أثر التفاوت الاقتصادي على التوزيع الجغرافي لظاهرة الفقر في السودان

كوكب الجغرافيا أغسطس 30, 2018 أغسطس 30, 2018
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A


أثر التفاوت الاقتصادي على التوزيع الجغرافي لظاهرة الفقر في السودان
د.مدثر أحمد أبو القاسم
جامعة الزعيم الأزهري – السودان

تمهيد
تقع ظاهرة الفقر المتمثلة بإنخفاض الدخل والخدمات ضمن مسألة كيفية توزيع الدخل والخدمات داخل المجتمع . فتبعاً لدرجة المساواة في توزيع الدخل والخدمات في الدولة تتحدد نسبة الفقر ومدى عمقه ومقدار التباين مابين الفقراء في شدة فقرهم.

سيحاول الباحث في هذه الدراسة إستعراض قدرة الفقراء في السودان في الحصول على الحد الأدنى من الدخل القومي إستناداً إلى إعلان الألفية في قمة الأمم المتحدة في سبتمبر عام 2000 . ثم يعرض الباحث قدرة هؤلاء الفقراء في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم.

أولاً : قدرة الفقراء في الحصول على الحد الأدنى من الدخل القومي

في سبتمبر عام 2000 أجتمع قادة العالم في قمة الأمم المتحدة للألفية لإلزام بلدانهم بتقوية الجهود العالمية للسلام ، وحقوق الإنسان والديمقراطية ، والحكم القوي الصالح وإستدامة البيئة ، وإستئصال الفقر ، ولتشجيع مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والإنصاف.

ويشتمل إعلان الألفية الذي صدر عن القمة وتبناه (189) بلداً (بما فيها السودان) على التزامات جماعية ملحة بالتغلب على الفقر تبلورت فيما سمي بأهداف التنمية للألفية . رأى الباحث أنها أنسب إطاراً لتحديد حدة التفاوت  في توزيع الدخل القومي بين سكان السودان عموماً وأقاليمه كل على حدة . على أساس أهداف التنمية للألفية وغاياتها التي تضمنت إستئصال الفقر والجوع الشديدين ، ويشمل غايتان الأولى : بين 1995 و 2015 وهي إنقاص نسبة من يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم إلى النصف . والغاية الثانية ومطلوب تنفيذها في نفس الفترة وهي إنقاص نسبة الذين يعانون من الجوع إلى النصف  .

وعليه فأن مشاركة السودان في المؤتمرات الدولية التي أقرت هذه الأهداف وموافقة جهازه التشريعي عليها ، يجعلها ملزمة لأجهزة الدولة ومؤسساتها . وقد تمّ بالفعل إستصحاب هذه  الأهداف في مشروع الإستراتيجية الربع قرنية للفترة من 2000 إلى 2025 ، كما بنيت عليها إستراتيجية مكافحة الفقر في السودان .

من التقديرات المعهودة في كتابات القياس الإقتصادي ، المبقية على توزيع الدخل ثابتاً ، أن معدلات الفقر تتراجع بمقدار (2) بالمائة لكل زيادة (1) بالمائة في متوسط الدخل الفردي لتكون المرونة (2) . عليه فأن تخفيض اعداد الفقراء بمقدار النصف يتطلب زيادة مقدارها (41) بالمائة في الدخل الفردي . وإذا كان على السودان تحقيق هذه الزيادة خلال الفترة مابين 2003 ـ 2015 فسوف يحتاج إلى معدل نمو سنوي مقداره 3.2% سنوياً بإفتراض وضع الشروط المسبقة للنمو وسياساته في نصابها.

ثانياً : قدرة الفقراء في الحصول على الخدمات الصحية:


أ‌.       الإنفاق على الصحة:
 تشير الإحصاءات الرسمية في السودان إلى زيادة الإنفاق العام على الصحة من 0.25% عام 2000 إلى 0.56% عام 2005 م  من الناتج المحلي الإجمالي ، ولكن هذا المعدل يعتبر منخفضاً جداً مقارنة بالمستويات الدولية . فطبقاً لتقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فأن الإنفاق العام على الصحة يمثل 2% من إجمالي الناتج المحلي لكل البلدان النامية و 1.8% للبلدان الأقل نمواً و 2.4% في أفريقيا جنوب الصحراء  .

ويلاحظ أن نصيب الفرد الواحد من الإنفاق على الصحة في الإقليم الشرقي بلغ 1.2  ،  2.75  ، 4.4 دولار في الأعوام 2005،2004،2000 على التوالي.

 أما الإقليم الغربي فقد بلغ نصيب الفرد الواحد من الإنفاق على الصحة في هذا الإقليم 0.023  ،0.03 ، 0.3 ، 0.5 ، 0.3 دولار في الأعوام 2005،2004،2003،2002،2001. أما في الإقليم الجنوبي فقد بلغ نصيب الفرد الواحد من الإنفاق على الصحة في هذا الإقليم 0.3 دولار عام 2000 إنخفض إلى 0.2 دولار عام 2004 وداوم الإنخفاض عام 2005 ليبلغ 0.1 دولار.


ب‌.      المؤسسات والكوادر الصحية في الأقاليم :
كانت المستشفيات في السودان عام 1987 (200) مستشفى بنسبة 0.8 مستشفى لكل 100 ألف من السكان ، لم يتغير الحال حتى عام 1992م رغم زيادة المستشفيات إلى 216 مستشفى إلا أن المعدل بقى كما هو 0.8 مستشفى لكل 100 ألف من السكان.

  وقد شهد عام 1996م تطوراً ملحوظاً في عدد المستشفيات حيث بلغت 261 مستشفى بمعدل 0.9 مستشفى لكل 100 ألف من السكان . وصل المعدل إلى مستشفى واحد لكل مائة ألف من السكان عام 2000 م . ولم يتغير الحال حتى الآن رغم وصول عدد المستشفيات إلى 351 فظل المعدل كما هو مستشفى واحد لكل 100 ألف من السكان .

 أما المراكز الصحية فقد بلغت 667،470،330، مركزاً صحياً في الأعوام 1987 ، 1992،1996   على التوالي وشهد ذلك معدلات تغطية لنفس الأعوام بمعدل 1.3 ، 1.7 ، 2.4 مركز صحي لكل 100 ألف من السكان وفي الأعوام 2000 ، 2004 كان عدد المراكز الصحية في السودان 915 ،1009 على التوالي بمعدل تغطية بلغ 3 مركز صحي لكل 100 ألف من السكان .

ثالثاً: قدرة الفقراء في الحصول على التعليم


  تشير الإحصاءات إلى أن نسبة إستيعاب سكان السودان من عمر (1 ـ 5) سنوات في الخلاوي ورياض الأطفال وصلت إلى 22% فقط إي نسبة 78% في سن (1 ـ 5) لم يلتحقوا بالتعليم قبل المدرسي ، أما سكان السودان عمر 6 سنوات في مرحلة الأساس فقد بلغ نسبة 67.8 % فقط ، إي نسبة 32.2% من سكان السودان عمر 6 سنوات لم يلتحقوا بمرحلة الأساس . وفي وجود هذا العدد المتنامي من السكان صغار السن بلغت الضغوط أشدها على النظام التعليمي خلال السنوات القليلة الماضية . وتعزى ظاهرة التسرب من التعليم في مرحلة الأساس إلى النقص الكمي والكيفي في المدارس الإبتدائية في المناطق الريفية على وجه الخصوص ولعدم إستجابة الوالدين للقوانين الإلزامية للتعليم نظراً لإرتفاع كلفته ولضعف العائد الإقتصادي كما يمكن أرجاع الأمر إلى عدم قدرة المدارس على تحقيق الإنضباط وتقديم بيئة جذابة للأطفال . وتعد المعدلات المثيرة للقلق للتسرب من التعليم الأساسي أحد تدهور أحوال التعليم ونظامه المثقل بالمشاكل ومدخلاً لزيادة حدة الفقر في الدول النامية.

شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/