أثر اختلاف مستويات تصاريف نهر دجلةفي تغير النظام البيئي الحياتي في النهر بين جسر المثنى ومصب نهر ديالى
رسالة تقدمت بها
نيران محمود سلمان عبد الرحمن الخالدي
إلى
مجلس كلية الآداب في جامعة بغداد
وهي جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير
آداب في الجغرافية
بإشراف
الأستاذ الدكتور
يوسف يحيى طعماس
الأستاذ المساعد الدكتور
عدنان حسن عفج
2004
المستخلص:-
يؤثر اختلاف تصاريف نهر دجلة في تباين تراكيز المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية والحياتية فيه، إذ تؤثر المخلفات الصناعية ومياه الصرف الصحي وغيرها، فضلاً عن العمليات الحياتية للكائنات الحية خلال العام عبر مراحل النمو الطبيعي لها، في تباين تلك التراكيز كذلك.
وقد شملت منطقة الدراسة مجرى نهر دجلة ضمن مدينة بغداد والواقعة ضمن دائرتي عرض (25َ 33ْ – 44َ 33ْ) شمالاً وخطي طول (17َ 44ْ-31َ 44ْ) شرقاً، إذ يبلغ طول نهر دجلة ضمن حدود مدينة بغداد نحو (58كلم)، وتصل كمية التصريف النهري عند محطة سراي بغداد خلال اشهر الدراسة السابقة بحدود (417م3/ثا) في شهر شباط، وبحدود (365م3/ثا) خلال شهر أيار، وبحدود (452م3/ثا) خلال شهر آب من عام (2002).
وانتخبت ست محطات دراسية على طول مجرى النهر، وذلك لبيان تأثير اختلاف تصاريف النهر في تركيز الملوثات مكانياً وبصورة التوزيع الجغرافي، ودور الملوثات في التأثير في النظام البيئي الحياتي في النهر ،وهذه المواقع هي:-
(موقع جسر المثنى ،موقع مدينة الطب، موقع جسر الشهداء،موقع الجادرية، موقع الزعفرانية، موقع مصب نهر ديالى)، إذ تم جمع نماذج المياه، واعتمدت الدراسة على بعض المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية والحياتية، منها: (درجة الحرار، الاس الهيدروجيني، التوصيلية الكهربائية، الكدرة، مجموع المواد الصلبة العالقة، مجموع المواد الصلبة الذائبة، العسرة الكلية، النترات، الكلويدات، الفوسفات، الفسفور، الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، المغنيسيوم، البيكربونات، الكبريتات، المتطلب الحيوي للأوكسجين، المتطلب الكيمياوي للأوكسجين، الكروم، الزنك، النحاس، الكادميوم، الرصاص، وكذلك بكتريا القولون، بكتريا القولون البرازية، بكتريا الممسبحيات، بكتريا المسبحيات البرازية، العدد الكلي للبكتريا).
وقد بينت الدراسة أن بعض المؤشرات كانت أكثر من الحدود المسموح بها ضمن المواصفات العراقية لقانون عام (1967)، أما الفحوصات الفيزياوية فقد كانت كلاً من (التوصيلية الكهربائية، الكدرة، المواد الصلبة العالقة) قد ارتفعت قيمتها لتصل أكثر من الحدود المسموح بها ضمن المواصفات العراقية.
أما التحاليل الكيمياوية فقد بينت الدراسة أن كلاً من (الفوسفات للمواقع 3، 4 لشهر شباط ،وجميع المواقع لشهر أيار، والمواقع 1 ،2 ،4 لشهر آب)، (الصوديوم ،جميع المواقع لشهر شباط، والمواقع 1 ،2 ،3 ،4 لشهر أيار ،وجميع المواقع لشهر آب)،(المغنسيوم ،الموقع رقم 4 لشهر أيار)، (المتطلب الحيوي للأوكسجين، الموقع رقم 2 لشهر شباط)، (المتطلب الكيمياوي للأوكسجين ،للمواقع 2، 4 ،5 ،6 لشهر شباط، والموقع رقم 3 لشهر أيار)، (الكروم، الموقع رقم 2 لشهر أيار)، (الزنك ،جميع المواقع لشهر شباط، والمواقع 1 ،3 ،4 ،5 ،6 لشهر أيار، وجميع المواقع لشهر آب)، (النحاس، الموقع رقم 1 لشهر شباط ولشهر أيار)، (الكادميوم، جميع مواقع وأشهر الدراسة)،(الرصاص، الموقع رقم 3 ،5 لشهر شباط، والموقع رقم 5 لشهر آب). إذ وضحت النتائج تأثير انخفاض تصاريف نهر دجلة في أشهر ومواقع منطقة الدراسة على زيادة تراكيز الملوثات فيه ومن ثم التأثير في نوعية المياه في طبيعة النظام البيئي الحياتي في نهر دجلة.
كذلك أظهرت الدراسة نتائج التحاليل البايولوجية لمياه نهر دجلة ضمن أشهر ومحطات منطقة الدراسة، فقد كانت اكثر من الحدود الطبيعية المسموح بها حسب تصاريف النهر، حيث تمت دراسة أنواع البكتريا الدالة على التلوث، ووجد بأنها تصل إلى أعداد كبيرة في أغلب المواقع وأشهر الدراسة ،وقد كان سبب هذا الارتفاع في أعداد البكتريا إلى انخفاض كمية تصريف نهر دجلة لعام (2002) ،فضلاً عن تأثير مياه الصرف الصحي ومياه المخلفات الصناعية غير المعالجة في بعض المواقع.
وكذلك تم جمع نماذج من ترسبات قاع النهر ودراسة وتحليل المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية منها (التوصيلية الكهربائية، المغنسيوم، الكالسيوم، كاربونات الكالسيوم، الصوديوم، الكروم، الزنك، النحاس، الكادميوم، الرصاص)، وتبين أنها ذات تراكيز عالية في أغلب المواقع وأشهر الدراسة ولا سيما العناصر الثقيلة منها، إذ كانت أكثر من الحدود الطبيعية لها مما أدى بذلك إلى تركزها في النباتات المائية، إذ تم جمع نموذج من نبات مائي نوع (Ceratophyllum demersum L.) وهو من نوع الشمبلان (الشلنت)، كنموذج من البيئة الحياتية ،وفحص العناصر الثقيلة التالية قيه (الكروم، الزنك، النحاس، الكادميوم، الرصاص)، فقد بلغت حوالي (4.56 ،21.6 ،11.49 ،1.13 ،16.93) ملغم/لتر على التوالي، ولوحظ بأنها تراكيز عالية، إذ أن لهذا تأثيراً كبيراً في البيئة الحياتية في نهر دجلة، ولوحظ كذلك أن هذا النوع من النباتات المائية ينمو في بيئة الأهوار مما يبين بذلك بطئ جريان النهر وانخفاض مناسيبه مما أتيح بذلك الفرصة لنمو هذا النوع من النباتات الذي ينمو بشكل سريع وذلك ما يؤدي إلى غلق قنوات الري وأنابيب سحب المياه المباشر للمنشأت الصناعية أو لمواقع تصفية مياه الشرب وغيرها، وكذلك فقد أدى نمو هذا النوع من النباتات إلى تغير البيئة الحياتية في النهر وحدوث خلل في أنواع الحياة فيه.
وأيضاً تم قياس المواد العضوية في ترسبات قاع النهر وبلغت بحدود (18.3 ،18.3 ،19.8 ،9.1 ،19.5%) على التوالي لمواقع الدراسة، ولوحظ بأنها أقل من المواصفات المطلوبة، وأنها وسط غير ملائم لنمو أنواع من الكائنات الحية الدقيقة التي تقوم بالتحلل الحياتي، مما يترتب على ذلك تكوين ترسبات غير قابلة للذوبان والتحلل بفعل تلك الكائنات الدقيقة.
وكذلك تم جمع نماذج من أمطار أشهر (آذار ،نيسان ،أيار) وقياس المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية الاتية: (الاس الهيدروجيني، الكالسيوم، المغنسيوم، العسرة الكلية، الكربونات)، لبيان تأثير الأمطار في زيادة تراكيز الملوثات في نهر دجلة جراء التلوث الهوائي، ولوحظ زيادة في قيم الاس الهيدروجيني لأمطار أشهر (آذار ،نيسان ،أيار) وأنها تميل إلى القاعدية، كذلك زيادة في قيم العسرة الكلية لأمطار أشهر (نيسان ،2أيار ،3أيار) وبلغت نحو (224 ،200 ،224)ملغم/لتر على التوالي، وكذلك زيادة في تراكيز الكربونات بالنسبة لأمطار شهر نيسان وبلغت بحدود (131.7ملغم/لتر)، مما يترتب على ذلك آثاراً سلبية ومباشرة على النهر في زيادة تراكيز الملوثات فيه مما تسببه تلك التراكيز المرتفعة فضلاً عن ذلك تأثير السيول وجرف التربة وذوبان الصخور...وغيرها.
وبينت الدراسة تأثير انخفاض تصاريف نهر دجلة ومياه الصرف الصحي ومياه المخلفات الصناعية، ومياه الأمطار على زيادة تراكيز المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية والحياتية فيه، مما ينتج عن ذلك تأثر النظام البيئي الحياتي في النهر بتلك المتغيرات مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة جداً في بعض الأنواع الحياتية في النهر، وكذلك نمو أنواع غير مرغوب فيها كما في نبات القصب والشمبلان (الشلنت) وغيرها، المنتشرة على طول ضفاف نهر دجلة مما لذلك آثاراً سلبية على البيئة الحياتية في النهر.
Effect of levels difference of Tigris river discharges in changeability of the biological ecosystem in the river between AL-Muthanna bridge and Diyala river estuary
A thesis Submitted to the council of the College of Arts, At the University of Baghdad in partial fulfillment of the requirement for degree of master of Arts in Geography
Presented by
Neeran Mahmood Salman Al-Khalide
Under Supervision of
Dr. yousif yeheya
Tumas Dr. Adnan H. Afaj
2004
ABSTRACT
The difference of the Tigris River discharges effect imparity the measurements and the concentrations of the environment – physical –chemical and biological variables in the river. Also the effused industrial waste and sewage water effect these measurements and concentration of the environmental variables, not to mention the biological processes of living organisms through the is normal growth scan may effesct also measurements and concentration.
The studied area has comprised Tigris river bed with in Baghdad city, and it locates between latitudes (o33 َ44- o33 َ25) north and longitudes (o44 َ 31- o44 َ 17) east, whereas the length of Tigris river with in Baghdad city attain of about 58 km, and the water discharge may reach in sarray station a bout (417 m3/sec) at august during the year (2002).
Six station were elected along the river to determite the effect of the discharges difference in the river on the spatial pollutants concentration from geographic distribution points of view, and also to indicate the role of these pollutants in the effecting of the biological ecosystem. The locations of these six stations are:
(El-muthauna bridge, madinat El-tib, el.-shuhada bridge, El-gedriyeh, El-zaferauiyeh and river estuary of Diyala). Water samples from these stations have been collected and study depended upon several physical, chemical and biological variables including: (Temperature degree, pH, Electrical conductivity, Turbidity, total suspended solids. Total dissolved solid, total hardness, nitrates, chlorides, phosphates, phosphore, sodium, potassium, calcium, magnesium, bicarbonate, sulfate, Biochemical oxygen demand, chemical oxygen demand, chrome, zinc, copper, cadmium, lead, also coliform, fecal coliform, striptococcus, fecal striptococcus, total Plate Count). the study has revealed that some of the environmental variables are much higher than the allowed limits of the Iraqi criteria and standards in the monitoring system of the river from pollution No.(25) for the year (1967).
Whereas the velues of the physical measurement increased more than the allowed limit in the Iraq specifications. In time the chemical analysis results of this study indicate the effect of dectining the water discharge with in Tigris river on the increasing the concentration of the pollutants, which it self effecting the quality of the water and biological ecosystem with in the river. Also the study shows the results of the biological screening.
المقدمة :
يهتم النظام البيئي بتوضيح وظائف العالم الطبيعي ،الأمر الذي يجعل عالم البيئة بفروعه علما" هاما ومفيدا في المساعدة على حل العديد من المشاكل التي تواجه النظام البيئي الحياتي ،حتى بات واضحا للجميع ضرورة وضع الاعتبارات البيئة في المقام الأول في جميع نواحي الحياة العلمية تحسبا للتلوث الذي يهدد جميع أشكال الحياة ،ونظرا لأهمية العوامل الطبيعية وتأثيراتها المختلفة على الكائنات الحية فقد أصبحت الحاجة ملحة في دراستها وسبل التحكم فيها ، أسهمت الثورة التقنية في إحداث نقلة نوعية هامة للمجتمع رافق ذلك اسرافا في استنزاف الموارد الطبيعية . وقد جاءت الدراسات البيئية كمحصلة طبيعية لصيانة الثروات أو للحد من ذلك الاستنزاف وجعل الطبيعة تأخذ مجراها في الحياة وذلك حقها الطبيعي التي خلقت من اجله .وتعد هذه الدراسة أحد السبل للتوصل إلى حلول مقنعة من خلال نتائج بحث بحث وتقصي الحقائق ونشرها من أجل وضع الحد الفاصل لمشكلة التلوث الذي يؤثر سلبا في النظام البيئي الحياتي لنهر دجلة وأخذه أنموذجا لغيره من الأنظمة الحياتية الأخرى والحد من استنزاف هذه الثروة الطبيعية الهامة .
إذ أوضحت الدراسة في فصلها الأول أن النظام البيئي الحياتي(ecosystem) أحد المناهج الأساسية في علم الجغرافية كمدخل تكنيكي للدخول إلى حقل الدراسات الاحيائية ،الذي وضع حقيقة إن الجغرافيين لهم القدرة والمساهمة الفعالة في الرؤية المتكاملة لابعاد المشكلات البيئية ،مما أعطى مجال واسعا , واضعا" بعدا" جديدا" في بيان تلك المشكلات إذ أهتم الفكر الجغرافي المعاصر بالعلاقات بين الكائنات الحية وبيئتها خلال ربط وتحليل وتعليل هذه العلاقات , مع الأخذ بالحسبان التعريف بالمفاهيم والمصطلحات الكيماوية والفيزياوية والحياتية قبل الدخول بها عمليا". وتضمن الفصل الثاني الخصائص الجغرافية الطبيعية لمنطقة الدراسة بشيء من التفصيل إذ اشتمل وصف البيئة الطبيعية لمدينة بغداد من موقع وجيولوجية وجيومورفولوجية وتربة وعناصر المناخ أثرها التصريف النهري ووصف نهر دجلة ودراسة خصائصه الهيدرولوجية في منطقة الدراسة . وبينت الدراسة في فصلها الثالث الخصائص الوصفية العامة للنظام البيئي الحياتي النهري إذ تضمن تركيب المجتمع من حيث التركيب الضوئي والتنفس والسلسلة الغذائية وسريان الطاقة وإنتاجية المجتمع الإحيائي , والعلاقات الحيوية بين الكائنات الحية من ناحية التعاقب والتنفس والتكيف والتنافس والتعايش والتطفل والتكافل ،والتعريف بها ،كذلك أوضح الفصل صفات المياه العذبة وأثر البيئة على الكائنات الحية في تدوير بعض العناصر في المياه.
كما أوضح الفصل الرابع الأثر البيئي لتباين مستويات تصاريف نهر دجلة على البيئة الحياتية في النهر ، إذ تعد الدراسة البيئية المائية العملية من خلال المدخل التحليلي أفضل بداية لدراسة تأثيرات البيئة في النظام البيئي الحياتي (حديثا)،حيث يبين تأثيرات البيئة على الكائنات الحية وتفاعله معها ونشاطها وفقا لتغيرات العوامل البيئية . إذ تضمن هذا الفصل عرض نتائج تحاليل المتغيرات الفيزياوية والكيمياوية والحياتية لمياه نهر دجلة في منطقة الدراسة للفترة من (1990_1999) ،خلال أشهر شباط ،أيار،آب، وربط هذه النتائج مع نتائج التحاليل التي أجريت في سنة الدراسة(2000) ولذات الأشهر ،وعرضها وبيان ما يترتب عليها من آثار على النظام البيئي الحياتي في نهر دجلة . كذلك تم التوصل إلى جملة من استنتاجات بينت مدى تأثير مياه نهر دجلة بانخفاض معدلات تصاريفه الذي أدى إلى زيادة تلوثه وبدوره يؤدي إلى إرباك نظام البيئة الحياتية في النهر . مع رفع التوصيات التي من الممكن العمل بها من أجل التوصل إلى أدنى مستوى للتلوث تستطيع الكائنات الحية بذلك ان تواصل مسيرة نموها بالشكل الصحيح ،والحصول على بيئة نظيفة والمحافظة على هذه الثروة المائية الاقتصادية المهمة التي لها دور مهم في اقتصاديات الدولة .
تمثل الأرض نظاماً كبيراً مغلقاً ،والنظام هو الجزء المستقل من الكون الذي يمكن دراسته او مراقبة التغيرات التي تصيبه عندما يتعرض لحالات مختلفة مفروضة ،كالنهر ،او المحيط ،إذ تتكون غالبية الأنظمة من اجزاء اساسية يكون بعضها مؤثر على البعض الاخر وعلى هذا تشكل الأرض نظاماً مكوناً من اغلفة رئيسية هي[1]:الغلاف الجوي (Atmosphere) ،الغلاف المائي (Hydrosphere) ،الغلاف الجليدي (Cryosphere) ،الغلاف الصخري (Lithosphere) ،الغلاف الحيوي (Biosphere) ،والغلاف التقني (Technosphere). وان التفاعل بين هذه الاغلفة هو تفاعل متبادل لتكوين الظواهر السطحية الموجودة حالياً على سطح الأرض ،كما ان أي تغير يجري على أحد هذه الاغلفة يؤثر بدوره في النظام بشكل عام ،وان الأجزاء المكونة للبيئة لها القدرة على التغير المستمر ولها قاعدة ثابتة تسمى قاعدة الوحدة البيئية[2] (Principle of environmental unity) وتنص على ان كل شيء في البيئة يؤثر في الشيء الاخر كله. مما حذا لعلم الجغرافية دراسة الظواهر المختلفة وتأثير البيئة عليها وبالعكس ،وتوزيع هذه الظواهر ابتداء من وصفها كصورة طبيعية مما يتيح للجغرافية مجالاً واسعاً لادراك أي مشكلة ،لان علم الجغرافية كما وصفه (ساور Sawer) مركز ابتكار من إذ انه يمتلك القدرة الكاملة على ابتكار وسائل وتقاليد منهجية وموضوعات من ذاته ولاسيما به. واضاف (كارل ريتر) بان القاعدة الأساسية للجغرافية هي "دراسة العلاقة بين كافة الظواهر الطبيعية والانسان". وقد توجهت انظار وافكار الباحثين في جميع الاختصاصات الى مجال البحث في البيئة لاننا في عصر ازمة بيئية حقيقية نتيجة للتزايد السكاني بشكل سريع وانتشار وسائل التكنولوجيا الحديثة التي ادت الى تدهور النظام البيئي (Ecosystem) مما ادى الى استنزاف الموارد البيئية وهذا نتيجة سوء ادارة البيئة ،إذ اصبح التفكير برمي أي مخلفات من أي نوع سواء كانت صناعية ،زراعية ،بشرية وغيرها الى اقرب نهر او بحيرة او محيط ،ولاسيما مخلفات المصانع بغض النظر عن تلك الثروة المائية الهائلة التي تحتاج الى صيانة كونها مورداً مهماً من موارد البيئة ،كما في قوله تعالى ]وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مؤاخر فيه ولتبغوا من فضله لعلكم تشكرون[[3]. وايضاً تعد المحافظة على البيئة امراً مهماً للتنمية وليس عائقاً للتنمية كابتكار انماط من التنمية من شأنها صيانة الموارد الحيوية ،إذ إذا كان بالضرورة انشاء مصنع على ضفة نهر فأنه ليس بالضرورة طرح المخلفات الصناعية الى النهر مباشرة بدون معالجة اكيدة إذ انها تؤثر على البيئة النهرية كالاسماك مثلاً ،وذلك (لتحقيق التنمية وصيانة الموارد في نفس الوقت يجب اعادة النظر نحو دورنا باتجاه المجتمع ،وبعدها يصبح ضرورة صيانة الطبيعة والتنمية في خطة مستقبلية واحدة او لنجد ادنى الحلول هو تعديل ما يتبقى للدعم والصيانة كأستراتيجية مهمة).[4]
وبعد ادراك دور الجغرافي في النظرة الشمولية للمشكلة باعتبار هذا تمهيداً لدراسة مشكلة البحث ،لذا سيتم استعراض تلك المشكلة ضمن منهج علمي في تقصي المشكلة البيئية ،إذ تضمن هذا الفصل المحاور النظرية بأطار الفرضية والهدف والمنهجية والحدود الزمانية والمكانية للدراسة ،وتضمن الفصل ايضاً مكانة علم الجغرافية من العلوم البيئية وايضاً أهمية الدراسات البيئية في العلوم الجغرافية ،ثم اشتمل على المفاهيم والمصطلحات التي استخدمت في البحث كإطار نظري نطل من خلاله على تطبيقات مشكلة الدراسة في متن البحث.
1-1 مشكلة الدراسة:
تعد الانهار أنظمة بيئية متكاملة ،وان التغيرات البيئية في أي جزء منها سوف ينسحب على الأجزاء الأخرى من هذه الأنظمة ،إذ تمثل اية وحدة ضمن هذه الأنظمة البيئية المتكاملة (مجتمع) تكافأت فيه جوانب الحياة البيئية التي ساعدت ظروف وجودها على استمرار نشأتها ،ومن هذه الظروف التبدلات التي طرأت على نهر دجلة ،كانخفاض مستويات تصاريفه التي ادت الى انتشار انواع عديدة من الكائنات في النهر لم تكن موجودة اصلاً او لم تكن بهذه الكثرة وايضاً ادى انخفاض مناسب نهر دجلة الى زيادة في تركيز بعض العناصر الكيمياوية والاملاح والتغيرات الفيزياوية ذات الاهمية الملوثة التي ادت بالآتي الى تبدل النهر حياتياً تحت هذه الظروف ،ومثال ذلك موت بعض انواع الكائنات الحية في النهر واحلال محلها انواع أخرى اعتاشت على بقايا الكائنات السابقة التي سمحت لها ظروف تواجدها ،كاشعة الشمس والحرارة التي نفذت الى مستويات نمو هذه الكائنات في النهر. ان هذه الظروف مجتمعة زادت من مخاطر انعدام توازن النظام البيئي الحياتي في النهر التي شكلت بدورها خللاً في الوسط الطبيعي للحياة في نهر دجلة.
1-2 فرضيات الدراسة
ان الفرضية الأساسية للدراسة الحالية الموسومة (اثر اختلاف مستويات تصاريف نهر دجلة على التأثير في النظام البيئي الحياتي للنهر في منطقة الدراسة) هي الفرضية الأساسية في هذا البحث ،التي تنبثق منها فرضيات ثانوية ،تتمثل:-
أ- تباين مناسيب نهر دجلة في بغداد اثر سلباً على سرعة جريان النهر التي بدورها اثرت على الحياة البيئية في النهر.
ب- اختلاف تصاريف نهر دجلة في بعض فصول السنة ادى الى اختلاف تراكيز العناصر الكيمياوية وتغاير الخصائص الفيزياوية في النهر والذي اثر سلباً على النظام الحياتي للاحياء في نهر دجلة.
ج- تأثير الكائنات الحياتية على تبدل نظام بيئة النهر واستمرارية نموها على اعاقة الوسط الطبيعي للنهر في حالته المثالية.
د- اثر ضحالة وشحة مياه النهر من جانب وزيادة طرح المخلفات لبعض المنشات الصناعية وكذلك مياه الصرف الصحي من جانب اخر على تلوث مياه النهر في بعض مقاطعه ،وتكوّن طبقة يصل سمكها الى نحو (1م)* من ترسبات ذات لون اسود داكن وذو رائحة كريهة جداً. وقد لوحظ وجود تراكيز عالية للعناصر الثقيلة في هذه المقاطع من النهر ،والذي ادى الى انتقالها وتراكمها في النباتات المائية.**
1-3 اهداف الدراسة: تهدف الدراسة الى ما يأتي:-
ان الهدف الرئيسي لهذه الدراسة هو البحث عن كيفية تغير النظام البيئي الحياتي في نهر دجلة في حالات اختلاف التصاريف.
اما الاهداف الثانوية التي تسعى الدراسة الى تحقيقها ،هي:-
1- تحديد التغيرات في نوعية مياه نهر دجلة في مقاطع مختارة من النهر في منطقة الدراسة.
2- دراسة العناصر الكيمياوية والمتغيرات الفيزياوية ،التي اثرت على تبدلات النظام البيئي الطبيعي في مجرى نهر دجلة في النقاط المختارة من النهر في منطقة الدراسة.
3- التوزيع الجغرافي للملوثات المؤثرة في منطقة الدراسة ،ومقارنة نتائج التحاليل في المواقع المختارة مع بعضها ،وكذلك مقارنة نسب تراكيز الملوثات في المواقع المختارة للدراسة وكيفية تغير هذه التراكيز وتأثيراتها البيئية
4- مقارنة نتائج التحاليل في منطقة الدراسة مع المحددات والمواصفات القياسية العراقية ،لبيان مدى مطابقتها لهذه المواصفات وتحديد حالة التلوث الحاصل في المنطقة.
1-4 الحدود المكانية للدراسة:
تقع منطقة الدراسة في حدود امانة بغداد ،خارطة رقم(1) ،بين جسر المثنى شمال بغداد الى مصب نهر ديالى جنوب بغداد ،إذ يبلغ طول نهر دجلة في هذا الجزء (58.5كم) مقاسة من مقدم جزيرة بغداد السياحية وحتى (3كم) بعد التقاء نهر ديالى به ،وقد جمعت نمإذج العينات من ستة مواقع مختارة من النهر على طول مجراه من شمال بغداد الى جنوبها ،وتشمل المواقع: خارطة رقم(2)
أ- موقع جسر المثنى.
ب- موقع قرب مدينة الطب.
ج- موقع جسر الشهداء.
د- موقع الجادرية.
هـ- موقع الزعفرانية.
و- موقع مصب نهر ديالى.
كما وتم جمع نمإذج من المياه من وسط النهر ،وعلى عمق (30سم) ،وايضاً جمعت نماذج من ترسبات قاع النهر (Sediments) ،بالقرب من المواقع أعلاه ،خارطة رقم(3).
1-5 الحدود الزمانية للدراسة:
تتمثل الحدود الزمانية للدراسة ،بما يلي:
1- الحصول على معدلات تصاريف نهر دجلة في منطقة الدراسة للسنوات (1990-2001) وايضاً معدلات التصاريف في سنة الدراسة ،وذلك لبيان مدد ارتفاع مناسب نهر دجلة وانخفاضها ومقارنتها مع بعضها.
2- جمع البيانات البيئية لنهر دجلة في منطقة الدراسة في مواقع متباينة خلال السنوات السابقة (1990-2001) ومقارنتها بنتائج البيانات في سنة الدراسة.
رابط التحميل pdf
0 تعليقات
شكرا لتعليقك .. سيتم الرد عليكم في اقرب وقت ممكن .
كوكب المنى