العمليات المرتبطة بالمياه (جيومورفولوجيا) الدورة المائية والأنهار وأنواعها

كوكب الجغرافيا يوليو 26, 2018 يوليو 26, 2018
للقراءة
كلمة
0 تعليق
-A A +A

العمليات المرتبطة بالمياه
ا- الدورة المائية:
تعتبر المياه التي تجري في الأنهار جزءا مهما من دورة الماء في الطبيعة. وتشمل هذه العملية نطاقا كبيرا يؤدي دوره فوق المحيطات وعلى سطح اليابسة وداخل الغلاف الجوي المحيط بهما.
        وقد قدرت كمية المياه التي تتبخر في المحيطات بحوالي 207 000 كم3 سنويا يضاف إليه حوالي 000 39 كم3  من المياه التي تتبخر من البحيرات والأنهار والقنوات وسطح اليابسة ....الخ.  ويتعادل المجموع العام لكمية التبخر هذا مع مجموع كمية التساقط الذي قدر ما يترسب منه فوق اليابسة بنحو 62000 كم3 بينما تترسب الكمية الباقية فوق المحيطات.
تقسم دورة المياه في الطبيعة إلى ثلاث مراحل: يحدث التبخر في المرحلة الأولى منها ويحدث التساقط في المرحلة الثانية. وينتقل الماء في المرحلة الثالثة نحو المحيط الذي كان قد جاء منه أصلا.
        يجري قسم من هذه المياه التي سقطت فوق اليابسة على السطح ويغور القسم الآخر في التربة ويمتص القسم الثالث من قبل النباتات التي تعيده بدورها إلى الغلاف الجوي ثانية عن طريق عملية النتح.
فإذا كانت كمية ما يسقط من مطر فوق منطقة ما حوالي 76 سم في السنة على سبيل المثال يتبخر منها 53 سم إما بصورة مباشرة أو بواسطة النباتات. وتجري الـ 23 سم المتبقية فوق سطح الأرض لكي تنضم إلى المياه السطحية الجارية أو تنفذ إلى الصخور لتنضم إلى المياه الباطنية
التي ستصل إلى المحيط مرة ثانية بصورة غير مباشرة.

·      توزيع التساقط على سطح الأرض:

بالنظر للعلاقة الوثيقة بين الأنهار وكمية وطبيعة التساقط على جهات اليابسة المختلفة لابد من التطرق بشيء من الإيجاز إلى الصفات العامة لتوزيع التساقط على سطح الأرض، إذ يظهر  أن  توزيع المطر السنوي في العالم يكون كما يلي :
1-  تزداد الأمطار غزارة بشكل خاص في الأقاليم الإستوائية وتكون ذات كمية معتدلة في العروض الوسطى وتقل كمية الأمطار في العروض القريبة من المدارين وكذلك في المناطق القطبية.
2-  تكون الجهات الغربية من القارات الجافة في العروض المدارية قي حين تتميز السواحل الشرقية الواقعة في العروض نفسها بأنها رطبة. وتنعكس الآية في العروض العليا حيث تكون سواحل القارات الغربية ذوات تساقط كبير قياسا إلى كمية التساقط على السواحل الشرقية الواقعة معها على دوائر العرض نفسها.
3- تستلم الأقاليم الجبلية المرتفعة المواجهة للرياح كميات أعظم من السفوح الواقعة في ظل المطر وكذلك تكون كمية الأمطار الساقطة على تلك السفوح أكبر من تلك التي تنزل على المناطق الواطئة المجاورة لها.
4-  تقل كمية التساقط كلما توغلنا إلى داخلية القارات لابتعادنا عن المحيط المصدر الرئيسي لبخار الماء في الغلاف الجوي.
5-  تستلم الجهات الساحلية المواجهة للرياح القادمة من المحيط كميات من التساقط أكبر بكثير من السواحل التي تخرج الرياح منها باتجاه المحيط.
6-  تزداد كمية التساقط على الجهات الساحلية التي تمر بالقرب منها تيارات بحيرة دافئة وتقل كمية التساقط على السواحل التي تمر بالقرب منها تيارات محيطية باردة.
يختلف توزيع كمية التساقط من مكان إلى آخر على سطح الأرض كما يختلف من حيث وقت سقوطه وتوزيعه خلال فصل المطر. ويؤثر هذا بطبيعة الحال على حجم وطبيعة الأنهار وعلى مقدار العمل الجيومورفولوجي الذي تقوم بأدائه، إذ لا تتلقى المناطق الصحراوية إلا كميات ضئيلة من التساقط، فعلى سبيل المثال تبلغ كمية التساقط السنوي في مدينة قسنطينة حوالي 50 ملم وفي ليما في بيرو 5 ملم ، وليم كريك في أستراليا 13.7 ملم ، وفي يوما في أريزونا بالولايات المتحدة 8.3 ملم، وقد لا تسقط الأمطار في بعض الأجزاء من الصحراء اتكاما في شمال شيلي لفترة تتراوح 5 إلى 10 سنوات بشكل متواصل، ولم تسجل  أية كمية للمطر في مدينة كالاما الواقعة خلف السلاسل الساحلية في شمال شيلي. وعلى النقيض من ذلك تستلم بعض الجهات من الكرة الأرضية كميات كبيرة من التساقط وخاصة السفوح الجبلية التي تواجه الرياح الرطبة. فعلى سبيل المثال تستلم محطة شرابونجي الواقعة على حافات تلال خاسي في مقاطعة أسام بالهند ما معدله 1079 ملم من المطر سنويا، ويعتبر جبل Waialeale الواقع في جزيرة Kawai في جزر هواي مثلا آخر على مقدار الأمطار الغزيرة إذ يسقط عليه ما معدله 1206 ملم من المطر سنويا. ويسقط على جبل أولمبيكOlimpic  في مرتفعات كاسكيد بالولايات المتحدة حوالي 370 ملم من التساقط السنوي، وعلى الرغم من أن للأنهار تأثير عظيما في تكوين التضاريس حتى في المناطق الجافة وشبه الجافة إلا أنها تكون على أشد فعاليتها فوق الأقاليم ذوات المناخ الرطب في العالم.   
·      الحركات الكتلية:
يعرف إنحدار كميات كبيرة من المفتتات الصخرية على طول المنحدرات والسفوح الجبلية  بفعل الجاذبية الأرضية بعملية الإنهيار الأرضي ، أو النقل الكتلي.
وغالبا ما ساعد وجود المياه على إتمام هذه العملية بشرط ألا تكون هده المياه عاملا متحركا يستطيع حمل المفتتات الصخرية. ويرجع الفضل في إبراز أهمية هذه العملية إلى العالم الجيومورفولوجي الأمريكي (شارب) الذي كان أول من قام بدراستها وتقسيمها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1- الإنهيار البطيء أو الكريب (زحف التربة).
2- الإنهيار السريع.
3- إنزلاق الأراضي.
Ø   الانهيار البطيء أو الكريب:
ويتمثل في عملية زحف التربة والمفتتات الصخرية على طول سفوح الجبال ومنحدراتها بشكل بطيء جدا غير محسوس، ولا يمكن مشاهدتها إلا بدراستها عن كثب ولفترة طويلة، إذ ليس لها آثار طبوغرافية ملموسة، ويقتصر تأثيرها في كثير من الحالات على ثني الجذوع، أو إقتلاعها، وتدمير أعمدة الهاتف والبرق. كما ينجم عن هذه العملية تكسر رؤوس الطبقات شبه الشاقولية وتنحني عندئذ نحو أسفل السفح (الشكل).
وهنالك ظاهرة إنحدار كميات كبيرة من المفتتات الصخرية المشبعة بالمياه دون أن يحددها مجرى مائي واضح وقد أطلق عليها (شارب) إسم سيلان التربة.
وتكون هده الظاهرة نشيطة في المناطق القطبية حيث تتوفر هنالك كمية كبيرة من المواد المفككة ميكانيكيا مع كميات كبيرة من المياه الناجمة عن ذوبان الجليد، في الطبقات السطحية، ووجود طبقة متجمدة بشكل مستمر تحت سطح الأرض.
وهذا يؤدي إلى سيلان المفتتات الصخرية، ببطء ملحوظ، على طول جوانب المنحدر بفعل الجاذبية الأرضية. وينجم عن هذه الظاهرة تعرية ما تحت التربة مما يزيد من تأثير أعمال التجوية، وتلطيف التضاريس بملئها لبعض المنخفضات.
Ø   الانهيار الأرضي السريع:
ويتمثل في تدفق كميات كبيرة من المواد الطينية المشبعة بالمياه على طول منحدر ما بسرعة كبيرة وكذلك إنهيار المفتتات الثلجية على طول حافات شديدة الإنحدار.
تشبه ظاهرة التدفقات الطينية ظاهرة سيلان التربة ولكنها تختلف عنها بسرعتها الكبيرة، ويحدد تدفقها مجرى مائي واضح. تحدث هذه الظاهرة في مناطق المنحدرات الجبلية، حيث تتوفر كميات كبيرة من المواد الدقيقة غير المتماسكة وكميات كبيرة من المياه التي تنجم عن ذوبان الجليد بسرعة كبيرة.
تكثر هذه الظاهرة أيضا في المناطق الجافة ونصف الجافة حيث تتوفر الشروط.
1- كميات كبيرة من المواد الناعمة الغضارية.
2- أمطار فجائية غزيرة.
3- وجود منحدرات شديدة.
فعندما تتساقط أمطار فجائية تتخذ شكل سيول جارفة وتنحدر إلى أسفل المنحدرات بسرعة كبيرة مشكلة مخاريط الإنصباب.
وتنجم عن التدفقات الطينية أضرار كبيرة، لأنها  تدفع  أمامها  قطعا صخرية ضخمة قد يصل وزنها إلى بضعة أطنان وتمتد إلى مسافات كبيرة قد تصل إلى 25 كلم.
وكثيرا ما تعمل التدفقات الطينية على سد المجاري العليا للأنهار وتكون بحيرات طويلة.
Ø   انزلاق الأراضي:
إنها أكثر  أنواع الإنهيارات سرعة وقلة إحتواء على الماء، ويلاحظ الطيات الإنزلاقية، فعندما ترتكز الكتل الصخرية في الجبال، غدا مزلقا بسبب تسرب الماء إليه، فإنها تنزلق إلى أسفل وقد يحصل أن تنزلق الكتل على مراحل مستقلة مما يؤدي إلى تشكل قبة سلمية.
وتصنف أنواع إنزلاق الأراضي إلى:

عملية انزلاق وسقوط المفتتات الصخرية: تنتقل المفتتات الصخرية ببطء، وبصورة مستمرة، على طول المنحدرات الشديدة. ونميز في هذه الحادثة مظهرين: سطح الإقتلاع وتورم الإنزلاق. وقد يؤدي وجود الأودية النهرية، في أسفل المنحدرات، إلى سقوط المفتتات الصخرية.
عملية انزلاق الصخر: وهو عبارة عن سقوط كتل كبيرة من الصخر على طول سفح جبلي تتميز صخوره بكثرة مفاصلها وشقوقها.


 ب- النشاط النهري:
تعتبر الأنهار من أكثر العمليات الجيومورفولوجية إنتشارا وأكثرها أهمية في التأثير على سطح الأرض وتغيير مظاهره. إذ تقوم الأنهار بنقل معظم المواد الصخرية القارية التي إقتطعتها هي أو غيرها من العمليات إلى المحيط. وبذلك فإنها تعمل على تخفيض سطوح القارات بشكل متواصل.
        تنتشر الأنهار عند كل مستويات الإرتفاع عن مستوى سطح البحر تقريبا ما عدا تلك التي ترتفع فوق مستوى خط الثلج الدائم.
وإن المرء ليعجب حقا عندما يرى بعض الأشكال الأرضية التي قامت الأنهار بتكوينها.
لا يقتصر عمل النهر على النحت والتعرية فقط وإنما يقوم أيضا بأعمال إنشائية كبيرة كما في السهول الفيضية والدلتاوات والدالات المروحية. ويمكن أن تكون الأنهار بذلك عوامل إنشائية بقدر ما تكون عليه عوامل تخريبية  في الوقت نفسه أحيانا.  فيصبح النهر في هذه الحالة نهرا متوازنا إذ يقوم النهر وفي مناطق معينة من مجراه بعملية النحت والتعرية وبذلك فهو نهر حفار ويرسب النهر في واديه في مناطق معينة بعض المواد التي قام بتعريتها ونقلها فيقال أنه نهر مرسب. وليست الأنهار هي العملية الجيومورفولوجية الوحيدة التي تمر بمثل هذه الحالات إذ تشبهها في ذلك بعض العمليات كالجليديات والرياح والأمواج. غير أن الأنهار وعلى نطاق الأرض كلها يمكن أن تكون أكثرها أهمية وتأثيرا.
1- مصادر مياه الأنهار:
تعتبر مياه الأمطار والثلوج الذائبة المصادر المباشرة لمياه الأنهار. يتغلغل قسم من مياه الأمطار والثلوج داخل التكوينات الصخرية والتربة. ويتحرك خلالها ثم يخرج بعضه ثانية بشكل عيون أو ينابيع حيث تقوم هذه المياه بتغذية الأنهار ثانية. وتتغذى كثيرا من الأنهار من خلال البحيرات التي تنبع منها أو تمر فيها. وتتزود تلك البحيرات بدورها بالمياه بواسطة الأمطار الساقطة عليها أو مياه الثلوج التي تذوب وتنتهي فيها أو من مصادر نهرية تصب بدورها في تلك البحيرات.  
2-  تصنيف الأنهار:
يمكن للأنهار أن تصنف إلى عدة تصانيف تبعا للمقاييس المستخدمة في ذلك إذ تقسم الأنهار إستنادا إلى:
أولا: طبيعة جريان الماء في الوديان النهرية إلى الأقسام التالية:
* الأنهار الدائمة الجريان:
نعني بهذه الأنهار تلك التي يستمر جريان الماء فيها طيلة العام وتسبب ظروف كثيرة حالة الجريان الدائم للأنهار منها:
أ‌-     تكون كمية التساقط كبيرة وموزعة توزيعا منتظما طيلة العام. كما في أنهار الأقاليم الإستوائية مثل الأمازون والكونغو ...الخ.
ب-ينبع النهر من بحيرة أو من عدة بحيرات أو يمر مجراه خلالها كما في النيل.
ج-ينبع النهر من نهايات الغطاءات الجليدية أو الثلاجات كما في نهري الدانوب والراين في قارة أوروبا.
* الأنهار المتقطعة:
وهي الأنهار التي تنقطع عنها مصادر المياه في فترات وتوجد هذه الأنهار على الأغلب في الأقاليم التي يكون التساقط فيها فصليا وتكون شائعة في الأقاليم شبه الجافة، وتنقسم هذه الأنهار بدورها إلى قسمين هما:
أ‌-     الأنهار المتقطعة التي تتغذى بواسطة الينابيع.
ب-الأنهار المتقطعة التي تتغذى من الجريان السطحي للماء.
ينقطع الجريان بالنسبة للحالة الأولى من الأنهار بسبب أنها لم تقم بتعميق وديانها إلى دون المستوى الدائم للماء الباطني ولذلك ينقطع تزويدها بالمياه الباطنية عندما يهبط مستوى الماء الباطني خلال الفترة الجافة من السنة وينقطع الجريان في حالة النوع الثاني عندما يتوقف التساقط في منطقة تغذية النهر لكونه ذا تساقط فصلي. ويصبح النهر فصليا أيضا إذا لم ينبع من مناطق مرتفعة تغطيها الثلوج أو أنه لا يمر في بحيرة أو ينبع منها.
* الأنهار الوقتية:
تظهر هذه الأنهار في المناطق الجافة وشبه الجافة، ولا يحدث أي جريان مائي فيها إلا عقب سقوط الأمطار على أحواض ووديان تلك الأنهار، ويعتمد مقدار طول الفترة التي تجري فيها المياه في مثل هذه الأنهار على كمية الأمطار الساقطة وعلى الفترة التي إستغرقتها عملية التساقط.

ثانيا: تصنيف الأنهار تبعا لنظمها:
نعني بنظام النهر أو رجيم النهر الطريقة أو الأسلوب الذي تتصرف بموجبه مياه النهر، أي الفترات التي تكون فيها كمية التصريف عالية في النهر (الفيضان) والفترات التي تنخفض فيها كمية ذلك التصريف (الصيهود) . وتصنف الأنهار تبعا لذلك إلى:
* الأنهار ذوات النظام البسيط:
ترتفع مناسيب المياه في النهر وتزداد كمية التصريف في هذا النوع في من النظام مرة واحدة في السنة ترتبط مع فترة التساقط الكبيرة أو مع فترة زيادة التجهيز المائي من منطقة التغذية. وتنخفض كمية التصريف وتهبط المناسيب للنهر في فترة معينة أخرى من السنة تتفق مع إنقطاع التساقط أو تناقصه وقلة كمية التجهيز المائي من منطقة التغذية.
* الأنهار ذوات النظام المزدوج:
يظهر على أنهار هذا النظام فترتان يرتفع فيهما منسوب المياه في النهر تحصران بينهما فترتين للمناسيب الواطئة والتصريف المائي القليل. وتعتبر الأنهار الإستوائية مثلا جيدا على هذه الحالة حيث توجد في المناخ الإستوائي قمتان للمطر تنفقان مع فترة تعامد الشمس على الأقاليم الإستوائية الأمر الذي يؤدي معه إلى رفع مناسيب المياه في الأنهار. وتنخفض تلك المناسيب في فترتي قلة المطر النسبية المحصورة بين هاتين القمتين، كما في نهري الأمزون والكونغو، ويمكن لهذه الحالة أن تحصل أيضا للأنهار التي تتزود بالماء من الأمطار الغزيرة في الخريف والشتاء ثم تقل الأمطار بنهاية الشتاء ويقل معها التصريف النهري. وتحدث زيادة ثانية للتصريف عندما ترتفع درجات الحرارة في بداية الفصل الحار وتؤدي إلى إذابة الثلوج المتجمعة في منطقة التغذية وتعتبر أنهار جنوب أوروبا التي  تنبع من جبال الألب خير الأمثلة على ذلك.
* النظام المركب:
عندما تكون مساحة حوض النهر كبيرة جدا بحيث يمكن أن تضم أنواعا متباينة من الأقاليم المناخية أو تشمل تضاريس متنوعة فإنه من غير المعقول أن يكون  نظام الجريان في كل أجزاء النهر الذي يصرف مياه ذلك الحوض متشابهة وتتبع نظاما واحد ولذلك يصبح نظام الجريان مركبا فيها، وتعتبر أنهار الميسيسيبي والدانوب أمثلة جيدة على ذلك. وتتصف هذه الأنهار بكثرة روافدها وتباعد المسافات بين تلك الروافد.

ثالثا: تصنيف الأنهار تبعا لمراتبها:
جرت محاولات عديدة لتصنيف الأنهار تبعا لمراتبها كان من بينها محاولة هورتون horton في سنة 1945، ومحاولة سترالر عام 1952 وشريف shreve سنة 1957 وشايدكر Scheidegger سنة 1965، تهدف كل تلك المحاولات إلى تصنيف الوديان النهرية تبعا لبدء تسلسلها في تكوين المجرى النهري. ولا تهدف عملية ترتيب المجاري النهرية إلى هذا فقط بل يمكن لها أن تعطي دليلا تقريبيا من كمية الجريان الذي يمكن أن يكون في شبكة نهرية معينة. حيث كلما زادت مرتبة النهر فإن من المتوقع أن تكون كمية المياه فيه كبيرة بسبب الروافد التي تغذيه.
يعتبر الدليل الذي وضعه هورتون أكثر تلك المحاولات بساطة حيث قام بتصنيف الأنهار إلى المراتب الآتية:
* أنهار المرتبة الأولى: وهي الأنهار التي ليس لها أية روافد.
* أنهار المرتبة الثانية: وهي الأنهار التي تصب فيها أنهار المرتبة الأولى فقط.
* أنهار المرتبة الثالثة: وتنشا هذه الأنهار من إرتباط الأنهار التي تعود إلى المرتبة الثانية. وتأتي بعد ذلك بقية المراتب بشكل متسلسل.

رابعا: تصنيف الأنهار تبعا لنمط التصريف:
تأخد شبكة التصريف النهري لأية منطقة شكلا خاصا يعرف بنمط التصريف وهو الوضع الذي تبدو فيه مجاري ووديان الأنهار عندما ترسم على خريطة تلك المنطقة، ومن الطبيعي أن لا يكون وضع الشبكة النهرية هذا إعتباطيا بل أنه يكون نتيجة للعلاقات بين نوعية المناخ السائد وطبيعة التضاريس وكذلك نوعية الصخور وبنيتها وبذلك أمكن تقسيم الأنماط النهرية إلى:
* نمط التعريف النهري الشجري:
يرتبط وجود هذا النمط من التصريف بالمناطق التي تكون صخورها متجانسة وتكون على الأغلب ذوات طبقات صخرية أفقية الإمتداد أو تميل ميلا بسيطا. كما ويتصف السطح فيها بأنه ذو تضاريس واطئة كان يكون سهلا أو سطح هضبة.
تبدو الأنهار في هذا النمط وكأنها تفرعات أغصان الأشجار وتختلف كثافة التفرع النهري في هذا التصريف تبعا لدرجة صلابة الصخور ومساميتها وكذلك نوعية المناخ إذ تزداد كثافة التفرع كلما كانت الصخور ذوات صلابة قليلة كما هي الحالة في الصخور الرسوبية في حين يقل التفريغ في المناطق الصخور النارية الصلبة المقاومة. ونزيد درجة التفرع أيضا مع زيادة كمية التساقط وتقل بقلته.
* نمط التصريف المستطيل (المتعامد):
تعتبر المفاصل مناطق ضعف في التكوين الصخري لأية منطقة من المناطق. حيث تحاول الوديان النهرية أن تثبت إمتداداتها فوق مناطق الضعف تلك. ويحدث أن تأخد المفاصل في المنطقة نظاما متعامدا ينعكس بدوره على شكل التصريف حيث تلتقي الأنهار مع بعضها بزاوية قائمة تقريبا.
* نمط التصريف التكعيبي:
يتطور نمط التصريف النهري التكعيبي فوق المناطق ذوات البنيات الإلتوائية التي تكون في مرحلة النضج من الدورة الجيومورفولوجية. حيث تثبت الوديان النهرية الرئيسية نفسها فوق المناطق الصخرية اللينة، وتتصل بهذه الوديان روافد عديدة بشكل متعامد تقريبا ويكون بعضها موافقا في إتجاهه مع إتجاه الميل الأصلي للصخور ويكون البعض الآخر معاكسا لإتجاه ذلك الميل.
* نمط التصريف النهري المدور:
يرتبط بوجود هذا النمط فوق الجهات التي تكون بنياتها قبابية وفي مرحلة النضج من الدورة الجيومورفية حيث تتعاقب الطبقات الصخرية المختلفة في درجة الصلابة وتحيط كلها بالمركز الذي يتكون من صخور نارية متبلورة. تثبت الأنهار الرئيسية وديانها فوق مناطق الصخور اللينة الدائرية الإمتداد وتلتقي بها روافد تنبع من الحافات المرتفعة التي تمثل الصخور الأكثر صلابة.

* نمط التصريف النهري الإشعاعي:
يتمثل هذا النمط من التصريف فوق أنواع مختلفة من التضاريس إذ يظهر فوق المخاريط البركانية وفوق القباب التي تكون في مرحلة الشباب وكذلك على الدلتاوات والدالات المروحية. وتتباعد خطوط التصريف عن بعضها كلما ابتعدنا عن نقطة مركزية مرتفعة.
توجد بالإضافة إلى ما تقدم من أنماط التصريف أنماط أخرى ذوات صبغة محلية على الأغلب مثل التصريف المركزي حيث تلتقي خطوط التصريف مع بعضها في منخفض مركزي كما في مناطق الحفر البالوعية والفوهات البركانية وبقية الأشكال الحوضية ونمط التصريف المتوازي الذي يوجد في العادة في المناطق التي تمتد فيها المجاري النهرية على شكل مسافات منتظمة أو بشكل متواز كما في مناطق الركام الجليدي.

خامسا: تصنيف الأنهار تبعا لنشأتها:
تصنف الأنهار تبعا لنشأتها وطبيعة العلاقة بينها وبين ميل الطبقات الصخرية التي تجري عليها إلى:
* الأنهار التابعة:
نعني بها الأنهار التي تتبع في اتجاه جريانها الميل الأصلي للصخور في الإقليم، ترجع معظم أنهار الأرض إلى هذا النوع. وتظهر الأنهار التابعة فوق كل الأشكال الأرضية التي تكونت لتوها كأن تكون جبلا بركانيا.
* الأنهار التالية:
يطلق على هذه الأنهار إسم أنهار المضارب لأن إمتدادها العام يكون مع إتجاه مضارب الطبقات الصخرية وتثبت هذه الأنهار وديانها فوق الطبقات اللينة نسبيا، ولذلك تتميز تلك الوديان بأنها عميقة بسبب شدة تأثير التعرية الراسية  أو العمودية فيها. وتحيط بتلك الوديان حافات جبلية مرتفعة تتكون من الطبقات الصخرية الأكثر صلابة تعرف بظهور الحلوف أو الكويستا، تكون الأنهار التالية روافد للأنهار التابعة على الأغلب.
* الأنهار العكسية:
وتعني الأنهار التي تجري باتجاه معاكس لاتجاه ميل الطبقات الصخرية أي عكس إتجاه جريان الماء في الأنهار التابعة الموجودة في الإقليم. وتتصف وديان هذه الأنهار بأنها قصيرة وذوات درجة إنحدار شديدة ولا تكون عميقة لأنها تجري فوق التكوينات الصخرية الصلبة عادة وتعتبر الأنهار العكسية روافد للأنهار التالية على الأغلب.
* الأنهار الحديثة:
يطلق على الأنهار التي تجري مع اتجاه الميل للطبقات الصخرية عادة إسم الأنهار الحديثة، تجري تلك الأنهار مع إتجاه جريان الأنهار التابعة وتختلف عنها في أنها أنهار نشأت بعد نشوء الأنهار التابعة وتكون الأنهار الحديثة روافد للأنهار التالية على الأكثر.
* الأنهار العشوائية:
وهي الأنهار التي لا يمكن أن نجد سببا مقنعا لتحديد مجراها إذ أنها لا تتبع ترتيب البنية الصخرية كما أنها لا تجري باتجاه الميل للطبقات، غير أنها تجري في كل إتجاه مناسب ويكون نمط التصريف النهري المرتبط معها شجريا.
تعتبر الأنواع الخمسة السابقة أكثر أنواع الأنهار من حيث النشأة شيوعا غير أن هناك أنهار أخرى تعرضت وديانها لعمليات باطنية أعطتها صفات نشأة خاصة بها وهي:
أ‌-     النهر السالف: يحدث في بعض الحالات أن ينحرف مجرى النهر بعد أن كان قد طور مجراه بشكل جيد نتيجة للحركات الأرضية أو بسبب الطفوح البركانية أو إنكشاف التكوينات الصخرية النارية الباطنية. يطلق على النهر إسم النهر السالف إذا كان من القوة بمكان يجعل في مقدوره البقاء في مجراه رغم قوى الإنحراف التي يفترض أن تكون بطيئة جدا، وتكون مثل هذه الأنهار ومجاريها غير منسجمة مع المنحدرات المجاورة لها.
ب-النهر المنطبع:
 يقوم النهر بعملية تعميق لواديه ضمن تكوينات صخرية معينة وضمن بنية معينة 
أيضا. وتستطيع الأنهار في بعض الحالات ومع إستمرار عملية التعرية هذه أن تكشف تكوينات صخرية مطمورة تختلف كثيرا في تكوينها وفي بنيتها، ولذلك تجد الأنهار نفسها وهي واقعة في أماكن غير مناسبة كأن تكون على قمة أو على جوانب إلتواء محدب شديد أو أنهار تعبر صخورا ذات صلابة كبيرة كان من الممكن أن تتحاشاها في ظروف التصريف الإعتيادية. ومما يساعد على سرعة كشف تلك التكوينات من قبل النهر المنطبع تعرضه إلى حالة إعادة الشباب، حيث تقوم الأنهار بعد ذلك بتسوية الإقليم مع بقاء التكوينات الصلبة أكثر إرتفاعا عن المستوى العام له وتكون وديانها ضيقة وعميقة عند عبورها لتلك الصخور المقاومة. تكون معظم هذه الأنهار غير منسجمة تماما مع البنيات المحيطة بها ويصعب تمييزها كثيرا عن الأنهار السالفة. 

المصدر: د:بن عباس شوقي

          لتحميل البحث بالكامل
        بصيغة word 

 رابط التحميل


شارك المقال لتنفع به غيرك

إرسال تعليق

0 تعليقات

3832018391793669111
https://www.merefa2000.com/