التوزيع الديموغرافي للقبائل في مصر

كوكب الجغرافيا أغسطس 30, 2019 أغسطس 30, 2019
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

التوزيع الديموغرافي للقبائل في مصر

إسلام عبد الله زعبل
كوكب الجغرافيا

المعهد المصري للدراسات - بحوث - 16 أبريل، 2019  

مقدمة

تهدف دراسة المجتمعات القبلية في مصر؛ إلى إظهار الوزن الاستراتيجي لها ولأماكن تواجدها والقيمة الفعلية لمجتمعاتها لأن ذلك يمنح القبائل دورها الفعال ويرشد سياستها لتسير في اتجاهات صحيحة وفي الكيفية التي تبني عليها مصالح أفرادها ومصالح المجتمع المصري ودورها في محيطها الإقليمي والدولي، ولا يتوقف الأمر علي ذلك وإنما تتوقف عليه الكثير من القرارات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تتخذها الدولة المصرية فبالنسبة للحالة المصرية فإن الأقاليم التي تتواجد فيها القبائل هي مواقع ذات أهمية استراتيجية ومدى تأثيرها سلبا وإيجابا على الأمن القومي المصري فقد تكون خط دفاع أول للأمن القومي أو قد تكون ثغرة بإدخالها في حروب ونزاعات حدودية نظرا لموقعها.
فتمتاز المجتمعات القبلية المصرية بثباتها النسبي من وجهة النظر الحضارية والثقافية والمجتمعية ولكن قيمتها السياسية متغيرة بصفة مستمرة وفقا للتطورات والأحداث السياسية التي تؤثر فيها سواء علي المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي ولهذا فإن دراسة الثابت والمتغير لدى المجتمعات القبلية المصرية يعد من الأسس الهامة لذلك ينبغي الإلمام بها من جميع جوانبها (السياسية والديمغرافيا والطبوغرافيا والاجتماعية والاقتصادية… الخ) ويعتبر ذلك أساسا علميا للتأصيل المعرفي العميق والدقيق لفهم تلك المجتمعات وكيف يشكل وعيها السياسي ومدى تأثيرها في الحياة السياسية المصرية.
وفي ضوء ما نسعى إليه في هذا الدراسات (دراسات القبائل العربية وغيرها داخل جمهورية مصر العربية) من أهداف تتعلق بقراءة وتحليل دور القبيلة في الدولة المصرية، للوقوف على أبعاد هذا الدور من خلال تسليط الضوء على مفهوم القبيلة كتنظيم سياسي واجتماعي أثر ويؤثر علي الدولة المصرية من جانب المشاركة السياسية وانخفاض مستوياتها، أو هل تشكيل جماعات الضغط (اللوبي) تحاول التأثير على النظام السياسي سلبا وإيجابا أو تحقيق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية.
ولذلك نحاول في الدراسات المقدمة في هذا الملف فهم مستفيض لأليات تأثير القبيلة كأحد جماعات الضغط على النظام السياسي المصري بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأمنية والعسكرية والوقوف على واقع الدور الحقيقي للقبائل داخل جمهورية مصر وسيتم تسليط الضوء على القبائل داخل حدود القطر المصري في (شبه جزيرة سيناء، وقبائل الصحراء الشرقية وقبائل الصحراء الغربية وقبائل الجنوب والنوبة وقبائل وادي النيل وظهيرها الصحراوي).

أولا: موضوع الدراسة:

يتمحور موضوع الدراسة؛ حول الأهمية الاستراتيجية لمجتمعات القبائل في مصر، ومواقع تواجدها، ومدى تأثيرها المحلي والإقليمي والدولي، والكشف عن مظاهر القوة التي تتمتع بها القبائل المصرية والتي تكمن وراء خريطة انتشارها وتوزيعها الجغرافي داخل القطر المصري، وقدراتها والثروات التي تمتلكها، بالإضافة إلى الامتدادات الداخلية على المستوي المحلي أو الخارجية على المستوي الإقليمي.

ثانيا: أسئلة الدراسة الأولى في هذه الملف:

  • ما هي خرائط التوزيع والانتشار للقبائل داخل جمهورية مصر العربية؟
  • ما هي الامتدادات الخارجية للقبائل في جمهورية مصر العربية؟

ثالثا: منطقة الدراسة (جمهورية مصر العربية):

(شبه جزيرة سيناء، الصحراء الشرقية، الصحراء الغربية، جنوب مصر “بلاد النوبة”)

رابعا: أهداف الدراسة:

تكمن أهداف الدراسة فيما يلي:
  • توضيح خرائط الانتشار والتوزيع للقبائل العربية في جمهورية مصر العربية.
  • الكشف عن الأبعاد الديمغرافية والطبوغرافية لأقاليم مصر الصحراوية.

خامسا: أهمية الدراسة:

تتجلى أهمية الدراسة في الثلاث نقاط التالية:
  • أنها تتناول أحد أهم المجتمعات البشرية للمنطقة العربية وجمهورية مصر العربية والتي بمثابة نقطة ارتكاز في موازين الأمن القومي المصري والإقليمي.
  • إظهار مدي أهمية المجتمعات القبلية في الدفاع عن مصر ومحيطها الإقليمي والعربي.
  • إمكانية إثراء المراكز البحثية ببعض الدراسات عن المجتمعات القبلية في جمهورية مصر العربية.

سادسا: فرضيات الدراسة:

من أجل تحقيق أهداف الدراسة تم وضع عدد من الفرضيات الأساسية وهي:
  • الأقاليم الجغرافية للقبائل المصرية الحدودية تعتبر نقاط ارتكاز ذات وزن استراتيجي بالنسبة للأمن القومي المصري والعربي.
  • المقومات الطبيعية والبشرية لها الأثر الأكبر في قوة المجتمعات القبلية المصرية.
  • وجود القبائل المصرية على سواحل وصحاري مصر الحدودية جعل لها أهمية استراتيجية فضلا عن تعزيز قوة مصر العسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
  • تعاني الأقاليم القبلية من مشاكل حدودية أبرزها الحدود الشرقية ونقاط التماس مع العدو الصهيوني، والحدود الغربية مع ليبيا ومشكلة ترسيم الحدود في (واحة الجغبوب)، والحدود الجنوبية وترسيم الحدود مع السودان (حلايب وشاتين وأهالي النوبة).

نبذة تاريخية عن هجرة القبائل العربية لمصر:

لقد عرفت المجتمعات الإنسانية منذ القدم أشكالا مختلفة من التنظيمات السياسية هدفت إلي تنظيم حياتها وشؤونها العامة، وقد ازدهرت واتسع نطاقها متجاوزه نطاق الأسرة والعشيرة إلى تنظيم أوسع وأشمل لنمط جديد من التنظيم والسلطة؛ عام في مظهره، وعمومي في توجهه، يمارس بصورة أوسع إدارة وتنظيم شؤون المجتمع، وفق قواعد حددها لإدارة هذه الشؤون، فكان ذلك إيذانا بظهور المجتمع المنظم والمستقر، وكان تطورا لظهور الدولة، حيث أصبح يوجد كيان جديد يتولى السلطة العامة، ويدير شؤون الحكم والأمن في المجتمع الإنساني.
لقد قامت القبيلة بلعب دور الحارس لكثير من القيم والأصول في المجتمع المصري إلا أن عوامل الحداثة والتطور والمدنية التي شهدها المجتمع المصري أحدثت كثيرا من التغييرات؛ حيث انصهر الناس وزالت النظرات الضيقة والفوارق العرقية وعلت قيم التعايش وتبادل المصالح والمنافع، ولكن في ذات الوقت اندثرت كثير من القيم الاجتماعية عموما بسبب التقنية والعولمة التي اجتاحت العالم بأسره قاصية ودانية، ولكن احتفظت بهذه القيم الاجتماعية المندثرة الكثير من المجتمعات القبلية في مصر.
كان الفتح الإسلامي لمصر من العوامل التي شجعت القبائل العربية علي الهجرة إلى مصر والإقامة بها فاستقرت بعض القبائل واندمجت مع المجتمع المصري في الدلتا ووادي النيل، حيث استقر الكثير منهم في الدلتا ووادي النيل، واشتغل بعضهم بالزراعة فيذكر المقريزي: أن الفيوم والبهنسا وأباصير وسخا وأتريب من بلاد الصعيد كانت مساكن ومستقر لقبائل الهجرة الأولى بعد الفتح الإسلامي لمصر، واستمرت بعض القبائل محافظة علي بداوتها؛ التي من أهم مظاهرها كثرة التنقل والترحال معتمدين على فيضان النيل الذي كان يغمر مصر بالمياه مخلفا بعد انحساره العديد من البرك والمستنقعات المائية التي ساعدت علي نمو الحشائش والكلأ الصالحة لرعي الأغنام والإبل في الظهير الصحراوي لوادي النيل وعاش الكثير منهم في صحروات مصر معتمدين علي مياه الآبار والامطار. (1)
وكانت صحاري مصر مقصد الكثير من القبائل العربية حيث اتخذوها مستقرا لهم، وبالذات في السنوات الأولى للفتح الإسلامي لمصر وذلك بسبب موقعها الجغرافي المميز في طرق التجارة بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وأصبحت هذه القبائل الحارس لحدود مصر من الصحراء الغربية إلى سيناء إلى الصحراء الشرقية إلى جنوب مصر، وبالتالي سنتتبع جزءا من تاريخ هجرة القبائل العربية إلى مصر في النقاط التالية:
  • نشطت الهجرة العربية أكثر في عهد الدولة الأموية، خصوصا بعد استقدام الوالي الأموي (عبد الله بن الحجاب) بناء عن طلب (هشام بن عبد الملك) حيث أتى بمئة بيت من نضر ومئة أخرى من بني سليم وأعطاهم أموالا اشتروا بها الإبل والخيول، حيث اشتغلوا بنقل التجارة من البحر الأحمر، كما أمتهن الكثير منهم الزراعة وبعد سقوط الأمويين هاجرت الكثير من القبائل العربية هروبا من العباسيين إلى مصر خصوصا صعيد مصر. (2)
  • وأثناء الدولة الطولونية بدأت القبائل العربية التي هاجرت إلى مصر أثناء حكم الأمويين وحكم العباسيين تهاجر مرة أخرى إلى ليبيا وشمال أفريقيا والسودان ومن هنا أتى استقرار بعضهم على الحدود الليبية المصرية (الهضبة الليبية).
  • وعند حكم الدولة الفاطمية لمصر عادت الهجرة العربية إلى مصر من جديد؛ خصوصا القبائل العربية في بلاد الشام حيث شجعهم الفاطميون للهجرة لمصر وذلك لتأمين حدودهم الشرقية.
  • وأثناء حكم صلاح الدين الأيوبي قوي شأن القبائل العربية في مصر وأصبح لهم شأن في الجيش والحكم؛ حيث كان لهم موظف خاص بهم لمتابعة شؤونهم يسمى (الحمداني).
  • أما في عهد المماليك لحكم مصر؛ فقد توقفت الهجرة العربية لمصر بسبب سوء العلاقة بينهم وبين المماليك، ولكن كان العرب قد بلغوا في مصر مبلغا عظيما وانتشروا من وجه بحري إلى وجه قبلي حتى بلاد النوبة جنوبا.
  • وأثناء الحكم العثماني لمصر، في البداية قامت بالتعامل مع القبائل العربية بود وأصدروا قانون (نامو سليمان) والذي أشار في كثير من فقراته إلى السلطات التي منحها لمشايخ القبائل العربية والنفوذ في مناطقهم، وأقر أهمية القبائل العربية وعهد إليهم مهمة زراعة الأراضي وجباية الضرائب نيابة عن الحكومة في المناطق الشاسعة التي يسيطرون عليها بالإضافة إلى تحقيق الأمن.
  • وفي القرن الثامن عشر كان يطلق عليه العصر الذهبي للقبائل العربية؛ حيث أعطى لهم حقوق الالتزام الوارثين؛ وهو ما يشبه التمليك لأراضيهم واكتسبوا سلطات تكاد تكون مطلقة في مناطق نفوذهم.
  • وهناك قبائل غير عربية مثل (الموالية والأمازيغية والبجة). (3)
وبهذا نكون قد وضحنا جزءا من تاريخ هجرات القبائل العربية لمصر منذ الفتح الإسلامي لمصر.

تصنيفات القبائل العربية في مصر

القبائل العربية وفقا لنشاطها الاقتصادي:

صنف ابن خلدون القبائل العربية وفقا لما تقوم به من نشاط اقتصادي؛ تعتمد عليه في معاشها وحياتها فنراه صنفها وفقا للأنشطة التي تقوم بها؛ فيضع في أقصى سلم تصنيفاته القبائل الذين يعتمدون على تربية الإبل في توفير احتياجاتهم ومعاشهم وهم رعاة الإبل وأطلق عليهم مصطلح (الأبالة)، ويأتي بعدهم رعاة الشاة والبقر في المستوي الثاني واصطلح لهم (الشاوية)، ويأتي في المستوي الثالث الذين امتهنوا الزراعة حيث مارسوا نوعا من أنواع الاستقرار المكاني في أماكن توافر مصادر المياه الدائمة في الواحات وحول الآبار والوديان أو في الحضاري القريبة من الصحراء.

القبائل العربية وفقا لطبيعة الترحال:

  • قبائل الترحال الكبير: وهي التي تعتمد علي الجمال بصفة أساسية.
  • قبائل الترحال المحدود أو الموسمي: حيث حيث يقوم بعضهم بالترحال في مواسم معينة ويظل غالبيتهم مستقرين في مناطقهم التي اتخذوها موطنا لهم.
  • القبائل المستقرة: وتكون أماكن استقرارهم بالقرب من المناطق الحضرية ويكون اعتمادهم على الزراعة وتربية الماشية. (4)
وبالتالي يمكننا تقسيم القبائل العربية الموجودة في مصر وفقا للتصنيفات سالفة الذكر إلى ثلاثة تصنيفات مكانية وهي:

1- القبائل الرحل:

وهم القادمون من الصحاري والمنتشرون في الصحاري، ولهم امتدادهم في وادي النيل والدلتا، ومن صفاتها أنها دائمة السعي والترحال حيث يجوبون البراري ويعيشون علي تربية الإبل وهم مضطرون إلى التنقل الدائم بين مواطن العشب والكلأ وغالبا ما تكون خيامهم بجوار الآبار في الصحراء ولا تتاح لهذه الفئة إلا فرص قليلة لإشباع حاجاتها اليومية ولا تشتغل بزراعة الأراضي حتى لو سمحت لها الفرصة وتوافر الماء، وبالتالي لا تميل إلى الاستقرار، ومنها كمثال قبائل سيناء.

2- القبائل الشبه مستقرة:

هذه القبائل الأقرب إلى الاستقرار منهم الي الترحال، فرغم وجود مناطق استقرار لهم، وتربطهم علاقة قوية بأرضهم التي يزرعونها؛ فإنهم يعتبرون أنفسهم رحالة قبل كل شيء حيث يسكنون وقت زراعتهم في مناطقهم وبعد انتهاء مواسم الزراعة تتنقل كالرحل وراء الماء والكلأ، ومنها كمثال قبائل الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد.

3- القبائل المستقرة:

هي تلك القبائل التي تعيش في مناطق مستقرة وتعتمد علي الزراعة بشكل رئيسي، حيث يرجع تاريخ هذه القبائل وامتهانها الزراعة في مصر منذ الهجرات الأولى أثناء الفتح الإسلامي، وهناك قبائل أخرى أقبلت علي الزراعة أثناء قوانين الالتزام أثناء الحكم العثماني حيث يرجع الفضل لهذه القبائل في احتراف الزراعة وتطوير الصناعات الزراعية وأدواتها بالإضافة إلى زراعة قصب السكر في أقاليم الصعيد المصري بالإضافة إلى زراعتهم أشجار النخيل.

خرائط التوزيع والانتشار الجغرافي للقبائل في مصر:

تشكل الصحراء في مصر 94% من حجمها الكلي، وتتواجد القبائل العربية بمصر في كل صحاري مصر حيث يمكننا أن نقسم خريطة الصحاري المصرية إلى:
  • شبه جزيرة سيناء.
  • الصحراء الشرقية.
  • الصحراء الغربية.
  • أرض بلاد النوبة.
وبهذا التقسيم الجغرافي للصحاري المصرية يمكننا أن نضع خريطة ديموغرافية للقبائل العربية في مصر والتي توضح الجغرافيا السكانية لهم؛ حيث يرجع معرفة الحقائق السكانية لفهم الكثير من المتغيرات المجتمعية، حيث تكمن أهمية دراسة الحجم السكاني ومكوناته للمناطق الجغرافيا للقبائل ليس فقط في معرفة عددهم الحالي ومعدل نموهم، بل نتناول أيضا مدى المتغيرات التي تحدث في هذه التركيبات أو أسبابها وتأثيرها في المجتمع القبائلي، لذلك سنوضح أيضا الطبيعة الجغرافية والديمغرافية للصحاري المصرية والتي تسكتها القبائل العربية.

للقراءة و التحميل اضغط               هنا

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/