سبيل المثال في بحث ميداني أجرى في عام 1976 بشارع الهلالي أحد شوارع منطقة وسط المدينة المزدحمة بالسيارات تبين أن هناك احتياجا ورغبة شديدة ومتزايدة إلى وقوف السيارة وأماكن الانتظار ، لوجود وزارات عديدة ومؤسسات مثل وزارة التربية والإعلام ، علاوة على الأسواق التجارية وكلها تحتاج إلى مواقف انتظار العاملين الموظفين وكذلك مواقف انتظار للزوار والمراجعين والمشترين القاصدين . 

ومن واقع البحث الميداني لمعرفة الحالة العامة لانتظار وأماكن الانتظار من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الواحدة ظهرا لأحد أيام العمل الاعتيادية كانت النتيجة كالآتي : 

- أماكن الانتظار الرسمية بالساحات مزدحمة ، كما أن فرص الحصول على مكان الانتظار بالنسبة قليلة مما يضطر معه السائقين في الوقوف المخالف بالممرات وقد يقفل أو يمنع حرية السيارات المنتظرة من التحرك عندما تريد ذلك . 

- رغبة عامة عند السائقين في الوقوف والانتظار بالقرب من مقصدهم مهما عانوا من صعاب أو حتى بالوقوف المخالف على الرغم من وجود ساحة منطقة مخصصة لوقوف السيارات أو أراضي فضاء على مقربه أو على مسافة معقولة من هذا المقصد . 

- انطلاقا من هذه الرغبة أي من تصرفات السائقين وجدت فوضى للوقوف والانتظار المخالف على الرصيف الجانبي وفي دوار جامع الشملان ، ودوار الرشايدة ( الإعلام ) وكذلك عند تقاطع شارع فهد سالم . 
شوهد أثناء فترة ، البحث الميداني وقوف السيارات وانتظارها على الطريق ذاته وبجوار الأرصفة الجانبية وعلى امتدادها وخصوصا في المنطقة ما بين دوار وزارة الإعلام وتقاطع شارع فهد سالم ، الذي أدى إلى صغر عرض الطريق المستقبلي لحركة المرور فأصبح 6.5 مترا بدلا من 9 أمتار . وزاد من صعوبة الأمر وتفاقم المشكلة الوقوف المخالف والانتظار في أكثر من مكان ولفترات قصيرة لسيارة ثانية بجوار وموازنة لتلك الواقفة بمحاذاة الرصيف الجانبي أي انتظار مزدوج وهذا يسبب مضاعفة الاختناق ذا أنه يشغل خمسة أمتار من عرض الطريق ويترك أربعة أمتار فقط لحركة المرور . 

- هذا ، وقد لوحظ وجود مساحات من الأراضي خالية وعلى مسافات معقولة كموقف انتظار ممكن استغلالها بدلا من مخالفتهم لقواعد المرور علما بأن الاتجاه مباشرة للوقوف بها فيه توفير كبير لوقت السائقين في البحث عن مكان خال لوقوفهم . 

مواجهة مشكلة الانتظار : 

تظهر مشكلة الانتظار وتجسم في منطقة وسط المدينة التي تتميز بأنها المقصد وفيها الرحلات حيث مراكز العمل والنشاطات التجارية والأسواق وفيها تشتد الحاجة إلى مواقف الانتظار والتحميل وتحتاج إلى دقة في تنظيم المرور وتصريفه والتحكم فيه . وشبكة الطرق في المدينة يؤثر فيها تأثيرا بالغا تنظيم أماكن الانتظار وما تحتاجه من مساحات انتظار فإن سطح الطريق يجب أن يخصص للسيارات العابرة لا لوقوفها أو الانتظار عليها . 

وإيمانا من الدولة بأهمية وخطورة مشكلة الانتظار فقد أولتها أهمية فائقة من حيث الدراسة والبحث للوصول إلى أنسب وسائل علاجها . فلقد كان المشكلة الانتظار نصيب كبير من دراسات الخطة الطبيعية القومية والمخطط الهيكلي للمناطق الحضرية والتي وفقا لها أمكن التنبؤ للمدى القصير ( 1980- 1985 ) بمقدار ومكان الاحتياجات إلى أماكن انتظار السيارات من حيث عدد أماكن الانتظار ونوعيتها وأماكن تواجدها وأنسب الوسائل لتوفيرها . 

ونظرا لوجود هذه الدراسات كاملة مستوفاة بقسم دراسات المرور بالبلدية فلن نتعرض لها هنا إلا لمجرد الإشارة إليها وإلى أهميتها وفائدة الاعتماد عليها واتخاذها أساسا لمواجهة المشكلة . 

ومما هو جدير بالذكر أنه قد تبين أنه لمواجهة الانتظار والتغلب عليه يتعين توفير 31.500 مكان انتظار منها 12000 مكان انتظار في منطقة السوق والمناطق التجارية وعلى بعد مناسب لتسير على الأقدام ، كذلك 8000 مكان انتظار يحتاج إليها كمواقف انتظار لوقت قصير . 

وعدد أماكن الانتظار الباقية ومقدارها 11.500 مكان انتظار يخصص كمواقف انتظار للوقت الطويل . وهو عدد كبير غير اقتصادي ويتطلب توفير ساحات لانتظار بعيدة عن إمكان العمل لا يقطعها الفرد بسهولة عن طريق السير على الأقدام ولكن بسهولة مواصلات أخرى مثل السيارة الأجرة الهامة والحساسة . (3) 

أثبتت الدراسات أيضا أن احتياجات الانتظار في العاصمة وحدها تبلغ 100 ألف موقف ، ولو تصورنا توزيعها أفقيا لاحتجنا ما يقرب ثلث المساحة الحالية للعاصمة لذلك كان لا مفر عند دراسة الحلول والمقترحات الخاصة بمشكلة الانتظار من الاهتمام بإنشاء مواقف متعددة نظرا لضخامة أعداد المواقف المطلوبة وعدم إمكان تجهيزها أفقيا . 

لذلك ، فلم تقتصر مقترحات المخطط الهيكلي على تحديد أعداد وأماكن انتظار السيارات السطحية ، أي التي تشغل مسطح الأرض فقط ، وإنما واجهت أيضا أماكن الانتظار متعددة الطوابق ( ثلاثة أدوار ) . 

وقد قدم المخطط الهيكلي خطتين لمواجهة مشكلة الانتظار على المدى البعيد وهما الخطة الأولى والخطة الرابعة وفي كل من الخطتين تم دراسة وتحديد المساحات اللازمة للانتظار بطريقتين مختلفتين اصطلح على تسميتها الطريقة " أ " والطريقة " ب " وبالتالي ، يكون لدينا أربع خطط تبادلية لإنشاء مواقف انتظار السيارات . 

تنفيذ الحلول الخاصة بمشكلة الانتظار : 

وتنفيذا لاقتراحات المخطط الهيكلي وأعمالا له ، فقد تمت الموافقة على إنشاء عشرة مواقف انتظار السيارات بالمدينة على عدة طوابق انتهى منها اثنان فقط . 

ولقد أنشئت هذه المواقف طبقا للمخطط الهيكلي من حيث اختيار مواقعها وعدد أماكن الانتظار في كل منها ، إلا أنه قد يخصص 25% من مساحة المواقف الكلية كمكاتب وأسواق تجارية ، ولقد شكلت هذه الزيادة في المساحة المستقبلية تجاريا نواحي سلبية لم تكن مكن أهداف إنشاء المواقف المخصصة أصلا لانتظار السيارات فقط ، لذلك فقد أثير التساؤل عن تأثير إنشاء المكاتب والأسواق التجارية على جذب الزائرين وبالتالي على حركة المرور وعلى العدد الكلي المطلوب توفيره لمواقف السيارات لهذه المواقف الجديدة . ويجري في الوقت الحالي بناء مواقف أخرى على عدة طوابق جديدة بالعاصمة (4). 

أسباب مشكلة الانتظار بالكويت 

لعلة قد وضح لنا من العرض السابق لمشكلة الانتظار بالكويت أن ظهور هذه المشكلة يرجع إلى عدم التوافق بين أعداد السيارات راغبة الانتظار في بعض المناطق ، وبين الأماكن المخصصة للانتظار بها . 

أما عن أسباب عدم التوافق هذا فيرجع إلى العديد من العوامل منها إما يتعلق بالازدياد المطرد والمستمر في إعداد السيارات بالكويت ومنها ما يتعلق بتمركز المناطق التجارية ومناطق الأسواق في أماكن متلاصقة ومنها ما يرجع إلى الاعتماد الأساسي على السيارات الخاصة في حركة التنقل دون غيرها من وسائل النقل العام والجماعي . 

من هذه العوامل أيضا قلة الأماكن المخصصة لانتظار السيارات من ناحية ، وعدم تنظيم بعضها من ناحية أخرى ، وذلك من جانب بعض العوامل الخاصة بنقص الوعي المروري لدى الكثير من قائدي السيارات . وعدم مراعاة الحزم ، في بعض الأحوال ، في تنفيذ قواعد تنظيم الانتظار . 

ومما سبق يتضح لنا أن من أهم أسباب مشكلة الانتظار بالكويت الأتي : - 

1- الازدياد المستمر في إعداد ونسب السيارات : 

تدل الدراسات الإحصائية أن نسبة تملك السيارات في الكويت من أعلى النسب في العالم . فقد شهدت نموا متزايدا في إعداد السيارات على اختلاف أنواعها – وبصفة خاصة السيارات الخصوصية . 

وقد أثبتت هذه الدراسات أن عدد مجموع السيارات قد تضاعف عشر مرات تقريبا خلال فترة 14 عاما فقط من 33 ألف سيارة عام 1960 إلى أكثر من 220 ألف سيارة في عام 1974 . بل وصل هذا الرقم أكثر من 333 ألف سيارة عام 1967 . 

كذلك تبين أن نسبة السيارات الخاصة إلى إجمالي المركبات في تزايد مستمر ، ولا شك أن ذلك يعني تعقيد أكبر بالنسبة لمشكلة الانتظار ، إذ أن السيارات الخاصة هي الأكثر إلحاحا على الانتظار . 

ولا شك أن هذه الزيادة المضطرة والهائلة في إعداد السيارات ستزيد من مشكلة الانتظار صعوبة وتعقيدا طالما لم يصاحبها زيادة مقابلة في الأماكن المخصصة لانتظارها . 

2- شدة الإقبال على مناطق وسط المدينة : - 

من العوامل التي تساعد على صعوبة مشكلة الانتظار وازدياد جسامتها – إلى جانب الازدياد المستمر في إعداد ونسب السيارات – شدة الإقبال على مناطق وسط المدينة التي تتميز بأنها المقصد لأعداد غفيرة من الجمهور العامل والمتسوق ، ففيها نهاية العدد الأعظم من رحلاتهم حيث تتمركز الأنشطة التجارية والاقتصادية والبنوك ومراكز العمل بجانب الوزارات والمصالح الحكومية ولا شك أن كل ذلك يؤدي إلى زيادة الإقبال على هذه المناطق دون غيرها . 

فالملاحظ أن الوزارات المختلفة تتمركز في نفس مناطق الأسواق التجارية ، وفيها أيضا توجد مختلف أوجه النشاطات من اقتصادية واجتماعية وتجارية ، وكل ذلك يؤدي إلى تركيز الإقبال على بعض المناطق دون غيرها ، هي التي تكون منطقة السوق أو منطقة وسط المدينة ، فإذا ما أضفنا إلى ذلك ما عليه هذه المناطق من تخطيط قديم يتصف بقلة أماكن الانتظار وضيق في الشوارع وازدحام في المنشآت أمكننا بسهولة تصور قصور أماكن الانتظار وعجزها عن استيعاب الأعداد الكبيرة من السيارات التي تقصدها . 

3- عدم كفاية أماكن الانتظار : - 

يمكن السبب الأساسي بالنسبة لمشكلة لانتظار السيارات بالكويت في قلة الأماكن المخصصة للانتظار وبالنسبة لأعداد السيارات ، بالإضافة إلى فقدان بعض هذه الأماكن إلى التنظيم الذي يحقق لها فعاليتها أكبر . 

فقد لوحظ أ،ه يوجد بوسط المدينة بعض مناطق تصلح لانتظار ، وتقف بها السيارات فعلا ، ولكن لكونها بعيدة عن أعين رجال المرور ولم يصلوا إليها لتنظيم الانتظار فيها ومراقبتها نجد أن وقوف وانتظار السيارات بمثل هذه الأماكن غير منظم ويتم بطريقة عشوائية ، حيث تأتي السيارات وتنتظر في بداية هذه المناطق وتحجب عنقها ويتوالى قدوم السيارات تسد جميع المنافذ التي توصل إلى داخل هذه الأماكن ولا تستطيع السيارات من الوصول إلى العمق الخالي . وبهذه النتيجة يتعذر انتظار السيارات رغم وجود أماكن خالية بالفعل والسبب في ذلك عدم تنظيم هذه الأماكن وانعدام الوعي المروري لدى قائدي السيارات الذين يؤثرون التوقف في أقرب الأماكن رغم ما قد يترتب على ذلك من حرمان لفئة كبيرة من الانتفاع بالمكان . 

الفصل الثالث 

طرق علاج مشكلة الانتظار بالكويت 

على ضوء تعرضنا لمشكلة انتظار السيارات بمدينة الكويت في الفصل السابق وبعد أن توصلنا إلى الأسباب الحقيقية لهذه المشكلة ، نقوم الآن بعرض الطرق والحلول التي يمكن بها حل وتنظيم مشكلة الانتظار . 

يمكن إنجاز هذه الطرق والحلول في اجرائين أساسيين تتبعها بعض الإجراءات التكميلية وذلك على الوجه الآتي : 

الإجراء الأول : العمل على تقليل ضغط حركة السيارات الخاصة . وهي أكثر السيارات إلحاحا على الانتظار – على المناطق التي تظهر فيها مشكلة انتظار السيارات ، وذلك عن طريق : 

- الحد من التوسع في اقتناء السيارة الخاصة . 

- تشجيع تملك السيارات الصغيرة على حساب السيارة الكبيرة . 

- تشجيع الاعتماد على وسائل النقل العام . 

- تشجيع إنشاء المراكز التجارية ومراكز العمل خارج المدينة . 

الإجراء الثاني : العمل على زيادة أماكن وقوف الانتظار مع تنظيمها لرفع فعاليتها ، وذلك عن طريق : 

- التوسع في مناطق الانتظار الأرضية ومتعددة الأدوار . 

- تنظيم مواقف الانتظار الموجودة حاليا . 

- تنظيم مواقف انتظار السيارات الأجرة . 

الإجراءات التكميلية : ونقصد بها تلك الطرق والوسائل التي تساعد وتعضد الإجراءين السابقين وتزيد من فعاليتها ، ونذكر منها : - 

- نشر الوعي المروري مع التركيز على ذلك الذي يتعلق بتنظيم الانتظار . 

- الحزم في تنفيذ قواعد تنظيم الانتظار . 

وفيما يلي نتعرض لكل إجراء من هذه الإجراءات على حدة : 

1- الحد من التوسع في اقتناء السيارة الخاصة . 

ظهر لنا من دراستنا المتقدمة أن مشكلة انتظار السيارات ترجع إلى الزيادة الضخمة في إعداد السيارات الخاصة ، بطريقة لا تتلاءم مع أماكن الانتظار المتاحة ، ولاشك أن هذه المشكلة ستزداد وتتفاقم جسامتها أمام النمو المتزايد في تملك واقتناء السيارات الخاصة ، ونشير بهذا الصدد إلى أ،ه قد ثبت لدى دراسات خبراء مجلس الوحدة الاقتصادية التي تناولتها مناقشات أول ندوة لبحث إمكانيات الدول العربية في إنتاج سيارات الركوب ... ثبت من هذه الدراسات أن الكويتي هو أكثر العرب اقتناء للسيارة . 

فالعديد من العائلات الكويتية تمتلك أكثر من سيارة ، قد تصل لدى بعض الأسر إلى أربع أو خمس سيارات ، بل أن هناك من الأسر يمتلك فيها كل فرد سيارة وربما أكثر . 

ومن العوامل التي تساعد وتشجع على التوسع في اقتناء السيارات الخاصة بالإضافة إلى انخفاض أسعار بنزين السيارات أ،ه حتى صدور قانون المرور الجديد رقم 67 لسنة 1976 لم تكن هناك أية رسوم تفوض على تسيير السيارات . ومع صدور القانون الجديد فرض رسما ولكنه رسم زهيد لا يؤثر في ظاهرة الإقبال على اقتناء السيارات . 

لذلك كان لزاما وضع سياسة تؤدي إلى الحد من التوسع في اقتناء السيارات الخاصة مستقبلا عن طريق بعض الإجراءات التي يأتي في مقدمتها : 

1- زيادة الرسم المفروض على الترخيص للسيارات الخاصة بالسير في الكويت . على الترخيص للسيارات الخاصة بالسير في الكويت . مضاعفة رسم التسيير المفروض على السيارات بالنسبة للسيارة الثانية وما يعدها . 

ويكون ذلك عن طريق التدرج في هذا الرسم ورفع قيمته بتعدد السيارات التي تملكها الأسرة الواحدة . 

2- تشجيع اقتناء السيارات الصغيرة . 

من الظواهر الشائعة والواضحة في الكويت كثرة استعمال السيارات كبيرة الحجم ، ومن الوجهة المرورية البحتة فإن هذه السيارات لا تساهم في حل مشكلات المرور ، وإنما تزيدها تعقيدا . فالسيارة الكبيرة تحتاج لمساحات أكبر سواء للسير أو الانتظار . 

لذلك فإن السيارات الصغيرة الحجم تقدم خدمة جليلة وتساهم بدرجة واضحة في تخفيف حدة مشاكل المرور بصفة خاصة ومشكلة الانتظار . إذ أن نفس المكان الذي يتسع لعدد معين بالنسبة للسيارات الكبيرة . فإنه يتسع لعدد أكبر بالنسبة للسيارات صغيرة الحجم . 

ومن هذا المنطلق نرى أن تشجيع اقتناء السيارة الصغيرة الحجم على حساب السيارات الكبيرة الحجم يساعد ويساهم في حل مشكلة الانتظار . 

وتشجيع اقتناء السيارات الصغيرة يتأتي بالعديد من الطرق بأتي في مقدمتها إعفاؤها من رسوم التسيير التي تفرض عليها في نفس الوقت الذي ترتفع فيه هذه الرسوم بالسبة للسيارات الكبيرة الحجم . 

3- تشجيع الاعتماد على وسائل النقل العام 

لم تزل خدمات المواصلات العامة على حالها منذ عام 1965 ولم تتطور لتواكب احتياجات ورغبات الأهالي والعاملين فهي اقل مما يجب لمطالبهم الأساسية كما أنها لا تتناسب مع التطور الاقتصادي والعمراني الحاليين لدولة الكويت ثم أن أزمة المواصلات يتوقع لها أن تتفاقم خلال الفترة المقبلة مع وصول أعداد جديدة من الوافدين والأيدي العاملة التي تحتاجها البلاد في تنفيذ مشروعاتها العمرانية الخاصة وأن هذه الأيدي العاملة الوافدة هي التي تعتمد على المواصلات العامة حيث أن إمكانياتها لا تتيح لها شراء سيارات سيارة خاصة وبالذات فير الفترة الأولى لقدومها بالكويت . 

ولما كانت المواصلات الجماعية من الوسائل الفعالة لتخفيف ازدحام السيارات فإن هذا يتطلب من الدولة والمؤسسات تطوير وإنشاء المواصلات العامة والجماعية المغرية لجذب الركاب ثم إغراء جميع السائقين على ترك سياراتهم الخاصة بالمنزل أو أماكن الانتظار الكبير على حدود المدينة أو في مواقع خاصة محددة من قبل الجهات المختصة واستبدالها بالمواصلات العامة السريعة . ويستلزم هذا أيضا من جميع المواطنين أن ترحب وتشجع المواصلات الجماعية سواء في رحلات العمل أو في غيرها . 

من هذا يتضح أن إصلاح المواصلات العامة حتى تصير فعالة مشجعة للمواصلات الجماعية يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تخفيف الانتظار بالعاصمة لما يترتب على ذلك من تقليل لعدد السيارات المتوجهة إلى قلب المدينة . 

وإصلاح المواصلات العامة لا يأتي بزيادة عدد الباصات والسائقين فقط بالإصلاح الفعلي في تسيير الباصات لكثافة المستخدمين لها وتوزيع خطوط على المناطق طبقا للاحتياجات إليها . مع توزيع محطات الانطلاق والتجمع حيث لا يؤدي تكديس وتركيز الحركة من نقطة واحدة إلى عرقلتها وعرقلة المرور في المنطقة كلها (5) . 

هذا وقد جاء بدراسات الخطة الطبيعية القومية والمخطط الهيكلي للمناطق الحضرية ( سابق الإشارة إليها ) ص 158 فقرة 312 وكان واضحا من نتائج اختبارات حركة المرور أن تسهيلات النقل العام ستكون ضرورية حيث أنه قد اصبح واضحا من مقدار رغبات التنقل كما دلت عليها التجارب والاختبارات أن نظاما للنقل العام يجب الاعتماد عليه دورا مهما في تنقل السكان وقد يكون ذلك على عدة أشكال : وقد تدعو الحاجة إلى ثلاثة أنواع خدمات من الباصات : الباصات الصغيرة ( الميني باص ) للتنقل داخل منطقة المدينة ، والباصات الاعتيادية للرحلات المحلية ، والباصات السريعة الكبيرة التي تستخدم للطرق الطويلة .. إلا أننا نعلم بأنه حتى إذا توفرت طرق خاصة منفصلة للباصات ، فإن رأى نظام الباصات يعاني من نقص ذاتي هو عجزه عن العمل بأوقات سفر أو سرعات تمثل أوقات سرعات السيارات الخاصة . وقد يفضل معظم الناس ، إذا ما خاب أملهم في سياقه السيارة وإيداعها موقفا في منطقة مكتظة بحركة المرور في ركوب باس أبطأ سرعة بديلا لكن ذلك شريطة أن يسمح لهم البديل بإكمال دورة السفر بنفس السرعة التي تسير بها السيارة . وهناك دليل ، حتى في المجتمعات الأمريكية التي تمتاز بنسبة عالية من امتلاك الأرفاد لسيارات على أن حوالي 60% من الأشخاص الذين يقومون برحلات يومية إلى أماكن أعمالهم يفضلون استخدام وسائل النقل السريع إذا كانت متوفرة لديهم وهكذا استنتجنا أن من الواجب القيام بدراسات لنظام نقل قوامه خط حديدي ثابت باعتبار أن ذلك جزءا من تسهيلات النقل العام من أجل توفيرها في الكويت في المدى البعيد " (6). 

4- تشجيع إنشاء المراكز التجارية ومراكز العمل خارج المدينة . 

مدينة الكويت داخل السور هي العاصمة وفيها تتمركز جمع الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية وشبة الحكومة بجانب الملوك والمصالح الحيوية الهامة والأسواق في المراكز التجارية . والملاحظ أن معظم هذه المصالح يقع في المراكز التجارية بقلب المدينة في المنطقة الواقعة ما بيم قصر السيف على شارع الخليج العربي شمالا وشارع فهد السالم وامتداده شارع أحمد الجابر شرقا وكذلك بعض المناطق في شارع السور جنوبا ، ولا جدال أن تمركز الأعمال والمؤسسات والمراكز التجارية والمهنية وسط العاصمة بترتب عليه كثرة عدد السيارات القاصدة المنطقة ، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور مشكلة انتظار السيارات وتفاقمها . 

ولعلاج ذلك يتعين النظر في بعض الإجراءات التي تحد من زيادة تدفق السيارات إلى وسط المدينة وذلك عن طريق : - 

1- تشجيع إنشاء المراكز التجارية خارج المدينة تنفيذا لما جاء باقتراحات المخطط الهيكلي بتوزيع المصالح والهيئات الحكومية خارج العاصمة بدلا من تمركزها في وسطها . 

2- تشجيع إنشاء مراكز العمل خارج المدينة ، سواء بالنسبة للعمل الحكومي أو العمل الخاص . 

إذ بالإجراءين السابقين نكون قد وفرنا للأفراد تسهيل حركة تنقلهم إلى أعمالهم وبالتالي تقليل أعداد السيارات داخل العاصمة وتحقيقا لنفس الفكرة نوصي الجهات المختصة كوزارة الإسكان والتربية وجميع المصالح الحكومية بتوفير مساكن العاملين بالقرب من مناطق عملهم وذلك عن طريق القيام بعملية تنسيق بين مناطق السكن وأماكن العمل ، فيتم إسكان العاملين بمنطقة معينة بنفس منطقة عملهم أو بالقرب منها طالما وجدت بها مناطق إسكان . 

5- التوسع في مناطق الانتظار 

بجانب الإجراءات السابقة توجد إجراءات ووسائل أخرى تساعد وتساهم في حل مشكلة الانتظار ، وهي تدور حول التوسع في مناطق الانتظار بإنشاء العديد من الموقف سواء كانت مواقف أرضية أو سطحية أو كانت مواقف على شكل بيانات متعددة الطوابق ، مع التركيز على هذه الأخيرة نظرا لقدرتها المرتفعة على استيعاب عدد أكبر من السيارات . 

وتحقيقا لنفس الفكرة ، وهي العمل على التوسع في الأماكن المخصصة لانتظار السيارات ، نوصي الأجهزة المختصة – بلدية الكويت – ببحث مدى إمكانية إلزام مالكي الأراضي الخالية حاليا والموجودة بمناطق الازدحام حيث تظهر مشكلة الانتظار بتخصيص الدور الأرضي لما يزعمون إقامته من بنايات بهذه الأراضي كجراجات لإيواء السيارات مساهمة في تخفيف أزمة الانتظار ، خاصة وأن كثير من هذه الأراضي تستعمل واقعيا كأماكن للانتظار ، فإذا تم بناؤها دون تخصيص جزء منها للانتظار لاشتدت الأزمة أكثر . 

6- تنظيم مواقف سيارات الأجرة 

من الأمور التي تساعد في حل مشكلة انتظار السيارات بالعاصمة ، العمل على إنشاء أماكن خاصة لانتظار سيارات الأجرة تعد على نسق مواقف الباصات بالمحطات النهائية وتحتاج لها مواقع مناسبة في المناطق السكنية الأخرى البعيدة عن وسائل المواصلات وبعض الأماكن المحددة جيدا وبعد دراسة متعمقة في وسط العاصمة ، على أن تجهز بالتليفونات حتى يمكن طلبها بسهولة ، وهذا يوفر الراحة للركاب السائقين ويكف عناء السائقين في التجول بالشوارع بحثا عن الركاب ، كما يتيح الفرصة لأصحاب السيارات الخاصة بالانتظار في الأماكن التي كانت تشغلها سيارات الأجرة . 

7- تنظيم مواقف الانتظار 

نقصد بتنظيم الانتظار في هذا الصدد ، بحث افضل السبل التي يمكن بها – مع ثبات مساحة الأماكن المخصصة للانتظار – الوصول إلى تنظيم أكثر فعالية لانتظار السيارات يؤدي إلى استيعاب أكبر عدد ممكن مع المحافظة على سيولة المرور وسرعة تدفقه . 

ويوجد في هذا الصدد العديد من الوسائل بأتي في مقدمتاها نظام الانتظار مقابل أجر معين ، أو نظام عدادات الانتظار الذي يحقق قدرا كبيرا نحو القضاء على شغل السيارات لأماكن الانتظار بوسط العاصمة وغيرها من الأماكن التي تتفاقم فيها مشكلة الانتظار وبصفة خاصة المناطق التجارية حيث تشغل سيارات أصحاب المحلات التجارية والعاملين بها أماكن الانتظار . وباتباع هذه الوسيلة يمكن توفير هذه الأماكن للمترددين من ذوي الحاجات لفترات قصيرة ، وذلك بتوزيع الوقت الذي كانت تشغله سيارة واحدة في انتظارها الطويل إلى عدة فترات قصيرة تنتفع به عدة سيارات ، وبذلك يزداد عدد المنتفعين بأماكن الانتظار رغم ثبات المساحة على حجمها دون تغيير فيها . 

ونظام الانتظار هذا ، الذي لا تغفل أهميته ، لم يبدأ بعد تنفيذه بالكويت رغم أ، قانون المرور الجديد رقم 67 لسنة 1976 أجاز في مادته السابعة والعشرون لوزير الداخلية أن يحدد أماكن لا يجوز الوقف فيها إلا لمدة محدودية ومقابل رسم يحدده ، ويصدر قرار بتنظيم الوقوف في هذه الأماكن وبيان طريقة تحصيل الرسم . 

ويقوم هذا النظام على فكرة تقييد مدة الانتظار – نتيجة ما يفرض من رسم كقابل – مع تنظيم الرقابة ، في أماكن كعينة تكثر فيها السيارات ، الأمر الذي يحدد من استئثار بضعة سيارات قليلة لأماكن الانتظار ووقوفها لفترات طويلة وحرمان سائر السيارات من التوقف أو الانتظار . وقد يكون منها ما لا يحتاج إلا لبضعة دقائق لقضاء حاجة سريعة يليها البعض الآخر لفترات قصيرة .. وهكذا فنظام الانتظار بأجر يؤدي إلى تمكين الاستفادة من الانتظار لأكبر عدد ممكن من السيارات لفترات قصيرة . 

ولنظام الانتظار مقابل أجر محدد العديد من المزايا ، ويأتي في مقدمتها الأتي : - 

1- أنه سهل التطبيق مرن التنفيذ ، فالتعريفة التي ستحدد مقابل الانتظار يمكن أن تختلف وفقا لقرب أو بعد مكان الانتظار من وسط المدينة وأماكن الضغط والازدحام وبصفة عامة المناطق التجارية حيث تظهر ازدياد أعداد السيارات وعدم كفاية أماكن الانتظار المتاحة . 

2- من شأن هذا النظام أن يعود قائدي ومستعملي ومستعملي السيارات على تغيير نظرتهم إلى الطرق العامة وعدم اعتبارها كجراج مجاني لسيارتهم غير خاضع لأية قيود ، وإنما هي أماكن عامة لخدمة جميع مالكي السيارات ويخضع لقواعد وقيود محددة . 

لنفس السبب أيضا يشترك هذا النظام ، بطريقة غير مباشرة ، في تنظيم الانتظار وتحسين خدمته 

3- يمكن عن طريق المبالغ التي تحصل مقابل الانتظار المساهمة في حب مشكلات المرور بصفة عامة ، خاصة وتلك المشكلات التي يعتمد حلها على المواد المالية أكثر من غيرها . 

4- يمكن هذا النظام من استيعاب أكبر عدد ممكن من السيارات وتمكينها من الانتظار لفترات معقولة أو قصيرة ، ويكفي أن نوضح أن السيارة الواحدة التي كانت تنتظر مدة ثماني ساعات يمكن أن ينتظر بدلا منها ثماني سيارات لمدة ساعة لكل سيارة أو ست عشرة سيارة لمدة نصف ساعة لكل سيارة وهكذا يمكن أن يضاعف عدد السيارات الذي يفيد من الانتظار ويزداد بصورة واضحة وفقا لهذا النظام . 

5- 8- الوعي المروري 

مما لا شك فيه أن هناك نسبة كبيرة من قائدي المركبات تعوزهم الدراية بالأسباب الصحيحة لاستخدام الطرق وبقوانين المرور ونظمه وقواعده . والكثير ممن لديهم إلمام بقواعد المرور يرون فيها قيودا على حرياتهم وبصفة عامة فإن هناك أعدادا كثيرة من السائقين لا يقومون باستخدام المركبات والطرق الاستخدام السليم الأمن ، ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى عدم توافر الوعي المروري لديهم ذلك الوعي الذي يعد المؤشر الأول في جنوب الكثيرين منهم للمواطنين عند استعمالهم للطرق ويعتبر السبب المباشر في جنوح الكثيرين منهم لمخالفة القواعد المرورية بمختلف صورها وفي مقدمتها عدم احترام قواعد تنظيم الانتظار والوقوف أو الانتظار بالمخالفة . 

ولذلك كان نشر الوعي المروري قائدي المركبات أمرا ضروريا وعليه يتوقف إلى حد كبير تنظيم حركة المرور والإسهام في حل مشكلاته فلا يكفي أن نحدد القواعد والآداب التي يجب مراعاتها عند استخدام الطريق ولا يكفي توقيع العقوبات على الخارجين على هذه القواعد إذ أن الاستجابة لقواعد وآداب المرور يجب أن ينبع من مستعملي الطرق أنفسهم وهذا لا يتأتى إلا إذا كان لديهم الوعي الكافي بالمشكلة ومظاهرها ووسائل حلها ومدى جدوى هذه الوسائل ونشر الوعي المروري لا يقتصر على مجرد تذكير السائقين بالقواعد والآداب التي يجب كمراعاتها عند سلوك الطريق بل يجب أن يكون هدفهم هو النفاذ إلى عقولهم كي يلمسوا عن قرب المشكلة بمظاهرها المختلفة ويقفوا على الجهود التي تبذل لحلها ويشاركوا في إبداء الرأي ومقترحات التي تسهم في حلها لكي يلموا بحقيقية دورهم في حل المشكلة وأهمية هذا الدور وخطورة عدم القيام به . 

ونشر الوعي المروري لا يقتصر على وجهة ما دون غيرها ، فهو يقع على عائق الآباء بالنسبة للأبناء ، والمدرسة والعهد بالنسبة للتلاميذ ويقع على عاتق المسئولين في المصانع والشركات بالسبة للعاملين بها ، هذا علاوة على ما يمكن أن تسهم به وسائل الإعلام المختلفة كالإذاعة والتليفزيون والصحف والمجلات في نشر الوعي المروري . 

ونوضح فيما يلي بعض المجالات التي يمكن أن تستغل لنشر الوعي المروري . 

1- بالنسبة لتلاميذ المدارس والمعاهد : - 

يمكن أن تدرس مادة التوعية المرورية كمادة دراسية لهؤلاء التلاميذ نظريا وعمليا ، وتكون الدراسة النظرية عم طريق شرح قواعد وآداب المرور التي يجب مراعاتها من مستعملي السيارات ومن ضمنها القواعد الخاصة بتنظيم انتظار السيارات ، ويستعان في ذلك بالأفلام السينمائية وبوسائل الإيضاح المختلفة . 

2- مدارس تعليم قيادة السيارات : 

يمكن أن تساهم مدارس ومكاتب تعليم قيادة السيارات مساهمة فعالة في نشر الوعي المروري وذلك عند التحاق راغبى الحصول على رخص قيادة السيارات بها إذ أن من واجبي هذه المدارس والمكاتب تعليم المتقدمين بقواعد وآداب المرور وما يجب عليهم اتباعه عند استخدام الطرق العامة والانتظار بالسيارات . 

3- الأجهزة الشعبية : 

يمكن لهذه الأجهزة بما لها من شعبية خاصة أن تقوم بدور هام في نشر الوعي المروري ولها أن تستعين في المادة المرورية بالمختصين في ذلك . 


9- تنفيذ قواعد تنظيم الانتظار 

أن النفس البشرية تنطوي غريزتي الخير والشر ، تصارع كل منها الأخرى بغية الظهور إلى حيز الوجود ، وإذا كانت الجهات المسئولة تعمل على نشر الوعي المروري بين مستعملي الطريق بقصد تغليب غريزة الخير فإنها تعتمد على الاقتناع الفعلي ولكن بعض النفوس لا يكفيها مجرد الاقتناع وإنما تحتاج إلى قوة أخرى تعمل على كبت غريزة الشر فيها وإلا فالعقاب هو مصير صاحبها . 

لهذا فإن صياغة القوانين واللوائح وتحديد العقوبات التي تتلاءم مع طبيعة النفس البشرية وظروف البيئة التي تطبق فيها يجب أن تولي عناية خاصة حتى تكفل لقواعد وآداب المرور احترامها وتمنع كل من تسول له نفسه من مخالفة ما ارتضته الجماعة من وقواعد ونظم . 

لهذا تعين أن يتصف تنفيذ رجال المرور لقواعد المنظمة لانتظار السيارات بالحزم والجدية حتى يمكن تحقيق الرقابة الفعالة وأخذ المخالفين بحكم القانون منعا من تكرار المخالفة وتحذير الغير بأن أعين الرقابة الساهرة على تنفيذ القانون وأنها لا تتوانى في أداء واجبها بكل دقة وعناية . 

الهوامش 

(1) - دكتور إبراهيم الدسوقي . المسئولية المدينة عن حوادث السيارات . القاهرة ، 1975. 

(2) - أنظر د . وينهم كابس . الحل الاقتصادي لمشكلة المرور في الكويت . مجموعة محاضرات ألقيت للدارسين بمعهد تدريب الضباط بكلية الشرطة ، دورة المرور التخصيصة ، 1977 . 

(3) - من دراسات قسم دراسات المرور ببلدية الكويت . 

(4) - تقرير قسم دراسات المرور ببلدية الكويت . 

(5) – أنظر : مقال المهندس موسى الصراف . نشر بجريدة السياسة في 20- 1- 1977 . 



المراجع : 

1- دكتور إبراهيم الدسوقي : المسئولية المدينة عن حوادث السيارات . دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1975 . 

2- أحمد قرين . الوجه الاقتصادي لمشكلة المرور . سلسلة أبحاث الدارسين بمعهد الدراسات العليا لضباط الشرطة ، القاهرة . 

3- تقارير وأبحاث قسم دراسات المرور ببلدية الكويت . غير منشورة . 

4- دكتور زينهم كابس . الحل الاقتصادي لمشكلة المرور في الكويت . مجموعة محاضرات ألقيت بمعهد تدريب الضباط بكلية الشرطة بالكويت ، عام 1977 . 

5- كوان بوكانن وشركاه . دراسات للخطة الطبيعية القومية لدولة الكويت والمخطط الهيكلي للمناطق الحضرية . مجلسي التخطيط ، 1970 . 

6- محمود السباعي . تخطيط وإدارة عمليات الشرطة . القاهرة مكتبة 1968 . ومطبعة المشهد الحسيني . 

7- موسى الصراف ، مقال بجريدة السياسة الكويتية . 20- 1- 1977 . 

8- ويلسون ( أ . و ) . إدارة الشرطة . طبعة 1963 ، دار نشر ماجروهيل نيويورك . 

9- ويلسون ( أ . و ) . التخطيط في مجال الشرطة . ترجمة لواء شفيق عصمت ، الطبعة الأولى القاهرة ، يونيو 1968 . سلسلة مطبوعات معهد الدراسات العليا لضباط الشرطة بالقاهرة . 

10- Baker . J . Stannard . TRAFFIC ACCIDENT NIESTUGATORS MANUAL FOR POLICE . U. S . A . NORTh W . University 1963 . 

11- Ladd Walter . ORGANIZING FOR TRAFFIC SAFTY IN YOUR COMMUN Springfield , IIIinois . pub Charles Thomas . 1959 . 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

· عمل حاليا أستاذا معار للقانون وقانون المرور في كلية الشرطة في الكويت . 

- عمل مدرسا للقانون في كلية الشرطة في القاهرة . 

- حصل على شهادة الليسانس في الحقوق وعلم الشرطة وشهادة الدكتوراه في القانون المدني . 

- بجانب الخبرة العملية التي اكتسبتها في حقل المرور ، شارك في عدة دورات تدريبية في مصر وفرنسا . 

- ألف عدة مقالات عن القانون والشرطة ( في حقل المرور)


للتحميل اضغط    هنا   أو   هنا

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/