من تل العقارب إلى روضة السيدة؛ سنوات قليلة ونقلة عمرانية كبيرة

من تل العقارب إلى روضة السيدة؛ سنوات قليلة ونقلة عمرانية كبيرة

الدارس للعمارة والعمران يعلم تمام العلم أن العمران وهيئته هو تعبير حي لواقع المجتمع وحضارته فهو ليس بناء أصم ولا هو مجموعة من المكعبات لإيواء السكان، بل هو نتاج لثقافة وفكر واقتصاد وحضارة المجتمع، حتى إننا كثيرا ما نستخدم العمران وتطوره في التعرف على الوضع الحضاري الذي مرت به المجتمعات والدول وكأنه مرآتها وحاكي قصتها.

من هنا كانت العناية بالعمران جوهرا ومظهرا هي تعبير عن رغبة المجتمع في النهضة والتطور والرقي، وفي ظل ما سبق لا يمكن لمجتمع واعد أن يقبل بعشوائية البناء ولا سكن عشش الصفيح ولا بثقافة تلك المجتمعات فهو تحدي وجب مجابهته وهو مظهر ارتسم في بعض المدن الكبرى التاريخية في العالم ومنها القاهرة الكبرى والتي ما كانت ببعيدة عن تلك المناطق العشوائية البائسة عمرانيا وسكانيا.

من هنا يأتي نموذج "روضة السيدة" بمثابة نموذج مميز لتحويل المناطق البائسة عمرانيا وسكانيا وحضاريا والذي كان سابقا "تل العقارب" كنموذج مميز للتعامل مع المناطق العشوائية، حيث يمثل نقلة جوهرية لإعادة صياغة العمران العشوائي في القاهرة الكبرى. كما يمكن النظر إلى هذا التحول الجوهري من تل العقارب – بما يحمله الاسم من معنى ومغزى – إلى روضة السيدة – بما يحمله الاسم أيضا من معنى ومغزى – بوصفه نموذجا للتحول الجوهري في التعامل مع المناطق العشوائية في القاهرة الكبرى حاليا. 

بقي الآن التحدي الجديد والأكبر وهو إعادة صياغة العقل الذي سكن تلك المناطق العشوائية والبائسة بحيث يكون عنصرا حضاريا معبرا عن التطور العمراني المتحقق.