سياسة التنمية الإقليمية ودورها في نشوء المستقرات البشرية وتطورها د. مهيب كامل فليح[*] *د.فراس ثامر حمودي

كوكب الجغرافيا سبتمبر 27, 2019 سبتمبر 27, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A
سياسة التنمية الإقليمية ودورها في نشوء المستقرات البشرية وتطورها


د. مهيب كامل فليح[*] *د.فراس ثامر حمودي

مجلة كلية التربية للبنات المجلد 20 (4) 2009 - ص ص 753 -773

  تؤدي سياسة التنمية الإقليمية دوراً فعالاً في نشأة المستقرات البشرية وتطورها . وذلك بسبب اختلاف موارد الإقليم وإمكانياتها ، ومن ثم اختلاف معدلات النمو من إقليم إلى آخر . فضلاً عن ظهور مشكلة الفوارق بين مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للإقليم . إذ يأتي دور سياسة التنمية الإقليمية من خلال وضع سياسة فعالة تمكن المخطط من إزالة الفوارق المكانية بين الأقاليم وضمن الإقليم الواحد . إذ يمكن تحقيق ذلك بإتباع السياسات التنموية الأتية :-

1- الاستخدام الأفضل للموارد المتاحة حسب التطورات الحديثة في التخطيط المستديم وايجاد توازن للجوانب البيئية .

2- غقامة نشاطات اقتصادية فعالة تبعاً للإمكانيات المتاحة .

3- التركيز على البنى التحتية وتطويرها . إذ تعد هذه البنى العنصر الأساسي في نجاح الكثير من أنماط التنمية المكانية .

4- استخدام الاستراتيجيات والأساليب التخطيطية لايجاد مناطق وظيفية بعيدة عن مناطق التركز السكاني الأساسية .

5- استخدام الأساليب لغرض وضع سياسة استقرار السكان من خلال الحد من الهجرة غير المخططة سواء باستخدام القوانين و التعليمات أو عامل الميزانية كلا حسب أيديولوجيته.

  ومن هذا المنطلق فقد جاء هذا البحث لتقديم تغطية نظرية لموضوع سياسة التنمية الإقليمية ودورها في نشوء المستقرات البشرية ، ليكون بين يدي المهتمين باختلاف فئاتهم .


Abstract:


   The regional policy Contribute a key role in the genesis and evolution of the settlement human. This is due to differences in resources and potential of the region, and therefore different rates of growth from one region to another. As well as the emergence of the problem of disparities between the levels of economic and social development of the province. Which comes the role of regional development policy through the development of an effective policy of the scheme to remove the spatial disparities between regions and within the same region? It can be achieved by adopting the following development policies: - 

1-  the best use of available resources, as recent developments in planning and creating sustainable balance of environmental aspects. 

2- Establishment of effective economic activities, depending on the possibilities available. 

3- To focus on infrastructure and development. This is because the basic infrastructure component to the success of many of the spatial development patterns. 

4- Use of strategies and planning methods to find functional regions far from the main areas of population concentration. 

5- Use of methods for the purpose of developing a policy of population stabilization by reducing unplanned immigration laws and whether the use of instructions or a budget both as ideology.

 From this point of view: it was to provide research coverage of the theory to the issue of regional development policy and its role in the emergence of Settlement human, to be in the hands of those interested in different categories.


المبحث الأول : الإقليم والإقليمية:

1-1 مفهوم الإقليم والإقليمية :

1-1-1 مفهوم الإقليم :

ويورد الكتاب والباحثين تعاريف عديدة للإقليم من بينها التعاريف آلاتية:

1 انه أداة تحدد على وفق غرض ومعيار معين .وهو يمثل منطقة جغرافية متقاربة تشمل مجموعة من المجتمعات المحلية بأحجام سكانية وصفات جغرافية متقاربة إلى حد ما (الصقور،1986 ، 120).

2 بينما يرى (Keeble) بان الإقليم عبارة عن مساحة محددة من الأرض تتميز بصفات معينة تنفرد فيها عن باقي المساحات أو المناطق المجاورة وهذه المميزات يمكن أن تكون عمرانية أو اقتصادية أو اجتماعية (Keeble, 1969,46-47).

3 هو مكان محدد أو قطعة متميزة من الأرض ،ولا تعني شيء آخر خلاف ذلك،إلا إذا أضيفت أليها صفة أخرى تعطيها مفهوما آخر ،فقد يكون الإقليم مناخيا ، نباتيا ، تضاريسيا، طبيعيا (يشمل الموقع والتضاريس والمناخ والنبات والحيوان…..الخ) ، بشريا ، إداريا أو سياسيا…الخ.(الصقار ، 1969 ، 12).

4 ويرى ((Richardson بان الإقليم بمفهومة العام منطقة جغرافية تتمتع ببعض الخصائص المتجانسة والتي تميزها عن غيرها من المناطق الأخرى ((Richardson,1977,53 .

5 هو مصطلح جغرافي لنوع البيئة ،حيث تكون عناصرها مرتبة بشكل محدد ودقيق وبعلاقات ثابتة ((Borkin, - -, 18 .

6 مساحة من سطح الأرض تتميز عما يجاورها من مساحات بظاهرة أو بظاهرات أو بخصائص معينة تبرز وحدتها أو شخصيتها وتبعا لكل منهج أو أساس حيث توصف الأقاليم بأنها فيزيوغرافية ، سياسية ، بنائية ، اقتصادية أو ما إلى غير ذلك(السعدي، 1989 ، 19).

7 ويرى ( الوكيل ، 2000 ، 69-68 ) بان الإقليم على وفق وجهة النظر الجغرافية يعبر عن حيز مكاني به قدر من الخصائص الطبيعية التي تميزه عن غيره . ومن وجهة النظر الاقتصادية فهو ( أي الإقليم ) الذي يتواجد فيه مجموعة من الأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تحقق قدرا من الاكتفاء الذاتي . بينما من وجهة النظر الاجتماعية فأن الإقليم منطقة يتواجد بها عرق أو قومية أو طائفة أو مجموعة دينية أو لغوية معينة . وعلى ذلك فالإقليم بمفهومة الشامل هو حيز مكاني مترامي الأطراف ذو حدود واضحة سواء كانت طبيعية أو من صنع البشر ، يتوافر به قدر كبير من الخصائص البيئية والطبيعية المشتركة ، كما يتواجد به مجموعات اجتماعية متجانسة وأنشطة اقتصادية متكاملة تسكن مجموعة من التجمعات العمرانية ذات الأحجام وترابطها مجموعة من العلاقات المتبادلة .

8 ويرى ( بحيري ، 1994، 29-28 ) بان مفهوم الإقليم الجغرافي تطور نحو منتصف القرن الماضي وأدلى الكثير من الباحثين بآراء متعددة بيد أنها جميعا تكاد تتفق في القول بان الإقليم الجغرافي هو أي مساحة من سطح الأرض على درجة ما من التجانس والتماثل الناتجان عن ترابط بعض ما يشمله المكان من ظاهرات ايجابية منسقة ، هي دعامة تماسكه الداخلي ، وهذا في نفس الوقت يعطي الإقليم شخصيته المتميزة ، وخصائصه التي تفرقه عما يجاوره من أقاليم ، فالإقليم بهذا المعنى مفهوم ذهني وإطار مرن يحدد في ضوء ما يوضح من حقائق ، وما يبرز من ارتباطات وعلاقات مكانية وسببيه تلقي الضوء على ما هنالك من إمكانات ومعوقات جديرة بالبحث من منظور جغرافي . ويقصد بالعلاقات المكانية مدى التوافق بين مكونات الإقليم من حيث التطابق في توزيع الظاهرات ، وتواقع حدودها كدليل على الصلة بينها . أما فيما يخص العلاقات السببيه ، فيمكن إدراكها على أساس كونها عمليات مستمرة ، من الأفعال وردود الأفعال ، أثرت تطوراتها الغابرة على الصورة الراهنة للإقليم ، والتي هي بدورها ليست سوى لحظة واحدة متغيرة في تاريخ هذا التطور .

9 الإقليم عبارة عن منطقة تتميز بطابع خاص من التفاعل بين البيئة والإنسان. ومن ثم ، فان كلمة إقليم تعني مكانا محددا أو قطعة متميزة من الأرض ، ولا تعني شيئا أخر خلاف ذلك ،إلا إذا أضيفت إليها صفة أخرى تعطيها مفهوما أخر ، فقد يكون الإقليم مناخيا أو نباتيا أو تضاريسيا أو طبيعيا أو بشريا أو إداريا أو سياسيا ....الخ. وبذلك فان صفة الإقليمية الجغرافية لا تقوم على الظروف الطبيعية أو البشرية كل على حدة،و إنما هي نتيجة لكلاهما معا. ولا تعتبر الدراسة الإقليمية في هذا المفهوم إلا إذا عالجت البيئة والإنسان وهما يتبادلان التأثير والتفاعل ( خير ، 2000 ، 21) .

10- هو أي جزء من سطح الأرض له مساحة وشكل وخصائص تقررها دائرة انتشار السلطة الإدارية المسؤولة عنه، وهو يشير أيضا إلى مساحات واسعة لها إدارة تقع ضمن إدارة الحكومة المركزية ومسؤولياتها تحقيق الرفاهية المتوازنة لكافة الأقاليم ، ودور الحكومة المركزية هو موازنة الصراع على المصالح بين الأقاليم ( Brown and Burrows,1977, 53 ). 

11- هو مساحة تكون جميع أجزاءها ذات هياكل اقتصادية متشابهة ،أو تكون ذات عمالة عالية أو اكتفاء ذاتي .أي إن درجة اعتمادها على الأقاليم الأخرى ليست قوية . حيث إن الأجزاء الثانوية للإقليم تكون مكملة بعضها للأخر .وهذا السبب يعود إلى الاختلاف في هياكلها الاقتصادية

   يعود السبب وراء تعدد مفاهيم الإقليم (على النحو الوارد في أعلاه ) إلى ما إذا كانت فكرة الإقليم ظاهرة طبيعية ملموسة ( Natural Phenomena ) أو إنها مجرد مركب ذهني(Mental Constrictions) . إذ تبلورت نتيجة هذا الجدال بوجهتي نظر، هي :

الأولى : وجهة النظر غير الموضوعية : وهي ترى بان الإقليم لا يتعدى كونه نموذجا أو فكرة تساعد على دراسة العالم. إذ أنة وسيلة لتصنيف الملامح الأرضية بحسب نوع الحاجة في فكر المصنف. والثانية : وجهة النظر الموضوعية : وترى بان الإقليم حقيقة موضوعية مدركة يمكن تحديدها على الخريطة. وعلى هذا الأساس كانت حصيلة وجهتي النظر هذه تصنيف العالم إلى أقاليم طبيعية استنادا إلى الوحدة المكانية ،والمناخ و النبات( كلايسون ، 1978، 47). 

وأخيرا ، يرى الباحث ، بان مفهوم الإقليم ما هو الا بعد مكاني وظيفي، واسع بما يكفي لقيام علاقات وظيفية فيما بين مستقرات بشرية متعددة ومتنوعة ، وبما يكفي لنشؤ وتطور أنشطة اقتصادية متعددة ومتنوعة ، ولذلك يتحدد الإقليم بنطاق تأثيرzone of influanis و يعبر عن العلاقات الوظيفية المتبادلة فيما بين مكوناته ، لذلك لا يمكن اعتبار المنطقة التي لا يوجد فيها سوى مستقرة واحدة ، إقليما ، ولا يمكن اعتبار المنطقة التي فيها نشاط اقتصادي واحد، إقليما، لان مثل هذه الأحوال لا تؤدي سوى لتطور وحيد الجانب تكون أفاقة المستقبلية محدودة ، فالاعتماد والاعتماد المتبادل هو علاقة وظيفية ، وهو أساس عملية التأقلم Regionalization.

2-1-1 مفهوم الإقليمية Regionalization:

  بعد أن أصبحت الصورة واضحة حول مفهوم الإقليم فما هو إذا مفهوم الإقليمية ؟. الإقليمية هي العدالة الجغرافية ،أي عدالة التوزيع المكاني ، بمعنى تحقيق شبكة من الفرص الإنتاجية والقيم البشرية المتكافئة . بحيث يتم من خلالها التقريب أو إذابة الفروق الطبقية بين الأقاليم إلى أقصى حد يمكن أن تسمح به طاقاتها الكامنة, 2002 , 1) ، Hoover and Giarratani). ويمكن أيضا تعريف الإقليمية على إنها تقسيم الدولة إلى أقاليم قوية وناجحة. تتوفر فيها حياة غنية ومتنوعة،مليئة بالفرص المادية والحضارية للساكنين فيها. بحيث يشارك أبناء الدولة أو الوطن جميعا في مستوى متقارب بقدر الإمكان من المعيشة والحضارة والإمكانيات ) خير ، 2000، 23 ). وقد يستخدم مصطلح الإقليمية للتعبير عن النظام الإداري القائم في دولة ما، ويشتمل هذا المفهوم كذلك على الآلية التي يتم من خلالها صنع القرار داخل هذا النظام وقنوات سيرها . وبعبارة أخرى تشير إلى تجزئة الخطط القومية لتنفيذ المشاريع والخطط الإقليمية .

  إما عن الصعيد الاجتماعي ، فيقصد بالإقليمية تعزيز مشاعر الانتماء والولاء عند الأفراد والجماعات للأقاليم التي ينتمون إليها أو يقيمون فيها بدلا من أن يكون هذا الانتماء موجها للبلد بشكل عام (الدليمي،2001 ،25 ) .

  وأن العالم المعاصر استخدم مصطلح الإقليمية مع العولمة واعتبرهما اتجاهين جديدين في السياسة والاقتصاد العالمي والتي أفرزتها تسعينات القرن العشرين، كقيم يراد لها أن تنظم العالم فقد طرحت العولمة((Globalization ضمن مقومات النظام العالمي الجديد ، وعلى شكل قيم سياسية واقتصادية المطلوب لها أن تسود حتى ولو بالقوة التي توفرها السلطة المنظمة لها وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وأما الإقليمية أو الأقلمة فهو أسلوب الاتفاقات الثانوية التي تصب في الاتفاق الرئيسي مثل نمط الاتحاد الأوربي (EU)، واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) والتعاون الاقتصادي لدول آسيا المطلة على المحيط الهادي (APEC) (Russel , 2002 , 88).

  وبهذا فالإقليمية هي الوجه الأخر للمركزية أو العاصمية ، فالعلاقة بينهما حتمية ومتوازنة. وليس من الضروري أن يتعارض الوجهان في المجتمع المتزن ،من حيث التركيب العمراني والحضاري ، وعندما يتطرف أحد الوجهان فان ذلك يكون على حساب الوجه الأخر ، فتكون العلاقة هنا عكسية.والخطر دائما هو أن تهيمن المركزية بالذات نحو إفراط العاصمية بدرجة أو بأخرى ، والمتضرر بالتالي هو الإقليم والمناطق الريفية التي تضمحل وتضمر بالدرجة نفسها.

2-1 تقسيم الأقاليم ومعايير تحديدها:

  تختلف أنواع الأقاليم تبعا للخاصية المعتمدة في تحديد الأقاليم ، فهي تتنوع من أقاليم ذي خاصية واحدة إلى متعددة الخصائص اعتمادا على أسس ومعايير التقسيم.

  إن عملية تحديد معالم الإقليم يتصل اتصالا مباشرا بأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية . فالإقليم باعتباره البعد المكاني لعدد من المشاكل التي يرجى حلها في نطاقه. كما أنة يمثل البعد المكاني لعدد من المصالح المترابطة التي يفضل إن يمنح الإقليم من خلالها نوعا من الذاتية لغرض المساهمة في عملية اتخاذ القرارات المحلية ، وحل مشكلة لامركزية السلطة .

  إن التقسيمات المستخدمة تقوم على أساس عدد من المعايير والاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والتي من شانها أن تميز الأقاليم عن بعضها ، وبذلك تسهل عملية التعامل مع كل إقليم حسب واقعة وظروفه الاقتصادية والاجتماعية و الموضوعية والمعايير التي يمكن اتخاذها أساسا لتحديد الرقعة الجغرافية لكل إقليم والتي تتآلف من عدة عناصر أبرزها:المعطيات المناخية وطبيعة الأرض وخصوبتها وتضاريسها ودرجة توافر المياه والمراعي والغابات وأنواع الموارد المعدنية ،…الخ (الحمصي ، 1985 ،36 ).

  وليس من الواجب اتخاذ جميع أنواع المعايير بعين الاعتبار ، إذ من الممكن الاكتفاء بعدد منها فقط ، وذلك حسب الغرض الذي نبتغيه، ففي الكثير من الحالات يتم تحديد الإقليم على أساس كونه يتألف من حوض نهر معين ، أو سهول ذات خصوبة معينة ..الخ. ( مثل إقليم الفرات الأوسط ،وإقليم نهر ديالى ، وإقليم الاهوار ، وإقليم سهل الجزيرة وغيرها ) .

   ومن أسس التقسيم الهامة ، أن يرتكز الإقليم على مدينة كبيرة تكون قادرة على أن تلتحم التحاما كاملا بإقليمها ،إذ إن الإقليم لابد وان يكون حيزا جغرافيا متصل مع تجانس إقليمي داخلي كبير. ولابد بعد ذلك أن تكون الأقاليم متقاربة (متجاورة مكانيا)بقدر الإمكان في الحجم والثقل ، سواء كان ذلك مساحة أم سكانا أم مدنا أم موارد ….الخ .وذلك لكي تكون اقرب إلى التوازن فيما بينها من ناحية ، ولتحد من هيمنة أي منها ، من ناحية أخرى ( خير ، 2000 ،21) .

 ومع كل هذا فقد لخص( Fawcett) أسس التقسيم الإقليمي في ستة مبادئ وهي كما يأتي: Fawcett , 1991 , 70-82 ) ).

أولا- ينبغي أن لا تتدخل الحدود( العوائق) في حركة السكان ونشاطهم اليومي ، فلا يكون هنالك فصل بين مكان العمل والسكن ، وان تتبع هذه الحدود خطوط أو مناطق تخلخل السكان لا كثافاتهم .

ثانيا - ينبغي أن يكون لكل اقليم مركز حاسم ،وتكون بمثابة مركزا للحياة الإقليمية وتتوسطها ، وذلك لتسهيل عملية الوصول أليها من كافة أجزاء المنطقة.

ثالثا - ينبغي لأصغر منطقة أن تكون من الحجم بحيث تبرر الاكتفاء الذاتي ،فيجب أن تحتوي من الموارد والإمكانات والخبرات مافية الكفاية ، وهذا الحجم يتناسب بالطبع طرديا مع حجم السكان.

رابعا - لا ينبغي لأي منطقة أن تكون من الضخامة في عدد سكانها بحيث تسيطر على الدولة و مقدراتها .

خامسا - ينبغي للحدود أن تتبع خطوط تقسيم المياه لا مجاري الأنهار ، ولا أن تقطع الوديان .

سادسا - ينبغي للتقسيم أن يحترم المشاعر الإقليمية و التقاليد المحلية .

  نستخلص من هذا التقسيم ،أن المطلوب هو أقاليم ( متوسطة ) الحجم ، ليست صغيرة جدا بحيث ينقصها التنوع والتعدد ، وليست كبيرة كالدولة المركزية بحيث تطغي على العلاقات، وترفع تكاليف الإدارة ،وتقلل كفاءة التوزيع والاتصال ، ولذلك تفضل أن تكون متكافئة في الحجم قدرالإمكان .

  تتم عملية تقسيم الأقاليم بالاعتماد على الغاية منها وعلى وفق أسس ومعايير محددة وبطرائق متعددة . وهذه من شانها أن تضع حدود حركية للأقاليم وبما يتلائم والغاية . إذ أن بالإمكان تشبيه عملية التـقسيم بالتـجمـيع العـنـقـودي (Clustering)للعوامل البيئية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والإدارية ، والسياسية ، ولامتداد مساحي يمكن معه التمييز الواضح لوجود الشخصية المنفصلة لذلك الامتداد ضمن الكل ، فعملية التقسيم يمكن إدراكها وتطويرها كأي ظاهرة تتكون وتأخذ شكلها (Misara , 1969 , 45-46) .وبالإمكان استخدام عدد من الأساليب في عملية تقسيم الأقاليم المختلفة ،كما وان عملية اختيار أي من الأساليب يكون مرتبط أساسا بالهدف من هذه التقسيمات الإقليمية. كما وان المقياس المستخدم يرتبط أيضا بالبيانات المتوفرة .

  وبما إن الأهداف الرئيسة لتقسيم الأقاليم تتلخص في التحليل والتخطيط فان معايير تحديد الأقاليم ستعتمد على التجانس (Similarity) والعلاقة المتبادلة (Interdependency) . وإذا ما جرى وضع هذين الهدفين أو المعيارين في جدول فان النتيجة هي أربعة أنواع من الأقاليم ،يمكن أن نعرضها في الجدول ادناه ( خير ، 2000، 48 ) .

جدول رقم 1 ) : أنواع الأقاليم حسب التحليل والتخطيط .
الأسلوب
الهدف
التحليل
التخطيط
المعيار
علاقة
إقليم علاقة
إقليم تخطيط
تشابه
منطقة متجانسة
منطقة مبرمجة

   
  إذ يعمل المخطط الإقليمي بتحديد مناطق التجانس وأقاليم العلاقة وذلك للحصول على افضل فهم للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية ، التي تتم في الإقليم الذي يمثل موضع اهتمامه، والمخطط الإقليمي لا يمكنة فعل ذلك دون وجود تصور مسبق لبعض الأفكار الخاصة عن الإقليم المدروس ، أو دون فكرة عن أهداف التنمية المرسومة ، وأجهزة الحكومة السياسية القائمة . ومن خلال هذا كلة يمكن أن نتناول التقاسيم والمعايير المستخدمة في عملية التصنيف الإقليمي وفق الأتي :

أولا: الإقليم الوظيفي Functional Region :

  يعتمد الإقليم الوظيفي على مبدا التكامل الوظيفي[(*)] بدلا من التجانس الوظيفي (Functional Homogeneous) . فهو يتكون من عدد من المناطق أو المستقرات البشرية التي تمتلك تفاعل فيما بينها وبشكل أقوى مما هي علية مع المناطق الموجودة خارج حدوده ، لذلك يمكن اعتباره نتيجة لتوسيع الاقتصاد و القائم على عملية التبادل المعتمد (Hoover and Giarratani,2002,1 ).

  إن بالإمكان استخدام طريقتين في عملية تحديد أقاليم العلاقة ،أو قياس المدى الذي يصل إلية نفوذ مستقرة بشرية معينة ، وهما :

1 الطريقة الأولى :الجاذبية Gravity: تتميز هذه الطريقة بدراسة القوى الجاذبة بين المراكز المختلفة واما الأخرى فأنها تهتم بتحليل الحركة ،وهي كالأتي :

  تعتمد الطريقة الأولى على قانون الجاذبية وهو معروف أيضا باسم قانون (ريلي) نسبة إلى (W.J.Reily) ويعد هذا القانون أحد التعديلات التي أدخلت على نظرية التفاعل ، ويهدف إلى إيجاد أفضل وسيلة لعملية التنبؤ بعدد الأشخاص أو الأفراد الذين يقصدون مدينة ما قادمين من مدينة أخرى بقصد قضاء حاجاتهم ، حيث إن القانون يتلخص في أن (( الكمية التي يتعامل بها سكان مدينة ما مع أخرى تتناسب طرديا مع عدد سكان المدينة الأخرى وعكسيا مع مربع المسافة بينهما )) Alexander ,1963 ,256 )) . ويعتبر هذا النموذج من اقدم النماذج المستخدمة في العلوم الاجتماعية ،ويمثل محاولة بسيطة لدراسة عاملين أساسيين هما : حجم السكان ومقدار المسافة .ويوجد هنالك علاقة متبادلة في كثافة الحركة المتبادلة بين المراكز المتجاورة ، حيث آن أكثرهما سكانا أقواهما تأثيرا و أبعدهما مسافة أضعفهما تأثيرا .

2 الطريقة الثانية : الحركية : Dynamically تختص هذه الطريقة بتحديد مدى نفوذ المدينة عن طريق تحليل اتجاه وكثافة الحركة ، وتتضمن أيضا وصفا للعمليات التي تؤدي إلى تحديد الأقاليم . وتصور هذه الطريقة العملية على إنها أنماط متعاقبة ضمن إطار معين، أو صور متحركة ذات أطر متعاقبة ، حيث إنها توضح العلاقة بين المتغيرات المستخدمة وعملية التأطير( تحديد الأقاليم ) ( الدليمي ، 2001 ص ) . إن فكرة هذا النوع من التحليل تقوم على أساس إن العلاقات المتبادلة تجد صدها ( تنعكس على ) في اتجاه وكثافة الحركة النقل والمواصلات ، حيث اعتبر كل من Epstoion & Ethers )) شبكة النقل والاتصالات بين أجزاء الإقليم الواحد ذات ا أهمية خاصة تعطي أثارها وتنعكس تأثيراتها على كافة الأنشطة والمجالات والعلاقات الإقليمية . ولهذا فان من أهداف التخطيط الإقليمي الأساسية هو تنظيم افضل شبكة مواصلات واتصالات بين أجزاء الإقليم الواحد . حيث إن مقياس الأفضلية ليس قائما على توفيرها في هذا المجال وحسب و إنما توفيرها بأحسن حالة تعود بفوائد اقتصادية عملية ومريحة وسهلة ، ومصدر توفير الوقت والراحة لسكان الإقليم، دون أن يكون ذلك على حساب اقتصاد الإقليم و إنما من اجله وفي سبيل تطوير الحياة العامة في الإقليم إلى افضل مستوى اقتصادي واجتماعي( السعدي ،1989 ،51 ) .

  تعمل الطريقة الحركية بعملية جمع البيانات الخاصة بالحركة في البعد المكاني ، و لاجل إعطاء صورة واضحة عن الطريقة يمكننا أن نستخلص بعض المؤشرات التي تم استخدامها في دراسة لولاية ميناس غرايس في البرازيل ،حيث درست فيها الحركة في جميع مدن الولاية ، التي يزيد عدد سكان كل منها عن 1500 نسمة ، وذلك وفق الصورة الآتية : ( إسماعيل ،1988،242 ) .

1 الحركة الاقتصادية :
البضائع المنقولة بشبكة الطرق البرية ، وبحسب المنشأ والمقصد .
البضائع المنقولة بشبكة الطرق الحديدية ، وبحسب المنشأ والمقصد.
حركة البضائع من تجار الجملة إلى تجار المفرد ، وبحسب المنشأ والمقصد.

2 الحركة المعبرة عن مدى تأثير الخدمات الاجتماعية :
عدد طلاب المدارس الثانوية، وبحسب المنشأ .
عدد نزلاء المستشفيات، وبحسب المنشأ.

3 أنواع أخري للحركة :
المسافرين بواسطة المركبات ، وبحسب المنشأ والمقصد.
الاتصالات الهاتفية ، وبحسب المنشأ والمقصد.
البرقيات، وبحسب المنشأ والمقصد.

  إذ أن بالإمكان تمثيل هذه الأنواع المختلفة للحركة بخطوط على خرائط بحسب الاتجاهات وكثافة الحركة ، وهذه الخطوط سوف تعطي تصورا واضحا حول العلاقة بين الكثافة والمسافة، وفي كل نوع من أنواع الحركة ،حيث إن حدود المنطقة ستكون عند الحدود الدنيا لكثافة الحركة.

  ومن خلال هذا كله يمكننا أن نستخلص بان الأسس المهمة في عملية استقراء هذه الأقاليم تهتم بمبدأ الحركية أو العناصر المتحركة غير الثابتة والتي في ضوئها تحدد الأقاليم الوظيفية . وان مبدأ الحركية يعد من أهم مقاييس أقاليم العلاقات الوظيفية ،والعناصر الحضارية كالروابط الدينية المشتركة والعادات والتقاليد المتشابهة ….الخ .وان جميع وحدات التقسيم الإقليمي تعتمد أو ترتكز في العادة على مستقرة تكون مهيمنة نوعا ما وتكون مركزية أو كنواة وقاعدة إدارية . وفي النهاية فان كل هذه الأقاليم يمكن أن تحلل في عناصرها الأولية إلى مساحة من الأرض تكون متجانسة من حيث خصائصها ، وتتوسطها نواة مركزية ،وتجمعها شبكة هيكلية من المواصلات.

ثانيا - الإقليم المرفولوجي Region Morphology:

  الوحدة المرفولوجية في اقصر تعريف لها ، هي الحد الأقصى من التجانس الداخلي والتنافر الخارجي . ولكن الوحدة المرفولوجية لم تكن أبدا مطلقة ، و إنما هي نسبية للغاية ، أي مسالة زيادة أو نقص اوجه التشابه والاختلاف ، وان فكرة الإقليم الجغرافي هي تعبير اختزالي تجاوزي ، لا ينفي وجود فوارق محلية عديدة وكبيرة أحيانا .فالوحدة المرفولوجية المطلقة هي شلل وموت في البيولوجيا الحية أو الأقاليم المتجمدة . بل في عبارة أخرى إن التجانس لا يوجد إلا في الجسم الميت ( خير ،2000 ، 31 ).

  يعرف الإقليم المتجانس بأنة الإقليم الذي يتم تعين حدوده اعتمادا على تماثل الأجزاء الداخلية له ، فعلى سبيل المثال المناطق الزراعية في وسط أمريكيا الشمالية هي مناطق متجانسة بسبب إن كل أجزاء المناطق تنتج نفس النوع من المحصول (وهو الحنطة ) وبنفس الطريقة ، فإذا ما حدثت أي تغيرات خارجية مثل تغيرات الأسعار أو الطلب الخارجي فان جميع المناطق سوف تتأثر وبنفس الطريقة ، وبتعبير آخر فان كل ما هو صحيح على جزء هو صحيح على بقية الأجزاء (Hoover and Giarratani , 2002 , 7) ففي نظرية فون ثونن فأننا نلاحظ الانطقة المميزة لاستعمالات الأرض الزراعية يمكن أن يشار أليها أيضا على إنها أقاليم متجانسة .كون إن هذه المناطق لها ندرة في الأراضي التي تستخدمها ومحددات لفرص العمل وكذلك إيقاع التطور الاقتصادي لها يكون محدود وقليل .

  تتضمن الوحدة المرفولوجية على نوعين من التجانس وهما التجانس الاقتصادي والذي يشير إلى البحث عن مساحات تكون متشابهة نوعا ما في طبيعة هياكلها الاقتصادية أو تكون مترابطة مع بعضها البعض ، تبعا لما تقتضيه أو تتضمنه خطة التنمية الإقليمية والقومية الشاملةKuklinski , 1975 , 46)) . أما النوع الثاني فهو التجانس الاجتماعي والذي يقتضي البحث عن التقاليد وعادات ومعتقدات سكان الإقليم وهذا النوع يمكن ملاحظته في الدول التي تحتوي على قوميات أو مجتمعات ذات انتماءات مختلفة كما هو الحال في جمهورية الاتحاد السوفيتي . اظافة إلى ذلك يمكن أن تشمل المعايير المستخدمة لتحديد الأقاليم المتجانسة مجموعات من الأقاليم المتشابهة في خصائص معينة ، فعلى سبيل المثال مجموعة الأقاليم الطبيعية تعتمد معيار التماثل في الخصائص الطبيعية (كالطوبوغرافية ، والمناخ ، …الخ ) (متولي ،1974 ،21) .وتختلف في الوقت نفسة الخصائص الاقتصادية والاجتماعية .

  إن هدف الدراسات الإقليمية المعاصرة لم يعد يقتصر على التصنيف ،بل ذهب إلى ابعد من ذلك ، فهو يعمل على التحقق من صلاحية التقسيمات الإقليمية إذا كانت قائمة من جهة ،ويعتمد إلى تخطيط الحدود عبر مناطق انتقالية بين الأقاليم من جهة أخرى ، وذلك نظرا للاختلاف في درجة تماثل صفة التجانس في أنحاء الإقليم الواحد عموما وظهور هذه الدرجة على اقلها عند مناطق تجاور الأقاليم مع بعضها.ومفهوم التجانس يكون نسبي ولا يضعف بالفرو قات الكبيرة(نوعيا وكميا ) بالظروف بين الأقاليم و المتعلقة بالظروف السائدة في كل إقليم عندما يكون هنالك تجاور مكاني (Contiguous). وتبرز الصعوبة أمام تعيين حدود الأقاليم المتجاورة مكانيا ،وان تعيين خط الحدود بين إقليم وأخر يتطلب تحديد موقع الوحدات المساحية في كل إقليم من الأقاليم المتجاورة ، وذلك على أساس من التماثل في الصفات حيث إن لكل إقليم صفات يتمتع بها ويعرف هذا في علم التصنيف(Tax-onomy) بالتحديد (Identified). وعلية يمكن القول بان مفهوم الإقليمية في الجغرافية يتعدى كونه مرادفا للتصنيف ، و إنما يقع ضمنة مفهوم آخر وهو مفهوم التحديد ، وبعبارة أخرى ،إن الإقليمية مرادفة لكل من التصنيف والتحديد معا( البطيحي، 1979، 4-3).

  عند الأخذ بعملية التحديد ينبغي الأخذ ومراعاة أهمية المواصلات والاتصالات وهذا يتطلب اهتمام وتنبه إلى الظروف البيئية وإلى اعتبارات الهيئة الطبيعية والتي من شانها إن تخلق حواجز بين الأقاليم وضمن الإقليم .

  إن مفهوم المنطقة المتجانسة يمكن أن يصبح وسيلة هامة لخدمة التنمية والتخطيط الإقليمي وأغراض أخرى إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار قبول الفرضيات الثلاث التي يقوم على أساسها هذا الأسلوب وهي : ( خير ،2000،33 ) .

1 إن الوحدات المؤلفة للمناطق المختلفة متجانسة من حيث المعيار أو الخصوصية.

2 وان هذه الاختلافات هامة (أي ذات دلالة ومغزى ) .

3 ويمكن الكشف عن هذه الاختلافات بالملاحظة والتجربة.

ثالثا- الإقليم التخطيطي Planning Regional :

  يمكن التعبير عنة بأنة أي جزء من سطح الأرض تتوفر فيه الإمكانيات التي تكون قادرة على إعالة سكانه وكذلك تتوفر فيه القوة البشرية القادرة على الاستفادة من هذه الإمكانيات ( السعدي، 1989،173 ). وهنالك إجماع تام على أنة من غير المعقول وضع تقسيم شامل يعمم لكل الأغراض ، وفي كل زمان . غير أنة لابد أن يكون عمل المخطط موجة نحو رقعة أو وحدة جغرافية ذات معالم واضحة ، تتناسب وأغراض التحليل ، وتتفق مع أهداف التخطيط .

  وبما إن الأقاليم التخطيطية تعرف كمحتوى ملائم لتدرج السلطات المحلية والإقليمية فان عملية تحديدها تكون أسهل . وبعبارة أخرى أن هذا النوع من الأقاليم يجب أن يأخذ بالحسبان الحدود الإدارية . ويمثل هذا الجزء من مشكلة هيكلة (تحديد الإقليم)الاقتصاد على أسس علمية Richardson ,1977, 8 . من الطروحات المتفق عليها ، إن الأقاليم عبارة عن وحدة ديناميكية ، تتغير خصائصها وحدودها مع مرور الزمن . ولهذا الجانب أهميتة الخاصة بالنسبة للبلدان المتخلفة ، وذلك كون أن أي تقسيم محدد للأقاليم ينبغي أن يضع في الاعتبار الطبيعة الديناميكية لعملية التنمية . وعلى هذا فان أي عملية تقسيم تتم لابد وأن تكون مرنة بالقدر الذي يسمح بتعديله والاستفادة منة في ضوء الظروف المتقلبة .

  أما عن وجهة نظر البحوث التطبيقية الخاصة بالأقاليم التخطيطية فأنها تعتمد على معيار العقد ( البؤرية ) والذي من شانة أن يحقق إطار عمل اكثر إقناعا للمخطط أو للمحلل .ولكن يغلب على أي منهما أن يعمل مع الأقاليم الإدارية الموجودة ولا يراعى فيها فيما إذا كانت تتلاءم مع المعيار الاقتصادي أم لا ((Richardson,1977,8 . ومن المعايير التي يمكن استخدامها في هذا الجزء هو تشابه المشكلات الاقتصادية العامة ،التي تواجه كل نوع من الأقاليم كل بمفردة . وبالإمكان التوصل إلى عدد من التقسيمات في هذا الصدد ، ولكن التقسيم الذي يخدمنا في إطار هذا البحث هو الذي يقسم البلاد إلى أربعة أقسام رئيسة وعلى النحو الأتي :

أولا- أقاليم متقدمة Developed Regions:

  وهي المناطق التي تتميز بمعدلات مرتفعة في نمو الدخل الإقليمي ،ومستويات عالية في التطور الاقتصادي والاجتماعي مقارنة مع باقي أجزاء الدولة. كما ويتميز عادة بتركز صناعي، ودرجة تحضر أعلى ، وتوفر مزايا استقرارية اكثر مما هي علية في بقية الأقاليم الأخرى . ومثل هذه الأقاليم تكون صالحة كمستقرات تابعة ( Satellites) للأقاليم المفرطة في النمو أو الأقاليم المزدحمة (Over-Developed Or Congested Regions ) وهذه الأقاليم تتميز فيها عملية التنمية بأنها ذات تكاليف عالية نتيجةالاكتضاض (Congestion)، والضغوط على البنى الارتكازية القائمة والجديدة التي من الممكن توفيرها بتكاليف عالية مقارنة بمكان آخر.وكذلك تتميز باحتوائها على مركز رئيس ( Major Metropolis) أو قطب نمو(Growth Pole ) والذي يصبح في حالة حرجة نتيجة الاكتضاض.

ثانيا الأقاليم الأقل تقدما ( المتوسطة ) Intermediate Regions:

 وهي الأقاليم التي تتسم بمعدلات بطيئة في نمو الدخل الإقليمي.حيث إن هنالك نمط مركب في عملية توزيع العمالة والدخل، وخليط من المناطق الأكثر تطورا، أي بعبارة أخرى ، خليط من المناطق الحضرية المزدهرة ( Thriving Urban Areas ) والمناطق الضعيفة ( Declinin) وتكون مستويات التطور الاجتماعي والاقتصادي فيها منخفضة .إضافة إلى افتقار أقسام منها إلى بعض عوامل الإنتاج .

ثالثا- الاقاليم الجديدة New Regions :

 وهي الأقاليم التي تتميز بكثافات سكانية قليلة ، ووجود موارد طبيعية غير مستغلة، ويمكن أن تؤدي عملية استغلال هذه الموارد إلى تنمية المنطقة من ناحية وزيادة معدلات نمو الدخل القومي من ناحية ثانية .

رابعا- الأقاليم المتخلفة Under-Developed Regions:

  وهي الأقاليم التي لم تكن تستمتع في الماضي بنمو اقتصادي ، و إنما هي تعاني من الركود (التدهور) الاقتصادي وسبب ذلك يعزى إلى ظروف بنيوية داخلية أو خارجية . حيث إن الصناعات الرأسمالية مثلا لا يمكن أن تنمو في هذه الأقاليم كون إن الصفة الغالبة على هذه المناطق هي الصفة الزراعية . وطبيعة السكان فيها منتشرون ،وتفتقر هذت المناطق أو الأقاليم إلى مستقرات حضرية رئيسة أو لها بعض المراكز حديثة الصناعات والخدمات .

3-1 متطلبات التنمية الإقليمية:

  تتركز متطلبات تحقيق التنمية على أحداث تغيرات في البيئة القانونية والمؤسسية المحيطة بالبشر، إذ يبقى الأساس في ذلك توسيع خيارات الإنسان- توسيع فضاء حريته-، بما يتعدى البعد الاقتصادي للتنمية. ويتفق هذا التوجه مع مفهوم المقدرة البشرية باعتبارها تتألف من مجموعة من الحالات مضافاً إليها وسائل تحقيقها. فمثلما تتكون الحاجات الأساسية والمتطلبات البشرية من الحد الأدنى من الغذاء اللازم والمأوى الملائم واللباس وتجنب الأذى والأوبئة، هناك متطلبات كاحترام الذات أو المشاركة في تقرير الشؤون العامة والقدرة على الظهور في العلن دونما شعور بالنقص أو حرية الاختيار، فضلاً عن مجموعة مؤشرات مركبة تتضمن الصحة والتعليم والدخل والعيش لحياة طويلة والتمتع بمستوى لائق من المعيشة لتكون دليلاً لجهود الدول في إنشاء قواعد بيانات بهذا الصدد .

 ويتلخص تحديد كيفية تحقيق التنمية الإقليمية من عناصر ومتطلبات أبرزها:-

1 تحديد أنموذج التنمية المنشودة ووجهة المجتمع:

  إن توجه أي مجتمع بشري تعد بمثابة بؤرة لاستقطاب طاقات وجهود واستلهام روح ذلك المجتمع لدفع إبداعاته وتفجيرها، إذ تتخذ صورة مشروع قومي أو حضاري. فمنذ منتصف القرن الماضي لمعت فكرة الاستقلال لتلعب دوراً فعالاً قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها. وعلى الرغم من التضليل المعرفي الذي زامن تلك الحقبة بقيت وجهة المجتمع تمثل تجسيد لتلك الوجهة في ظرف تأريخي ومعطيات اجتماعية واقتصادية وسياسية ودولية معينة. ويقصد بتحديد أنموذج التنمية أو وجهة المجتمع هو تحديد الأبعاد الثابتة والمحددات المطلقة لحركة تطور مجتمع معين، والتمثل بها ومحاولة تطبيق أقصى ما يستطيع منها دون تحويلها إلى واقع حقيقي، إذ بعكس ذلك تفقد كونها أنموذجاً مثالياً أو وجهة مجتمعية حضارية( عارف ، 2004 ،6).

  إذاً فالتنمية الحقيقية ينبغي أن تتحرك بصورة متوازنة على جميع المستويات، فلا يجب أن تكون تنمية اقتصادية على حساب التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية والمعنوية والقيمية والعكس بالعكس.

2 إعادة التوازن بين الدولة والمجتمع - متوالية الاستقلالية:

  يعني مفهوم الاستقلالية وجود توازن في العلاقة فيما بين الأطراف المستقلة على نحو طوعي والاستمرار فيها بمحض إرادتها، إذ يكمن جوهر مفهوم الاستقلالية في التوازن. ولا يقف هذا المفهوم عند مستوى معين، بل يستمر لإعطاء دلالات ومعاني على المستويات الأدنى من ذلك. فاستقلال الدولة في تحقيق التنمية عن القوى الدولية الأخرى ما هو ألا مرحلة من مراحل تحقيق التنمية تعقبه مراحل أخرى أهمها تحقيق الاستقلالية والتوازن في علاقة الدولة بالمجتمع بحيث لا يتغّول أحدهما على حساب الآخر فضلاً عن تحقيق الاستقلال والتوازن بين المجتمع المدني بما يكفل تمثل مصلحة المجتمع واحتكار التعبير عنها. فتحقيق الاستقلال والتوازن في علاقة الفرد مع المجتمع أو مؤسساته المدنية شرط بقاء الإنسان مستقلاً في هذه العلاقة وليس موضوعاً لها. وعند ذاك يصبح معنى الاستقلالية في التنمية قد تحقق ويكون الأنموذج التنموي في حالة توازن.

3 الاستقلالية في تحديد الحاجات - استقلالية الذوق الاستهلاكي:

  تتحد الحاجات في ظل التنمية وفق معيار ما تنتهي إليه أمم أخرى، إذ خلق الأنموذج الغربي ما يُدعى بثورة التطلعات الذي يسوّق في مجتمعنا بهيئة سلع وأنماط عيش تستنزف القوة البشرية وتحرم الاقتصاد من المدخرات الكفيلة بإنهاض الاستثمارات الضخمة واللازمة للنهوض والاستقلال الاقتصادي، وعلى الرغم من فاعلية بُعد الإنتاج فأن بُعد الاستهلاك هو الذي يفرض ما يتم إنتاجه بأي كمية وبأي سعر، فالطلب هو المتغير الأساس في أي منظومة اقتصادية متوازنة ومتحررة من الأفكار أو تدخل الدولة على نحو مباشر، إذ وكما هو معهود ان يسعى المنتج دائماً للربح ويضع نصب عينيه أذواق المستهلكين وحاجاتهم لكي يستجيب لها أو يغيرها أو يحوّل اتجاهها أو يُعيد تصنيعها، ويخلق حاجات استهلاكية قد لا تكون موجودة من خلال عملية معقدة من الإعلان والإعلام والدعاية. ومن هنا يُعد تحقيق الاستقلال في الذوق والرغبات والحاجات الاستهلاكية أساساً لعملية التنمية وجوهرها .

4 الاستقلالية في توظيف الموارد والإمكانات:-استقلالية الإنتاج

  يبتعد مفهوم التنمية عن سمات الانغلاق والتقوقع على الذات، إذ يتمثل في توظيف الموارد والإمكانات التي تُعد بداية تحقيق الاستقلال للوقوف بوجه معرقلات الانفتاح في مجتمعات العالم الثالث على وجه الخصوص والتي أُعيد فكّها وتركيبها مرة أخرى بما يلائم تحقيق مصالح الدول الأوربية كأن يفرض زراعة منتوج معين لا تحتاجه تلك الدولة النامية وإنما تحتاجه الدول المسيطرة كما هو الحال في الجزائر، الدولة الإسلامية التي لا تحتاج الكروم لصناعة النبيذ بمقدار احتياجها القمح لإطعام شعبها. يُضاف إلى ذلك إعادة اكتشاف الموارد الوطنية التي لم يتم التركيز إلا على ما تحتاجه الدول المسيطرة مما يجعل الإنسان فاعلاً قادراً- لاسيما في الدول النامية لمنظمة أوبك - وليس إنساناً ريعياً مستهلكاً. كما ينبغي النظر في تبادل الموارد الطبيعية والبشرية بصورة حرة تلقائية متوازنة مع بقية دول ومجتمعات العالم معتمدين على التبادل المتكافئ مبتعدين عن التبعية والاستغلال فضلاً عن إرساء قواعد التوازن والعدل بمنأى عن الغش والظلم. وعلى المستوى العربي ما تزال التنمية تعاني من قصور في ميادين رئيسة كالصحة والتعليم لا بسبب قصور الموارد فحسب وإنما فيما يختص بالترتيبات المؤسسية والموارد البشرية، إذ عليها تهيئة الممكنات من خلال السياسات الهادفة لبناء مجتمعات واقتصاديات أكثر عدالة وتصميماً على محاربة الفقر المادي (فقر الدخل) وغير المادي (فقر التنمية الإنسانية). وعلى الرغم من الانخفاض النسبي في الدخل المتأتي من استشراء أبعاد الفقر الأخرى ذات العلاقة بالممكنات والحرمان من القدرات والفرص فأن الالتزام الراسخ المبني على مسلمات أخلاقية واجتماعية وعلى التقاليد الدينية والثقافية الملتزمة بأهداف التنمية الإنسانية كفيل لتخفيض حدة الفقر الذي هو العنصر الحاسم لتأمين مستقبل أفضل.

   وانطلاقاً من ذلك فأن متطلبات تنفيذ الاستراتيجية يتمثل في تجسيد الكيان السياسي الموحد وترسيخ أسسه كما أكدَّ ذلك قيام مجلس التعاون بالتعبير عن مراحل العمل المشترك بين بلدان المنطقة والتي تُعد (استكمالاً لما بدأته من جهود في مختلف المجالات الحيوية التي تهُم شعوبها وتحقق طموحاتها نحو مستقبل أفضل وصولاً إلى وحدة دولها)[(*)] .إذ أكدَّ النظام الأساسي على اقتناع بلدان المنطقة "بأن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها بما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية.يضاف إلى ذلك إيجاد قيادة إقليمية لإدارة التنمية إذ ان عملية التنمية عملية مستمرة، متجددة الظروف، متغيرة الاحتياجات، وليس من بديل غير التنظيم المرن والقادر على اتخاذ المبادرة وتكيف حسب مقتضيات التطور ومتطلبات الكفاءة والفاعلية. فضلا عن تهيئة الإدارة المحلية وتوثيق ترابطها مع إدارة التنمية الإقليمية الذي يشتمل على الإصلاح الشامل والتنمية الإدارية العاملة، إذ ينبغي ان يكون التخطيط الستراتيجي من اختصاص الإدارة الإقليمية ووثيق الصلة مع أجهزة التخطيط المحلية، والكفيل بتعميق الترابط بين متطلبات تنفيذ استراتيجية التنمية على المستوى الإقليمي والمستوى المحلي ( الكواري ، 1986 ، 126-125 ) .

المبحث الثاني : سياسة التنمية الاقليمية وعلاقتها بالمستقرات البشرية :
  يعرف فريد مان سياسة التنمية الاقليمية على انها ( الجوانب الموقعية والمكانية للتنمية الاقتصادية ) (Friedman,1966,p5) .بينما يعرفها كوكلونسكي على انها ( بلوغ الهيكل المكاني للاقتصاد ، في اي مكان وفي أي وقت محدد، مستوى ملائماً لتعزيز ودعم عملية النمو الاقتصادي بشكل كفؤ) (10 Kuklinski,1978,) .أما التنمية ، فهي عمل مخطط هدفه الاستخدام الافضل للموارد البشرية المتصفة بالندرة لتحقيق التغيير الاقتصادي والاجتماعي المرغوب (الجابري ، 1987،2 ). وبذلك فأن التخطيط لتنمية المستقرة البشرية يتناول العمل المخطط الذي ينصب على التحليل الاستقرائي من الاتجاهات الحالية والماضية لنمو المستقرة البشرية . أي أن التخطيط عملية مستمرة تتناول الادوات والوسائل الاقتصادية والاجتماعية التي توجه لبلوغ هدفاً معيناً . فالمستقرة البشرية هي الاداة الفعالة ولها الدور الكبير في عملية التنمية الاقليمية ، وقد تكون ايضاً الاداة التي تعيق عملية التنمية الاقليمية ، وذلك للدور الكبير في التوزع السكاني والانشطة الاقتصادية والاجتماعية . لذلك تتحدد السياسة الاقليمية بتحليل نظم المستقرات وطبيعتها في الاقليم ولها علاقة مباشرة بتطور المستقرات والذي يمثل انعكاساً للنمو الاقليمي وحسب ما تحدده السياسة الاقليمية من اهداف .

  أن أهداف التنمية الاقليمية يمكن حصرها بما يلي :-

1 زيادة الناتج القومي: - ويعد من أهم أهداف التنمية الاقليمية ، اذ انه يسعى الى رفع اسهام الاقليم في الناتج القومي. وذلك عن طريق ايجاد انشطة اقتصادية جديدة في المتقرات التي لها دور في زيادة الناتج الاقليمي . فضلاً عن تعزيز الانشطة الاقتصادية القائمة فيها ،مع مراعاة الحاجات والامكانيات المتاحة في الاقليم والاقاليم الآخرى والتوزيع المكاني للسكان والقوى العاملة.

2 تحقيق الموازنة السكانية: أن عدم التوازن في حجم السكان وكثافته وتوزيعه بين المستقرات البشرية في الاقليم الواحد وبين الاقاليم الآخرى يؤدي الى ابراز مراكز طرد للسكان ومراكز جذبهم. فالسكان ينجذبون الى مناطق التي تتوفر فيها فرص العمل ووفرة الخدمات أو التي تتميز بوجود مواد خام اولية يمكن استغلالها .كما ينجذب السكان الى المناطق التي تتمتع بمزايه سهولة والمواصلات وتوفر السكن . وبالمقابل فأن عوامل الطرد التي تتمثل بالضغط السكاني المتزايد على المساحة المحدودة من الاراضي الزراعية مما يدفع السكان الريفيون الى الهجرة لانعدام توفر فرص العمل او انعدام توفر الخدمات وضعف مستوى اداءها وقصور الموارد الاقتصادية وسهولة الانتقال بين الاقاليم ومراكز الاستقرار لنعدام الضوابط المحدد للهجرة .وهكذا , يمكن لسياسة التنمية الاقليمية ان تتخذ من عامل اهجرة أداة لاعادة توزيع السكان وتحقيق الموازة المكانية من خلال التاثير على عوامل الجذب والطرد في المستقرات .

3 تقليص التباين الاقليمي في توزيع الانشطة الاقتصادية الدخل : تؤدي سياسة التنمية اللأقليمية دوراً مهماً في توزيع الانشطة الاقتصادية والذي يؤدي بدوره الى تخفيض معدلات البطالة في المناطق التي تكون مرتفعه فيها . وذلك من خلال فرص العمل ودعم واصلاح مستلزمات الحياة الاجتماعية والثقافية للسكان . فضلاً عن تأثيرها في توزيع الاستثمارات لتحقيق التوازن الاقليمي في توزيع الدخل وفرصالعمل.

  ويمكن القول ان جميع سياسات التنمية اللأقليمية تهدف الى تحقيق موازنه جيدة بين السكان والبيئة . اذ تتضمن كثير من السياسات اهدافاً أخرى اضافة الى ما سبق ذكره كالمحافظة على الموارد والامكانيات الطبيعية وتخطيط استخدامها بشكل افضل. إن أهداف التنمية الإقليمية تختلف في اهميتها من مستقرة الى أخرى . فقد يكون اهدف الاساسي للتنمية زيادة متوسط دخل الفرد . بينما يكون في مستقرة اخرى زيادة حجم الخدمات العامة . ويجري تركيز في مستقرة ثالثة على زيادة فرص العمل .في حين يمكن أن يكون اكثر من هدف في مستقرة رابعة . كما يمكن ان يكون للأفق الزمني دورا مهما في تحقيق اهداف التنمية اللأقليمية والقومية . ففي المدى القصير يتم التركيز على المستقرات المؤهلة لتحقيق النمو الاقتصادي , اما في المدى البعيد فيمكن تحقيق هذا الهدف في المستقرات الضعيفة لحين ازالة معوقات النمو فيها(Kuklinski,1975, 4)

   وبناءاً على ما سبق , يتضح بأن المستقرات البشرية و التنمية اللأقليمية والتنمية الاقتصادية تشكل مجموعة من العمليات المتصلة والمتفاعلة بشكل دقيق . اذ تمثل المستقرات الادوات التي توزع بواسطتها ثمار التنمية توزيعا عادلا او غير عادل على الاقاليم التي تقوم بخدمته . وبعبارة اخرى تمثل المستقرات البشرية المجال المكاني لتحقيق اهداف سياستي التنمية اللأقليمية والقومية من خلال اتباع عدد من الوسائل والستراتيجيات . كما أن التنمية المتوازنه بين المناطق الحضرية و الريفية وفي ما بين البلدان عنصر أساسي من عناصر التنمية القابلة للإدامة . والتي تتطلب قدرا من الاهتمام بتخفيض التكاليف البيئية للتنمية ,وتوزيعا أكثر عدلاً لثمار التنمية .

  إن التنمية غير المتوازنه تؤدي في كثير من الاحيان الى الهجرة . اذ يعمل الناس على تحسين معيشتهم من خلال الانتقال من المناطق الفقيرة الى المناطق الاكثر غنى , ومن المناطق التي تنخفض انتاجيتها الى المناطق الاكثر انتاجية , ومن الريف الى المدينة , ومن البلدان التي تعاني من ارتفاع في معدلات البطالة والبطالة الجزئية الى البلدان التي تتوفر فيها فرص العمل بهدف استعانة توازنهم الاقتصادي .

  ومما تقدم , يتبين بان تعدد جوانب التأثير المتبادل بين التنمية وبين ما ينجم عنها من توسع للسكان والدخول وقيام المستقرات البشرية قد اوجد حاجة ملحة الى سياسة اكثر شمولا للتنمية المتكاملة بحيث تضم المستقرات البشرية بوصفها عنصراً من الاعناصر الاستراتيجية

  وبهدف استكمال تغطية هذه الفقرة من البحث , فقد ارتأى الباحث تناول الفقرات الفرعية الآتية :-

1- أنواع المستقرات البشرية .

2- الاثار الايجابية للمستقرات البشرية في التنمية اللأقليمية .

1-2 أنواع المستقرات البشرية :

  تعرف المستقرة بأنها ( منطقة مسكونة من قبل الانسان يتفاعل في داخلها وله هدف معين يتحدد من خلال السكن الذي يتخذ شكل الاستقرار ، وعلى هذا الاساس فالمستقرة البشرية تتضمن جانبين : الاول الانسان وحجم هذا التجمه البشري ، والثاني الطبيعة التي تؤلف مع الانسان العناصر الاساسية لتكوين المستقرة ).

  وبهذا يمكن القول أن هناك جانبين يؤثران في تفاعل المستقرة البشرية وتكوينها وهي العوامل الطبيعية والعوامل البشرية ، وهذه العوامل تتحدد حسب حجم المستقرة ونوعها .

  أما من الناحية التاريخية فأن المستقرة كانت تمثل حاجة ملحة لتكاتف الانسان ومجابهة مشاكل الحياة وحاجته الى التآلف والتعاون ، فالمستقرة هي اول مرحلة تأريخية للانسان فكر بها وأتجه اليها لكي يتكيف فيها مع البيئة المحيطة به .

  وتجدر الاشارة الى ان هناك مجموعة عوامل آخرى اضافة الى العوامل الطبيعية والبشرية تتظافرفيما بينها لتكوين الهيكل العام للمستقرة وخاصة الاقتصادية والبيئية مما يميزها عن غيرها من المستقرات الاخرى ، يمكن تقسيم المستقرات البشرية عموماً الى ثلاثة اقسام ، وعلى النحو الاتي :-

1 المستقرات الحضرية : تمثل المستقرة الحضرية نواة المجتمع البشري المنظم ولها طابعها الخاص الذي يميزها عن المستقرة الريفية .ويرجع بداية تكوين المستقرات الحضرية الى كونها مستقرات ريفية نمت وكبرت وازداد عدد سكانها واحتاجت الى وجود نظام اداري وخدمات .فالمستقرة الحضرية مكان له وظائفه الخاصة متمثلة بالخدمات ووجود المركز المدني والطابع العمراني ونظام النقل ، وهذه الوظائف تحمل الفرد على اللتعامل معها وهي تمثل حالة فصل عن غيرها من المناطق.وهذا يرتبط بوجود المراكز المدنية كما يبدو بنوع الوظيفة التي تقوم من اجلها المدينة وتقدم خدماتها الى المنطقة المحيطة بها . غير أن هناك قسماً من المدن نمت خلال فترات زمنية طويلة بسبب توفر ظروف معينة وخاصة الطبيعية والاقتصادية التي ترتبط اساساً بالعوامل الانتاجية الزراعية .ان هناك عوامل ساعدت على ظهور المستقرات ترتبط أما بوجود منطقة سهلية أو منطقة نهر أو التقاء طرق النقل . لذا فأن نمو المدن على طول الانهار كان شيئاً طبيعياً لاستعمال مياه الانهار للزراعة والنقل ولاغراض أخرى( حسين ،1977،9 ) .

  وبدءات المدن بالتطور من مجمعات زراعية الى مدن وتغيرت وظائفها من الزراعة إلى التعدين واحتاجت المدينة الى الخدمات لكي تتلائم مع حاجات السكن ، كما احتاجت المدينة ، بفعل تغير نشاطها ، الى توسيع علاقاتها وخاصة التجارية . مما تطلب الامر إلى ضرورة توسع خدمات المدينة وانتشار تأثيرها الى خارج اقليمها .

  وعلى العموم فأن الفعاليات الاستثمارية المطلوبة لتطوير المستقرات يمكن تقسيمها إلى أربع مجاميع رئيسية ، وهي *:

1- خدمات البنى الارتكازية: وتشمل الطرق ، ومحطات المياه ، وخدمات مياه الصرف الصحي ، واكهرباء ، وأنارة الطرق ، وخدمات البنى التحتية التي تربط مواقع المدن مع بعضها.

2- توافر الفعاليات مثل المدارس ، والعيادات الطبية والمستشفيات ، والجوامع ، والكنائس ، ومركز الشرطة والاطفاء ، والمركز التجارية ... الخ .

  وهذه الفعاليات هي اكثر من كونها هياكل عمرانية ، اذ تشمل التعليم والمحافظة على الصحة والخدمات الاجتماعية .

3- الأبنية التجارية والصناعية ، مثل المكاتب ، والاسواق ، والمخازن ، وابنية المصانع ، ومراكز الانتاج التجارية ... الخ.

4- الأبنية السكنية ، مثل العمارات المتعددة الطوابق والدور السكنية المملوكة أو المعروضة للايجار.

2 المستقرات شبه الحضرية: أن ازدياد الهجرة من الريف الى الحضر نجم عنها زيادة في الازدحام في المناطق المركزية ونمو التجمعات في الضواحي ، وتختلف الدرجة التي حدث بها ذلك من مكان لآخر ،كما يختلف مدى ممارسة البلديات للرقابة التنظيمية أو للاستثمار في مجال الاسكان التابعة لها. وفي كثير من البلدان النامية ، في الوقت الحاضر ، تتزايد اعداد القادمين الى المدن عن ذي قبل ، اذ تجاوزت سرعة التحول الحضري قدرات الصناعة على توفير فرص العمل ، وقدرة البلديات على توفير الخدمات والمرافق المطلوبة لتلبية حاجة المهاجرين . اذ تسود فيها الظروف المعيشية ذات المستوى المنخفض ، كما ان خليط السكان القادم غالباً من المناطق المتخلفة تسبب قيام مشاكل اجتماعية متنوعة . وكثيراً ما تكون هذه المستقرات في بيئة سكنية غير ملائمة ، في اسوء الاحوال من مجموعات من الاكواخ لا تصلها المياه او المرافق الصحية او الغاز او الكهرباء لو الخدمات التعليمية او الاجتماعية .

3 المستقرات الريفية : يمثل الاستقرار الريفي نواة التجمعات البشرية البسيطة من حيث الحجم السكاني ونوع الخدمات وبساطة الحياة والاتجاه في اغلب الاحيان الى مهنة واحدة اساسية هي الزراعة ، وقد توجد بعض المهن الاخرى .

  أن عملية استقرار السكان منذ القدم ووجود القرى يمثل بداية الاستقرار الريفي ، واخذت هذه القرى باستغلال الموارد الطبيعية الموجودة والتأقلم للحياه أو للظروف البيئية قدر الامكان .

  أن نشؤ القرى القديمة في بلاد الشام وبلاد وادي الرافدين لم يكن ظاهرة فجائية بل سبقته مرحلتان تميزت الاولى بتركيز جهود الانسان لاستغلال امكانيات وموارد البيئة ، والثانية بالتركيز على تفاعل الانسان مع البيئة الاجتماعية ( حسين ،1977،ص9) .

  يمكن تعريف المستقرات الريفية بأنها (( تلك المناطق التي تطغى عليها الزراعة كفعالية اقتصادية رئيسية ، ولا يمنع من وجود فعالية آخرى كالسياحة والحرف الريفية ، ولا تعد سيادة ظواهرغير زراعية او صناعية او حضارية في بعض المقاطعات الريفية في الدول الاكثر تقدماً الا تاكيداً للشخصية الفريدة في بعض المناطق في هذه الدول ، ولا يغير من حقيقة المنطقة الريفية قربها من المدن او بعدها ، فقد عرف الجغرافيون المناطق الريفية القريبة من المدن بأن لها خصائص المناطق النائبة عنها ) (البطيحي ،1982،15 ) .

  توجد معايير عديدة يمكن بمجموعها أن يحدد صفة واضحة بكون المستقرة حضرية أو ريفية ، ومن هذه المعايير :-

1 المعيار الإحصائي: اذ يعتمد على عدد السكان وكثافتهم ، ويختلف هذا المعيار من دولة الى آخرى.

2 المعيار القانوني: ويتم به تعريف المدينة تعريفاً قانونياً يحدد بقرار أو مرسوم . ومن ثم فامستقرة الحضرية تتميز بأدائها للوظائف الحكومية الادارية .

3 المعيار الضريبي: اذ يكون هنالك ضرائب عقارات تجارية وادارية وضرائب ارض زراعية وانتاجية وغلات ، ومن ثم فأن النوع السائد من الضرائب هو الذي يحدد كون المستقرة ريفية أم حضرية.

4 المعيار التأريخي: ويتم ذلك من خلال دراسة كيفية نشوء المستقرة ومدى عمقها التأريخي والحضري .

5 المعيار العمراني: وهو يعتمد على المظهر الخارجي للمستقرة وعلى اساس طبيعة الخدمات المتوفرة ونوعيتها .

6 المعيار الاقتصادي والوظيفي: وهو يعتمد على نوع النشاط الذي تزاوله المستقرة بصورة اساسية.

7 المعيار الاجتماعي: ويعتمد على طبيعة التفاعل والتواصل بين افراد ذلك المجتمع سواء كان ريفيا أو حضرياً مما يخلف بدوره نسقاً اجتماعياً مميزاً .

  ويأخذ الاستقرار الريفي اشكالاً متعددة تيعاً الى الظروف الطبيعية والكثافة السكانية وطبيعة الموارد الاقتصادية . ومن بين تلك الاشكال : السكن الريفي المنعزل , والقراى الصغيرة , والقرى الاعتيادية , والاستقرار المدمج والذي يمثل النمط الافضل في الاستقرار الريفي , اذ يكون هناك مركز فردي ويضم حوله مجموعة من المساكن يشكل متصل او متلاصق او متقارب.


2-2 الآثار الايجابية للمستقرات البشرية في التنمية الأقليمية :-

  أن للمستقرات البشرية خاصة الجديدة منها أثار أيجابية على التنمية الاقليمية التي تتمثل بما يلي :-

1- مساهمتها في اعادة توزيع السكان من خلال الاعتماد على الهجرة المعاكسة . ويرعى في ذلك اعادة توزيع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات التي تحدث في هيكل السكان والعمالة وأتجاهات النمو الحضري. ويمكن اعادة توزيع الفعاليات وجعل المنطقة جاذبة للسكان عن طريق تحسين البنى الارتكازية والخدمات فيها وتشجيع تدفق استثمارات جديدة وبشكل تدفقات صناعية , وبأحجام صغيرة , وبشكل يتلأئم مع امكانية التطوير للمناطق المختلفة والمناطق الزراعية المنعزلة القائمة.

2- تخفيف الضغط السكاني الموجود في المدن المكتظة بالسكان .

3- استغلال الموارد غير المستغلة بشكل كامل , اذ انها تتيح الفرصة امام المستثمريين لاستكشاف الثروات الطبيعية واستثمار غير المستغلة منها . فضلاً عن ذلك فأن توفر فرص العمل في هذه المستقرات يؤدي الى استغلال الموارد البشرية غير المدرية والعاطلة عن العمل .

4- رفع الناتج القومي , من خلال توفير فرص العمل بأنشاء صناعات تفتح أفاقا جديدة ودراسة لاستقرار السكان . كما أنها تسهم في القضاء على البطالة المقنعه في المدن تدريجياً .

5- مساهمة هذه المستقرات في خدمة المناطق المحيطة بها بما توفره من سلع وخدمات ضرورية لسكان تلك المناطق.

المبحث الثالث : أهمية السياسة الإقليمية في توازن الهيكل المكاني:
 أن من بين النتائج الممكنة لخطط التنمية , الاقتصادية والاجتماعية , الاثار الكبيرة في اتساع الفجوة في الفروقات الاقتصادية والاجتماعية بين الاقاليم وضمن الاقليم الواحد . اذ يمكن أن تتركز الفعاليات الاقتصادية والسكان في المراكز الحضرية التي تحقق نمواً اقتصادياً , نظراً لما تتميز به من مزايا نسبية مثل توافر العوامل النادرة والبنى الارتكازية والخدمات الاساسية , مكونة مراكز استقطاب او ما تسمى بقوى الاستقطاب (Polarizing forces ). أن مثل هذه المزايا أدت الى هجرة ( غير مخططة ) من بعض الاقاليم الى الاقاليم الاخرى , ومن الريف الى المدينة . ومن ثم انعدام التوازن الاقليمي , واحداث اقاليم متطورة وأخرى متخلفة ضمن البلد الواحد , والى جملة من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. أن عملية الاستقطاب كان لها تأثير سلبي مباشر على الريف والمدن الصغيرة , كما كان لها تأثير سلبي على المدن الكبيرة . ففي المدن الصغيرة والارياف حددت عملية الاستقطاب من النمو والتطور الذي ادى الى ظهور الفروقات في مستويات الدخل والمعيشة بين الحضر والريف, وبين الاقاليم بعضها البعض . ويرجع سبب ذلك الى أهمال الهيكل المكاني في خطط التنمية القومية وظهور ما يسمى بالثنائية (Duality) في الهيكل المكاني للبعد حيث تتمركز الموارد والفعاليات الدافعة (Propulsive Activities­(في مراكز التنمية الفورية دون الاقاليم الضعيفة والمناطق المحيطة لهذه.

  أما بالنسبة للمراكز والمدن الكبيرة فتتمثل التأثيرات السلبية للاستقطاب بالنمو السكاني السريع نتيجة الهبوط النسبي لاهميةالزراعة وهجرة السكان الريفيين الى المناطق الحضرية القديمة التي أصبحت مكتضة بالسكان والتظخم الاقتصادي وزيادة في الضغط على الخدمات وأرتفاع البطالة والتلوث وأزدحام المرور , فضلا عن المشاكل الاجتماعية النابعة من التحضر (Urbanization) . ولذلك فقد توجه أهتمام المخططين الى التغيرات الجوهرية التي تحدث في الاقتصاد القومي وهيكله المكاني نتيجة المشاريع الضخمة التي تتضمنها خطة التنمية . والى التأثيرات التي تحدثها التنمية الاقتصادية على البعد الخيري لعملية التنمية الاقتصادية , اذ أن النمو الاقتصادي لايتأثر فقط بالهيكل المكاني للآنتاج , بل أن هيكل الانتاج له اثار مهمة على سير التنمية الاقليمية في المستقبل.

  ومما تقدم يتضح لنا بأن عملية التنمية يمكنها أن تلعب دوراً فاعلاً أذا ما أخذ بالحسبان التأثير المتبادل بين التنمية وبين ماينجم عنها من تأثير في توزيع السكان والدخول بما يحقق التوازن بين مختلف عوامل التنمية , وذلك بالاعتماد على شبكة المستقرات .

  وهنا لابد للباحث من التساؤل : كيف يمكن تحقيق التوازن بين التنمية والهيكل المكاني للمستقرات.وللأجابة على هذا السؤال يمكن القول بأن هذا التوازن يتحقق عبر مراعاة النقاط الاتية : (حسن , 2001 , 13 ) .

1 الاهتمام بالمستقرات والمناطق المحيطة من خلال النظر اليها ضمن المحتوى القومي والاقليمي واستغلال الموارد المتاحة والافادة منها.

2 الأخذ بالحسبان الأيدي العاملة الفائضة في المناطق الزراعية المكتظة بالسكان الريفيين والاستفادة منها في الصناعة.

3 تخفيض معدلات النمو (الاقتصادي, السكاني, العمراني في المراكز الكبيرة التي تعاني من المشاكل الحضرية, وتوجيه الاهتمام برفع معدلات النمو في المستقرات ذات النمو المنخفض. مع ملاحظة أن تحقيق هذه الاهداف يتطلب بعض درجات من عدم التركيز الجغرافي (Geographical Deconcentration) للتنمية الاقتصادية في المستقبل بين الأقاليم وذلك بنشر أو تثبيت النمو في مستقرات منتجة معتمدة على :

1 المحددات والمعوقات الموجودة.

2 المتطلبات اللازمة للاهداف الاقتصادية الشاملة مع مراعاة الاسبيقية.

3 درجة الأهمية المتعلقة بالأهداف غير الاقتصادية المراد تحقيقها في تحسين الوضع الاجتماعي الأقليمي. مع الاخذ بالحسبان أن التوزيع المتشتت للمستقرات يتضمن صعوبات تقنية في تقديم الخدمات الضرورية بمختلف انواعها . اذ انه يزيد من تكلفتها, ويجعل تقديمها متعذرا من الناحية الاقتصادية في معظمها .

  وهكذا يمكن لسياسة التنمية الاقليمية أن تلعب دوراً هاما في الهيكل المكاني للاستقرار من خلال ستراتيجيتاتها المتمثلة بالنقاط الاتية :-

1 هجرة العمال: - تؤكد هذه الاستراتيجية على استغلال الموارد البشرية لأغراض النمو واعادة استقرارهم في المناطق ذات الامكانيات العالية, إذ تتوفر فيها فرص العمل. وتنطبق هذه الاستراتيجية في المناطق المتخلفة التي يصعب التصنيع فيه وتعاني من البطالة . أن هذه الاستراتيجية تعتمد على هجرة الايدي العاملة, ومن ثم فأنها تتضمن إعادة توزيع السكان والذي يجب أن يراعي فيه اعادة توزيع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والتغيرات التي يمكن أن تطرأ في ترتيب السكان واتجاهات النمو الحضري. ان هذه الاستراتيجية غير مجده لكزنها تخالف مبدأ العدالة في الفرص المتساوية لجميع مناطق البلد

2 حركة رأس المال: تقوم هذه الاستراتيجية على توجيه الاستثمارات وتشجيع تدفق صناعات جديدة وتحسين البنى الارتكازية في المناطق المتخلفة. ويمكن لسياسة التنمية ومن خلال أدواتها السيطرة على توجيه حركة الفعاليات الاقتصادية ، وتؤدي هذه الاستراتيجية الى استغلال الموارد غير المستغلة بشكل كامل . كما انها تحافظ على السكان في مثل هذه المناطق من خلال جذب الفعاليات الاقتصادية وتحسين البنى الارتكازية فيها . وتلأئم هذه الاستراتيجية الاقاليم المتخلفة والمناطق الزراعية التي يمكن تطورها ببعض التدفقات الصناعية بأحجام صغيرة وفعاليات خدمية .

3 التفاوت في التنمية الاقليمية: لقد برهنت التجارب التنمية في الدول النامية, ان ميكانيكية التنمية ترتكز في عملية التخطيط ولمدة ليست بالبعيدة , على البعدين القطاعي والزماني فقط اي الاهتمام بربحية المشروع وتأثيراته على الناتج القومي خلال فترة زمنية معينة . وتقتصر هذه الاستراتيجية الى البعد الثالث وهو البعد المكاني في عملية التخطيط ( الكناني , 2005 , 35-33 ) .

المبحث الرابع : العوامل المؤثرة في نشوء المستقرات البشرية :
  إن تفاعل العوامل الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية اسهم في تكوين انماط مختلفة من المستقرات من حيث توزيعها المكاني واعدادها واحجامها واشكالها ، واذا كان نمو المستقرات في بعض الاحيان يتم بشكل عشوائي بعد توقيعها ، الا ان اختيار منطقة ما مركزاً ما لايمكن ان يكون اعتباطياً بل تحكمه متغيرات وعوامل عديدة طبيعية واقتصادية واجتماعية وبشرية وتختلف تأثير هذه العوامل باختلاف انماط المستقرات .

 إن دراسة مواقع المستقرات والعوامل المؤثرة فيها على قدر كبير من الاهمية ، لان موقع المستقرة قد يكون له دور ايجابي في تطوير المستقرة وقد يكون معرقلاً لعملية التطوير .

  ونتناول في الفقرات اللاحقة العوامل المؤثرة في نشوء المستقرات البشرية ، وعلى النحو الاتي:

1-4 العوامل الطبيعية :

  ويكون لهذه العوامل تأثير كبير في النمط الخاص بالمستقرة ، وكذا حجمها . كما ان لها دور فاعل في اختيار الموقع الملائم للمستقرة الريفية ، وتختلف درجة التأثير باختلاف انماط المستقرات الريفية . فنلاحظ النمط المنتشر من المستقرات الريفية ، يظهر بشكل كبير عندما تكون طوبوغرافية السطح السائدة متقطعة. مثلما تلعب قلة المياه ، وفقر التربة ، وكثرة المستنقعات دوراً في التقليل من تكتل المستقرات بشكل كبير كما تؤدي الى التبعثر والاستقرار المنعزل ان من بين العوامل التي تنطوي ضمن العوامل الطبيعية المؤثر في نشوء المستقرات البشرية ، العوامل الاتية -

1 جيمورفولوجية السطح: تعد درجة استجابة البيئة لنشاطات الانسان وحاجته من العوامل المحددة لجذب السكان واستقرارهم في تلك البيئة. لذا تعد المناطق السهلية من اكثر البيئات استجابة لانشطة الانسان ، في حين تكون المناطق الجبلية اقل استجلبة لهذه الانشطة. ففي المناطق السهلية يستطيع الانسان اخضاعها لاساليب الري الحديثة وانشاء المستقرات وشق الطرق واستخدام المكننة على نطاق واسع في الزراعة . ومع ذلك فأن اهمية المنطقة كموقع للمستقرا لا تحددها صفة الشكل والتضاريس الموجودة فقط ، ولاكن هناك عوامل اخرى منها وجود الثروات الطبيعية ، وتوفر المياه ، وتوفر الحماية من العوامل الطبيعية ، وسهولة الدفاع عن المستقرة .

2 المؤثرات المناخية: - ينعكس تاثير المناخ بعناصرة المختلفة (الحرارة ، الرطوبة ، الرياح ، الامطار ... الخ ) على النشاط الريفي وبشكل خاص النشاط الزراعي الذي يعد عماد الحياة للسكان في المناطق الريفية . اذا تحدد عناصر الماخ كمية الانتاج الزراعي ونوع المحاصيل ومواسم الزراعة ، ومن ثم مقدار اعالة الارض للسكان الذي هو الاخر يحدد حجم السكان وعدد المستقرات . ويكون للامطار من حيث كمياتها وفترات سقوطها اثر كبير في مواقع المستقرات واحجامها في المناطق التي لا توجد فيها مصدر مائي آخر . في حين يكون لها تأثر اقل في المناطق الرطبة اذ يستطيع السكان اقامة مستقراتهم في جميع المواضع[(*)] .التي تسمح تضاريسها بذلك طالما كانت الامطار وكميايتها لسد احتياجاتهم وتمكنهم من مزاولة نشاطهم الزراعي بشكل مضمون .كما ان انخفاض درجات الحرارة يلعب دوراً في قلة عدد المستقرات لانعكاسة على نشاط الانسان و قدرته على مزاولة نشاطه الزراعي .في حين يميل سكان المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة الى اختيار مستقراتهم في اماكن مرتفعة لتلطيف الجو ولتخفيف من آثر ارتفاع درجات الحرارة .

3 الموارد المائية : يلعب الماء دوراً فعالاً في تحديد مواقع وحجوم واعداد المستقرات الريفية التي تقع على مصادر المياه أو بالقرب منها. تعد المناطق الجافة من اكثر المناطق التي يحرص السكان فيها على الاستقرار بالقرب من الموارد المائية ، لا سيما السهول التي تجري فيها الانهار الدائمية وتوفر الامكانيات الكبيرة للزراعة . ويمكن القول ان الموارد المائية وبمختلف مصادرها تعد من العوامل المهمة والمؤثرة في مواقع وحجوم واعداد المستقرات الريفية والنشاط الاقتصادي الذي يمارسة سكانها ( الزراعة ) . فقد ارتبطت نشأة المستقرات البشرية واستمرارها بتوفر مصادر مياه دائمة. وذلك لتحكمها في توزيع وكثافة كل من النبات والحيوان والإنسان ، فضلا عن الاستفادة منها في النقل المائي . وهكذا أظهرت أولى المدن على ظفاف الأنهار الكبرى كالفرات ودجلة والنيل والسند وغيرها . ويعد مصدر المياه من بين المصادر التي كانت المستقرة تتآلف منها ، عنصر حركي تركته إلى النهاية ولولا هذا العنصر لما كان يتسنى للمستقرة الاستمرار في الاتساع من حيث الحجم والمجال والإنتاج ، ونقصد به أول وسيلة فعالة للنقل على نطاق واسع أي الطريق المائي ، فأنة لم يكن من قبيل المصادفة أن المستقرات نشأت أول مرة في أودية الأنهار (الراوي ،2005،ص62).

4 التربة والتركيب الجيلوجي: تعد التربة والتركيب الجيلوجي من العوامل التي تلعب دوراً فعالاً في اختيار مواقع المستقرات الريفية ، لاسيما اذا كان الاقليم متشابهاً في ظروفة المناخية ومظاهره التضاريسية ، ففي المناطق التي تتوفر فيها الترب البركانية الخصبة تزدحم المستقرات الريفية رغم وجود البراكين الخطرة والسبب في ذلك أن خصوبة التربة مرتبط بوجود الرماد والصهير البركاني. كما ان المستقرات الريفية تحتشد في مناطق السهول الفيضية اذا ما توفرت المياه ، بينما نجد اعداد المستقرات واحجامها في مناطق الصخور الجيرية و المناطق الصحراوية والحصوية ، كما ان السكان يميلون الى اختيار الاراضي الخصبة القادرة على اعالتهم ، اذ ان قابلية الارض على الاعالة في ظل ظروف تقنية محددة هي التي تحدد مواقع المستقرات واعدادها . ومن ذلك يمكن الاستنتاج بأن المناطق التي تتمتع بامكانية ( زراعية واروائية ) وتنوع في قابلية الاراضي وتوفر المواد الاولية التي يحتاجها السكان لبناء المساكن تحوي على اكبر قدر ممكن من المستقرات حجماً وعدداً .

2-4 العوامل الاقتصادية والاجتماعية:

  تؤدي العوامل الاقتصادية والاجتماعية دوراً مهماً في تحديد احجام المستقرات البشرية واعدادها مثلما هو الحال في ما يخص العوامل الطبيعية . ان ذلك الدور يتحقق من خلال النقاط الاتية : ( حسن ،2001،210).

1 الحد من تأثر العوامل الطبيعية.

2 تكييف العوامل الطبيعية الى درجات متفاوتة في التأثير على مواقع المستقرات البشرية.

3 طريقة استخدام أساليب زراعية حديثة وطرق ارواء متقدمة وتوزيع مكاني للانشطة الاقتصادية ، ونوع الانتاج الزراعي ، والتشريعات التي تخص القطاع الزراعي ، كلها تسهم في الوصول الى صيغة مثلى للمستقرات.

  كما تسهم طرق النقل والعوامل الاجتماعية في اختيار مواقع المستقرات واحجامها .

 وسيجري استعراض هذه العوامل بالتحليل على النحو الاتي :

أولاً : العوامل الاقتصادية :

  بما أن الزراعة هي النشاط الاساسي للمستقرات الريفية لذا فأن اختيار اي حيز موقعاً للاستقرار يرتبط بعاملين هما :

1- توفر الارض الصالحة للزراعة .

2- مستوى الكفاية الانتاجية للارض .

   هذان العاملان يحددان حجم المستقرة الريفية من حيث عدد السكان بشكل طردي ، في حين نجد أن اسلوب الانتاج ، ونوعع المكننة المستخدمة ، وحجم الاستثمار يحدد حجم المستقرة وبشكل عكسي . ذلك لان المستقرة التي تمتهن الزراعة وبوسائل تقليدية قديمة وباستثمار قليل يعني ان الجهد البشري هو الوسيلة لادارة الزراعة ، مما يؤدي الى كبر حجم المستقرة ، وبعكس ذلك فأن استخدام المكننة الزراعية وأساليب الزراعة الحديثة لا يتطلب جهداً بشرياً لادامة الزراعة فنلاحظ صغر حجم المستقرة .

  تتمثل العوامل الاقتصادية المؤثرة في نشوء المستقرات البشرية بالعوامل الاتية :

1 نوع الإنتاج الزراعي: لهذا العامل تأثير في مواقع المستقرات الريفية وكثافتها ، اذ نجد ان المستقرات التي تختص بزراعة الحبوب ، مثل الحنطة والشعير ، سواء التي تعتمد في زراعتها على مياه الامطار أو التي تعتمد على الري. اذ لا يحتاج هذا النوع من الزراعة الى ايدي عاملة كثيرة مقارنة بالمستقرات التي تقوم بزراعة الخضراوات والفواكه التي تمتاز بكبر حجمها وتاربها نظراً لاعتمادها على أيدي عاملة كثيرة وامكانية استخدام المكننة الزراعية فيها اقل . كما إن إنتاجية الأرض لها علاقة مباشرة بحجم وعداد المستقرات فنجد ان الانتاجية العالية تعمل على تكثيف المستقرات الريفية . اذ ان المستقرات التي تنتشر فيها زراعة الفواكه والخضراوات والرز تكون ملتحمة مع بعضها وتمتد بشكل طولي ومواقعها بالقرب من المصادر المائية او تفرعاتها.

2 أساليب الزراعة والإرواء : هناك اساليب مختلفة للزراعة ، منها الزراعة الفردية والزراعة الجماعية . فنجد نمط الاستقرار يختلف أيضاً في كلا الاسلوبين ، فموقع المستقرات في المزارع التي تعتمد الزراعة الفردية والانتاج الزراعي الواحد ، مثلاً زراعة الحنطة أوالشعير نجد ان المستقرين يختارون مستقراتهم بالقرب من مواقع مزارعهم . وذلك بسبب تعذر انتقالهم من مراكز مثل الحنطة والشعير المجمعة الى مزارعهم الكبيرة لبعد المسافة ، وتعذر طرق ووسائل نقل جيدة . بينما نجد ان الحالة معكوسة في المزارع الجماعية ذات المزارع الصغيرة ، اذ يميل السكان الى التجمع في مستقرات محتشدة ، توفيراً للارض وقصر المسافة بين الحقول و المستقرات كما يمكنهم الاستفادة من المكننة المتوفرة في المستقرة . أما طرق الارواء فانها الاخرى لها دور في مواقع المستقرات والنمط الذي تتخذه . فنمط الزراعة الديمية غالباً ماتكون زراعة واسعة تستخدم رأس مال قليل وأيدي عاملة وغالباً ما تتخذ الحبوب نوعاً للزراعة ، وهذه لها دور كبير في ظهور النمط المنتشر وأحجام صغيرة للمستقرات . كما أن الري بالواسطة له دور كبير في اختيار مواقع المستقرات وكثافتها . اذ تكون المستقرات التي تستخدم هذه الوسيلة الاروائية اكبر حجماً واكثر تقارباً .

3 التشريعات الزراعية : لقد لعبت التشريعات الزراعية دوراً مهماً في نشوء أنماط استقرار مختلفة وأختيار أماكن متعددة للمستقرات ، وانعكس ذلك ايضاً على أحجام هذه الستقرات .

   إن قوانين الاصلاح الزراعي التي عالجت تنظيم الملكيات الزراعية كانت سبباً في ظهور مستقرات صغيرة ومتفرقة ، لأن توزيع الاراضي على الفلاحين يعني تفتيت الملكيات الزراعية، وقد شجع ذلك الفلاحين على الاستغلال في اراضيهم مما ساعد على ظهور مستقرات منتشرة ، ففي أوربا الشرقية كان لهذه القوانين والتشريعات دور رئيسي في ظهور المستقرات المبعثرة والمزارع الفردية .

4 شبكة النقل : ان احداث تنمية أقتصادية واجتماعية شاملة لا يمكن أن يتحقق الا بطرق اتلنقل والمواصلات ( الراوي ،2005،41). إذ تترك شبكة الطرق ووسائل المواصلات أثر بالغ على مواقع المستقرات الريفية واحجامها وتوزيعها الجغرافي ، اذ ان الكثير من تلك المستقرات تختار مواقعها بالقرب من او على طول شبكات النقل . كما ان موقع الكثير من المستقرات الريفية قريباً من المياه قد جذب طرق النقل اليها مما ساعد على انشاء مستقرات سكنية جديدة أو زيادة حجم المستقرات القديمة .

  إن وجود طرق النقل من شأنه أن يعمل على تسهيل تسويق الناتج الزراعي ويساعد أبناء الريف من الانتقال من الاكتفاء الذاتي الى الانتاج لغرض التسويق وهذا يساعد على جذب السكان الى هذه الطرق لاقامة مستقراتهم حيث يستطيعوا تسويق حاصلاتهم الزراعية.

ثانياً : العوامل الاجتماعية :-

  إن العوامل الاجتماعية والقيم والعادات والاعراف الاجتماعية والمستوى الحضاري والثقافي للمجتمعات دوراً مهماً ومميزاً في رسم اتجاهات الاستقرارالا ان أثر هذه العوامل يتباين في التأثير حسب المكان والمستوى الحضاري والثقافي للمجتمعات. وهذه العوامل يقل تأثيرها في البلدان المتحضرة ، بينما تجد تأثيرها فاعلاً في جهات عديدة من العالم ولاسيما في الدول النامية التي لا يزال للتنظيمات الاجتماعية دورها في حياة الناس . اذ ينحدر معظم السكان من أصل قبلي ، ويكون للتنظيم دور بارز في تشكيل نمط متميز من الاستقرار على شكل قرى متجاورة تعكس طبيعة الانتماء العشائري والرغبة في عدم الانتشار .

3-4 الاعتبارات التخطيطية :

  إن الاعتبارات التخطيطية يمكن ملاحظتها بالنقاط الرئيسية الاتية :

أولاً :- اختيار الموقع :

  إن اختيار الموقع المناسب للاستقرار البشري يعد خطوة مهمة جداً في عملية التخطيط ، وعلى المخطط أن يأخذ بالحسبان عوامل عديدة كالسكان والقوى الستراتيجية والاقتصادية . فضلاً عن الظروف الطبيعية والمناخية للمنطقة ( Golany,1978, 7) .

  ينبغي على المخطط أن يحقق معايير عديدة ضرورية في أختيار الموقع ، وتشمل :

1 الراحة الفسيولوجية والمناخية: في المناخ الحار تكون الافضلية للمواقع المفتوحة المتمثلة في عدم محدودية الساحات في المناطق الصحراوية التي تكون بمستويات عالية فوق مستوى سطح البحر ، أو على السفوح المواجهة للشمال ، او للشرق ، او للغرب ، ولكن ليس الجنوب الا اذا كان أختيار الموقع مصحوباً بميزة ارتفاع المنطقة فيؤدي الى انخفاض درجات الحرارة.كما إن معدل الرطوبة النسبية يرتفع في المناطق العالية وتنخفض درجات الحرارة بمعدل درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا عن سطح الارض بمقدار 100 متر. وتنخفض كمية الاشعاع الشمسي في المواقع التي لا تواجه الجنوب كالشمال الذي يحصل على اقل كمية من اللاشعاع الشمسي كما أن الارتفاعات العالية تعطي ميزة الاستفادة بشكل أكبر من الرياح الطبيعية لخفض درجات الحرارة .

  الميزة الأخرى للموقع في السفوح العليا أنه يعطي فرصة للساكنين للنظر فوق الافق ويعطي شعوراً نفسياً لدى الشخص بأفضلية الموقع المختار .

2 هيدرولوجية الموقع: عند جمع المعلومات المناخية يفضل أن تحسب معدلات تساقط الأمطار وبشكل دقيق ولسنوات سابقة ، فعلى الرغم من قلة سقوط الامطار وندرتها الا أنها قد تكون عنيفة ويصبح جريانها في الموقع عاملاً مهماً ، اذ قد تكون من القوة بحيث تستطيع تدمير اكتاف الطرق والمنشآت وحتى الجسور.

  ويمكن الاستفادة من سقوط الامطار وخزنها خلال فترة زمنية قصيرة عن طريق تخطيط المناطق المفتوحة في المستقرة وتنقيتها . وهناك جملة من الاعتبارات يمكن الاستناد عليها لهذا الغرض ، وهي :

1- إنشاء مناطق تجميع صغيرة يتم تنفيذها مع المخطط الرئيس لتصريف المياه متكاملة مع نظام للقنوات محسوبة بموجب المناسيب الطوبوغرافية للمنطقة .

2- توجيه تساقط الامطار وجريانها الى المناطق الزراعية والخضراء والمساحات المفتوحة.

3- نوعية البيئة: ان أقامة المستقرات الصحراوية الجديدة عادة ما تجذب السكان الذين تكون رغبتهم في الاستقرار محدودة ، فهؤلاء عادة ما يتأقلمون على البيئة الجديدة ، ولكن على المخطط أن يتفحص امكانية وجود مصادر للتوث في المنطقة ، وهل ان الرياح ستتسبب في تكوين الكثبان الرملية قرب الموقع ؟.

   من المعروف أن مصادر التلوث غالباً ما تشمل الصناعة والنقل ومحطات الطاقة واماكن دفن القمامة والكثبان الرملية والاراضي المحروثة حديثاً . كما أن التلوث الضجيجي والهوائي غالباً ما يكون مشتركاً ،مع العلم ان التلوث الضجيجي يؤثر لمسافات كبيرة في الصحراء . وبسبب الظروف المناخية ، يزداد احتمال تلوث التربة ، فالجفاف ومعدلات التبخر العالية وسرعة الريح كلها تشترك في زيادة التملح وأنتشار مخلفات المجاري والملوثات الصناعية .

  إن تأثير التوجيه الطوبوغرافي للموقع يكون مكملاً لمتطلبات أختيار الموقع الذي ينعكس على شكل توجيه ونمط أبنية المستقرة . فواجهات الابنية التي تواجه الغرب والشمال الغربي والجنوب الغربي ستستلم كمية اكبر من الاشعاع الشمسي وقت الظهيره ، بينما الواجهات التي تواجه الشرق سيكون ذلك في اوقات الصباح .

  لذلك فأن اختيار التوجيه للأبنية يجري وفق دراسة معدلات الاشعاع الشمسي ودرجة شدته على المواضع المختلفة ضمن الموقع المختار وعلى زاوية الميلان ووجود التلال والاشجار ونوعية السطح والعوارض المختلفة.كما أن هناك جملة من العوامل الاضافية الاخرى التي تؤثر على التوجيه الطوبوغرافي، وهي : ( حسن ،2001 ،46 ) .

أ- اتجاه الرياح وسرعتها .

ب- شكل سطح الارض.

ج- التصريف السطحي للمياه واتجاه الجريان .

ء- سهولة الوصول Accessibility .

هـ - نمط تخطيط المستقرة ومتطلبات التصميم .

ثالثاً : شكل النسيج الحضري :

  لتقليل أثر المناخ ، فأن الامر يتطلب أشكالاً خاصة من النسيج الحضري مع مراعاة الجوانب الاجتماعية والاقتصادية . كما أن هناك تغيرات تؤخذ بالحسبان عند تحديد شكل النسيج الحضري في المناطق الصحراوية – أنظر الجدول رقم (1-2 ) .


جدول رقم ( 2 – 1) : متطلبات النسيج الحضري والحلول المقترحة حسب الظروف
المناخية ودرجة التأثير .


ت
الظرف
التأثير
الحلول
أ
شدة إشعاع شمسي عالية خاصة أوقات الظهر .
تحديد الفعاليات الاجتماعية الخارجية .
توفير مناخ داخلي بتحديد المساحات ، تضييق الشوارع وتصميم خاص للأبنية .
تقليل إنتاجية العمل .
نمط متكامل من استعمالات الأرض .-الابتعاد عن الفضاءات المفتوحة الكبيرة .-أبنية مغلقة .- استعمال فضاءات داخلية للعيش والعمل .
عدم راحة فسيولوجية أثناء الحركة الخارجية
فضاءات عامة مضللة .
أيام سطوع شمسي .
استعمال مرافق الطاقة الشمسية وتشجيعها.
ب
تباين حراري عالي بين الليل والنهار
مشاكل فسيولوجية تؤثر على فئات وأعمار معينة من السكان .
تصميم أبنية خاصة وإنشائها بمواصفات خاصة لحفظ الطاقة وتقليل الانتقال الحراري
رياح مضطربة وشديدة .
استخدام أنظمة مصدات الرياح
طاقة رياح كامنة .
التفكير بتوليد الطاقة من الرياح .
ج
نقص في حجم الغطاء النباتي
زيادة في كمية الإشعاع والانعكاس من سطح الأرض .
اختيار غطاء نباتي يحتاج إلى كميات ماء قليلة .- اختيار ألوان فاتحة لكل الفضاءات المفتوحة داخل التجمعات الحضرية .
توليد عواصف رملية .
تقليل المساحات المخصصة للزراعة قرب المناطق السكنية والفضاءات المفتوحة .
إحساس بالعزلة والاغتراب .
إنشاء مناطق خضراء ومناطق ترويحية .
د
الجفاف وزيادة التبخر وقلة تساقط الأمطار
تأثيرات سلبية على الناحية الفسيولوجية للإنسان .
عناية خاصة للجلد والعيون وإنشاء المراكز الصحية المتخصصة .
العطش المبكر .
ترطيب الفضاءات المخصصة للاستخدام العام.
استهلاك كبير لكميات الماء .
تطوير أنظمة إعادة استخدام المياه .
الابتعاد عن الصناعات التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء .
تعرية التربة .
إنشاء مساحات خضراء .
استخدام مصدات الرياح .
المصدر Golany , 1978 , 17 .
   

  إن شكل المستقرة النهائي ينبغي أن يتوافق مع الترابطات في استعمالات الارض وأنماط وسائل النقل وفعالية الشبكات العامة ومدى ملائمة أنماط السكن.

  لقد وجد ان النسيج المتضام اذا تم تخطيطه بشكل صحيح يمكن أن يولد مناخاً موقعياً يقلل من تأثيرات الغبار والرياح الباردة والاشعاع الشمسي العالي ويعطي مرونة خاصة للتصميم الكلي للمستقرة . كما يتميز بفوائده الاقتصادية في عمليات التطوير وكلف الخدمات

- أنظر الشكل رقم (1-2 ) .

رابعاً :- الفضاءات الخارجية :-

 كما هو معروف أن سطح الأرض المعرض للاشعاع لفترة من الزمن يسخن ويعيد اشعاع الحرارة الى منطقة المناخ الموقعي بشكل مباشر مسبباً ظاهرة الوهجان وبشكل غير مباشر عبر التسخين الاضافي الحاصل لدرجة حرارة الهواء ، لذلك فأن المخطط العربي القديم عمد الى توفير الظلال لهذه الفضاءات بأكبر مساحة ممكنة وجعلها بشكل متماسك مع بعضها ضمن النسيج الحضري المتضام .

  كما يلعب نوع السطح دوراً مهماً في عملية الانعكاس وتحديد شدة التأثير . فالسطوح الجرداء والاسفلتيه والكونكريتية لها معاملات أمتصاص علية فتصبح ساخنة بدرجة عالية تنقل حرارتها الى الابنية المجاورة بعد فترة من الزمن وعبر الهواء الملامس لها ، بينما تتسبب السطوح الرملية الفاتحة في عكس الاشعاع الشمسي المباشر . كما أن السطح المغطى بالحشائش هو أقل هذه السطوح امتصاصاً وانعكاساً للاشعاع الشمسي.


شكل رقم (2 – 1) : الأشكال المقترحة للنسيج الحضري وفقا للإشعاع الشمسي والرياح .
Golany, 1978, 18 .

المبحث الخامس : التدرج الهرمي للمستقرات البشرية :

  جاءت نظرية الأماكن المركزية لكرستالر لتعطي تصوراً واقعياً واستنتاجاً موضوعياً في حل مشكلة التوسع الحضري وتفسيرة للتوزع المكاني (Spatial Distribution ) للمركز الحضرية على اساس المراكز الهرمية تبعاً لدرجة أو مرتبتها الحجمية في تقديم الخدمات ، ومن ثم درجة اعتمادها أو تبعية المراكز الحضرية فيما بينها .

  وتتلخص أفكار كرستالر بما يأتي :

1- إن الخدمات التي تقدمها المراكز الحضرية تتصاعد حسب حجوم ومراتب المدن من صغيرة إلى المتروبولينانيه (مدن مركزية كبيرة).

2- المسافات بين المراكز الحضرية والترابطات في شبكة النقل تتبع نظام توزيع الوظائف والخدمات في الإقليم.

3- تكون المراكز الحضرية ذات ترابط وظيفي بأقاليمها المباشرة في تقديمها للخدمات والتسهيلات السلعية له ويصبح الإقليم بمثابة مورد رئيس لما تحتاجة المراكز أو المدن المركزية على أساس حجمها ومركزيتها على مراتب أو مستويات وقد أدرك كرستالر سبعة مستويات تشكل بمجموعها نظاماً هرمياً يبداء بالقرية الصغيرة التي تمثل القاعدة وتنتهي بالمدت المركزية الكبيرة.

  وقد قدم لوش ( Losch) تعديلاً على نظرية كرستالر ، إذ ذكر أنه لا يشترط في الأماكن ذات الحجم الواحد أن تقوم الوظيفة نفسها ، فضلاً عن أنه ليس ضرورياً أن تتصف أماكن المستوى الاعلى بتقديمة كل الوظائف التي يمكن أن تقدمها أو تتملكها الأماكن الأوطأ . وقد جعل هذا التفسير نظرية كرستالر اكثر واقعية من تفسير اعتماد المراكز الحضرية على بعضها وترابطاتها.

  إن عملية النمو الحضري لمنظومة حضرية مع مكوناتها الريفية يمكن النظر إليها بوصفها ناتجاً للريف ، والنمو لهذه المنظومة مقررجزئياً ومرتبط بالعوامل الخارجية ويجري توليده جزئياً من الدخل ( الذاتي ) . وابتداءاً فأن المراكز الحضرية في هذه المنظومة تنمو كبؤرة خدمات صغيرة ولكن نموها فيما بعد يكون تجاوباً مع :

1- التغيرات الهيكلية التي تحدث في الأراضي المحيطة بالمناطق الريفية والتي تشكل ظهيره الإقليمي والتي تنعكس في التبدل في بعض المتغيرات كالسكان ، العمل ، الإنتاج ، والاستهلاك .

2- الميل أو الاستعداد للتفاعل مع المناطق الريفية المحيطة بالمراكز الحضرية الأخرى في مختلف الرتب والمستويات . مثل هذا التفاعل ينعكس في حركة السكان والسلع والخدمات من وإلى المناطق الحضرية.

   إن التغيرات الهيكلية كما يلاحظ تعود الى التحولت الحاصلة في الوضع الاجتماعي – الاقتصادي بينما التفاعل الحضري – الريفي يعكس هذا التحول على الوضع الجسمي ، وكلا هذين التحوليين يظهر جلياً في المناطق الحضرية من خلال :

1- نمو وظائف المحال المركزية (الفعاليات غير الأساسية) مثل تلك التي تخدم المدينة الصغيرة والأراضي المحيطة بها محلياً ، كخدمات البيع المفرد ، والتعليم ، والصحة، والخدمات الحرفية، والخدمات الثقافية ... الخ.

2- نمو نوع من الوظائف المحال غير المركزية (الفعاليات الاساسية) مثل تلك التي هي غير محلية (أي التي تخدم سوقاً أكبر من السوق المحلي) كالصناعة.

3- إن دلائل النمو قد تنعكس كذلك في التوسع في خدمات أساسية معين والتي تنمو في مواجهة الضغوط التي سببها في (1) و (2) كالتوسع في تجهيز الماء ، والكهرباء ، والنقل.

المبحث السادس : خلاصة البحث :

  في ضوء العرض السابق يمكن للباحث الوقوف عند النقاط الآتية لتكون بمثابة خلاصة لأهم الأفكار التي تضمنها هذا البحث ، وعلى النحو الآتي : 

  يعود السبب وراء تعدد مفاهيم الإقليم (على النحو الوارد في هذا البحث) إلى ما إذا كانت فكرة الإقليم ظاهرة طبيعية ملموسة أو إنها مجرد مركب ذهني . ومع ذلك يمكن تحديد مفهوم الإقليم على انه بعد مكاني وظيفي، واسع بما يكفي لقيام علاقات وظيفية فيما بين مستقرات بشرية متعددة ومتنوعة ، وبما يكفي لنشؤ وتطور أنشطة اقتصادية متعددة ومتنوعة ، ولذلك يتحدد الإقليم بنطاق تأثير يعبر عن العلاقات الوظيفية المتبادلة فيما بين مكوناته ، لذلك لا يمكن اعتبار المنطقة التي لا يوجد فيها سوى مستقرة واحدة، إقليما ، ولا يمكن اعتبار المنطقة التي فيها نشاط اقتصادي واحد، إقليما، لان مثل هذه الأحوال لا تؤدي سوى لتطور وحيد الجانب تكون أفاقة المستقبلية محدودة ، فالاعتماد والاعتماد المتبادل هو علاقة وظيفية ، وهو أساس عملية التأقلم Regionalization. 

  تختلف أنواع الأقاليم تبعا للخاصية المعتمدة في تحديد الأقاليم ، فهي تتنوع من أقاليم ذي خاصية واحدة إلى متعددة الخصائص اعتمادا على أسس ومعايير التقسيم. وعلى الرغم من ذلك ، ليس من الواجب اتخاذ جميع أنواع المعايير بعين الاعتبار ، إذ من الممكن الاكتفاء بعدد منها فقط ، وذلك حسب الغرض الذي نبتغيه، ففي الكثير من الحالات يتم تحديد الإقليم على أساس كونه يتألف من حوض نهر معين ، أو سهول ذات خصوبة معينة ..الخ. إذ إن من أسس التقسيم الهامة ، أن يرتكز الإقليم على مدينة كبيرة تكون قادرة على أن تلتحم التحاما كاملا بإقليمها ،إذ إن الإقليم لابد وان يكون حيزا جغرافيا متصل مع تجانس إقليمي داخلي كبير. ولابد بعد ذلك أن تكون الأقاليم متقاربة (متجاورة مكانيا) بقدر الإمكان في الحجم والثقل ، سواء كان ذلك مساحة أم سكانا أم مدنا أم موارد ….الخ .وذلك لكي تكون اقرب إلى التوازن فيما بينها من ناحية ، ولتحد من هيمنة أي منها ، من ناحية أخرى . 

  إن لسياسة التنمية الإقليمية دوراً فعالاً في نشأة المستقرات البشرية وتطورها . وذلك من خلال دورها في وضع سياسة فعالة تمكن المخطط من إزالة الفوارق المكانية بين الأقاليم وضمن الإقليم الواحد . 

  تؤدي سياسة التنمية الإقليمية إلى العمل على تقليل التباين الإقليمي في عمليات توزيع الأنشطة والدخل ، والذي بدوره يعمل على تخفيض معدلات البطالة في المناطق التي تتميز بهذه الصفة . ويتم هذا من خلال توزيع عادل وعقلاني لفرص العمل ودعم و إصلاح مستلزمات الحياة الاجتماعية والثقافية للسكان. وكذلك توزيع أو إعادة توزيع الاستثمارات لتحقيق توازن في الهيكل المكاني للإقليم . حيث إن الهدف الأساسي لهذه السياسة هو الموازنة المكانية بين السكان والبيئة . 

  إقامة مستقرة يحفز ظهور مستقرات أو تجمعات صغيرة في المستقبل على طول الطريق في تدريجة هرمية منظمة فضلا عن قوة جذب الناجمة عن إنشاء المستقرة سوف يؤدي إلى تعمير المناطق المتاخمة لها والواقع على هذا المحور . 

 إن غياب التنمية الإقليمية يؤدي إلى إحداث ثغرات كثيرة في عدم التوازن بين عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلد ، وذلك من خلال الفروق الكبيرة بين تطور المدينة وتطور الريف ، وتزايد الهجرة من الريف إلى المدينة ومن الأرياف إلى خارج البلد . 
لكل إقليم ظروفه الخاصة التي سوف تحدد بدورها أسلوب المعالجة التي يمكن باتباعة إعادة تنظيم الهيكل المكاني لذلك الإقليم . 

  إن التخطيط لتنمية المستقرة البشرية يتناول العمل المخطط الذي ينصب على التحليل الاستقرائي من الاتجاهات الحالية والماضية لنمو المستقرة البشرية . إذ تلعب المستقرة البشرية دور مهما في عملية التنمية الإقليمية ، فهي الأداة الفعالة في ذلك ، غير إنها قد تكون أيضا الأداة التي تعيق عملية التنمية الإقليمية . 

  هناك جانبين يؤثران في تفاعل المستقرة البشرية وتكوينها وهما العوامل الطبيعية والعوامل البشرية ، وهذه العوامل تتحدد حسب حجم المستقرة ونوعها . غير إن هناك مجموعة عوامل أخرى تتضافر فيما بينها لتكوين الهيكل العام للمستقرة مما يميزها عن غيرها من المستقرات الأخرى ومن تلك العوامل الاقتصادية والبيئية. 

 يمثل الاستقرار الريفي نواة التجمعات البشرية البسيطة من حيث الحجم السكاني ونوع الخدمات وبساطة الحياة والاتجاه في اغلب الأحيان إلى مهنة واحدة أساسية هي الزراعة ، وقد توجد بعض المهن الأخرى . 

المصادر والمراجع العربية: 

- الصقار ، فؤاد محمد ، التخطيط الإقليمي ، الإسكندرية ،1969 . 
- إسماعيل ، احمد علي ، دراسات في جغرافية المدن ، الطبعة الرابعة ،دار الثقافة والنشر والتوزيع ، القاهرة ،1988. 
- الحمصي ، محمود ، التخطيط الاقتصادي ،الطبعة الثانية ، دار الطليعة ، بيروت ،1969. 
- الصقور ، د. محمد محمود ، التخطيط الإقليمي والتنمية الريفية ، عمان الأردن ،1986. 
- الجابري ،مظفر ،التخطيط الحضري ، مدخل عام ،بغداد ، دار جامعه بغداد ،1987. 
- السعدي، سعدي محمد صالح ، التخطيط الاقليمي ، / جامعة بغداد/ بيت الحكمة ، 1989 . 
- الكناني ، كامل كاظم بشير ، الموقع الصناعي وسياسات التنمية المكانية ، ، جامعة بغداد ،2005. 
- الكردي، محمود ، ،التخطيط للتنمية الاجتماعية ،دار المعارف مصر، القاهرة ، 1977 . 
- حسين ،عبد الرزاق عباس، جغرافية المدن ، مطبعة اسعد ،1977. 
- خميس ، موسى يوسف، مدخل الى التخطيط ، دار الشروق ، عمان ، الأردن ،1999. 
- خير، صفوح ،التنمية والتخطيط الإقليمي ، منشورات وزارة الثقافة ، سوريا ، دمشق ،2000. 
- عبد المقصود، سيد محمد ، سياسة المدن الجديدة في إطار سياسة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، القاهرة ، 1988. 
- كلايسون ،مدخل إلى التخطيط الإقليمي ، ترجمة الدكتور أميل جميل شمعان ، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة بغداد ، مركز التخطيط الحضري والإقليمي ،1978 . 
- متولي ، أبو بكر ، التخطيط القومي والإقليمي والمحلي ، المنظمة العربية للعلوم الإدارية ، عمان ، 1974. 

الرسائل الجامعية و الدراسات:- 
- حسن ، علاء الدين عبد الرحمن ، العوامل المؤثرة في اختيار مواقع المستقرات البشرية ،رسالة دكتوراه غير منشورة ، مقدمة إلى مركز التخطيط الحضري والإقليمي ، جامعة بغداد،2001. 
- الدليمي ، سهى مصطفى حامد ، تحديد الاقاليم التخطيطية في العراق لاغراض التنمية المكانية،رسالة دكتوراه غير منشورة ، مقدمة إلى مركز التخطيط الحضري والإقليمي ، جامعة بغداد،2001. 
- الراوي ، مهيب كامل فليح ،دور شبكات الطرق في تفعيل علاقات الترابط المكاني للمستقرات البشرية في محافظة الانبار ،،رسالة دكتوراه غير منشورة ، مقدمة إلى مركز التخطيط الحضري والإقليمي ، جامعة بغداد،2005. 
- البطيحي ، عبد الرزاق محمد ،تحليل جغرافي إقليمي لابعاد الزراعة في العراق، مجلة الأستاذ ، كلية التربية ، جامعة بغداد ،العدد 2 ،1978-1979. 
المصادر والمراجع الانكليزية:


19- Alexander ,J.W., Economic geography ,Prentice ,Hall ,Englwood, CliFFs ,New Jersey ,1963.


20- Borkin,B.A,Regonalism Call or Culture , The English Journal,xxv,No.3.

21- Brown ,A.J.,&Burrows,E,M,.Regional Economic Problems, Studies in Economics:13 George Allen & Unwin, London, 1979.

22- City of Phoenix , “Land Use element”, city of phoenix, 2001.

23- Dickinson, Robert e, “ City and Region”, DGE and kegan paul Ltd, Londod, 1972.

24- Edgar M.Hoover,&Frank Giarratani , The web Book of Regional.

25- Fried man,J.F., Rejonal planning As Field of study ,ALP,1966.

26- Fawcett ,G.B., Provinces of England – London 1991.

27- Frederik Steiner ,The Living Land Scap , An Ecolojical Approach To Land Scap Planning ,McGrawll Hill inc. New York,1991.

28- Frederik Steiner ,The Living Land Scap , An Ecolojical Approach To Land Scap Planning ,McGrawll Hill inc. New York,1991.

29- Gallis,Michael and s.Russell, James; World City, in: Architectural Record, vol.-, no.3, The AIA /C-E, McGraw-Hill co. 2002.

30- Keeble ,L., Principles &Practice of Town and Country Planning , London ,MacGrow-Hill,1969.

31- Kuklinski ,A., Regional Disaggregation of National Policies and Plans ,Mouton and Co ,Hungary ,1975.

32- Robinson, Roger, “Ways to Move”, University Press, Cambridge, Britian, 1977.

33-Richardson,H,"Regional Growth Theory"Mac millan press LTD, London ,1977.

34-Golany.Gideon, Urban planning for Arid Zones,Newyork , 1978.


______________________________________

[*] المعهد العالي للتخطيط الحضري والاقليمي.

[(*)] يعتمد التكامل الوظيفي على جملة معقدة من الاعتمادات المتبادلة ، ولتصنيف هذه العلاقات تم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام وهي :العلاقات العمودية والعلاقات الأفقية والمتكاملة .ومن المعروف إن العلاقة المكانية بين فعاليتين يشتمل على إما جذب متبادل ( والذي يطلق علية الروابط الموجبة ) أو التنافر المتبادل .

[(*)] مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المجلس الأعلى، النص الرسمي للنظام الأساسي في وكالة الأنباء القطرية، وثائق مجلس التعاون(الدوحة: الوكالة،{د.ت})، ج1 ، 1980،73 .

[(*)] يعني الموقع بيان مركز المدينة أو المستقرة وعلاقتها بالنسبة للمناطق التي تقع خارج حدودها . بينما يدل الموضع على الصفات الطبيعية للمنطقة والمساحة التي تحتلها المدينة أو المستقرة ويشمل على السطح وتضاريس الأرضية ودرجة انحدار الأرض التي تقوم عليها المدينة وتركيبها الجيولوجي واحتمالية تعرض المستقرات للهزات والبراكين وغير ذلك من الصفات المكانية الطبيعية



للتحميل اضغط  هنا

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/